فلسطين

جرحى «المعمداني» هكذا أُخرجنا على عجل

جرحى «المعمداني» هكذا أُخرجنا على عجل

حنين حمدونة ومحمد عيسى

غزة –  في خطوة جديدة نحو الإجهاز الكامل على ما تبقى من القطاع الطبي في غزة، دمّر جيش الاحتلال الإسرائيلي آخر مستشفى كان لا يزال يقدم خدماته في شمال القطاع، وهو «المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)» جنوب مدينة غزة.
جاء ذلك بعد سلسلة من الاعتداءات التي شملت حرق وتدمير مستشفى الشفاء، ومستشفى كمال عدوان، وتفجير مستشفى الصداقة التركي، إلى جانب توقف معظم العيادات التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ولمن لا يرى المشهد من أرض غزة، يكفي أن يتخيل الصورة التالية: جريح يُنتشل من تحت ركام منزله، يعاني من تهتك حاد في ساقه، يُنقل بسرعة إلى المستشفى الوحيد المتبقي، فلا يجد بنك دم يعوّض ما فقده، ولا مختبرًا لفحص فصيلة دمه، ولا غرفة عمليات قادرة على إنقاذ حياته عبر بتر الطرف المصاب. النتيجة؟ إصابة كانت قابلة للعلاج، تتحول إلى قاتلة فقط لأن البنية الصحية لم تعد موجودة بسبب الاستهداف المتعمد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
فجر الأحد، حذر جيش الاحتلال إدارة المستشفى أنه سيتم استهدافه، ما دفع أهالي المرضى إلى إخلاء مرضاهم عبر جرّهم على الأسرة إلى الطرقات، دون أن يعلموا إلى أين يذهبون، يسيرون باتجاه المجهول.

«أُخرجت على سريري»

تقول هنا الحوراني (24 عامًا)، التي كانت تتلقى علاجها في المستشفى المعمداني، لـ»القدس العربي»: «كنت نائمة واستيقظت على صوت الصراخ. كان الأطباء يصرخون لإيقاظ المرضى بأسرع وقت ممكن لإخلاء المستشفى، وبالفعل استيقظت أنا وأختي، وجاء خالي وسحبني على سريري إلى الطريق، لأنني لا أستطيع السير بسبب إصابة في ساقي. وأثناء خروجنا إلى الشارع، تم قصف المستشفى». وأوضحت أنهم لم يكونوا يعلمون إلى أين يتوجهون، وفي نهاية المطاف لجأوا إلى جمعية الهلال الأحمر لعدم وجود مستشفى آخر لتلقي العلاج.

جريمة مكتملة: الاحتلال دمر المستشفى الأخير شمال غزة

أما سامي الحرازيني (20 عامًا)، الذي أُصيب برأسه نتيجة استهداف قريب منه، فقال لـ»القدس العربي» «تم تحذير المكان، وخلال دقائق توجّب علينا الركض مسرعين لإخلاء المستشفى، على الرغم من إصابتي في رأسي، والتي تسببت في سيلان السائل الدماغي. لم يكن بالإمكان مغادرة المستشفى دون جهاز لسحب السائل، وها أنا الآن أنتظر العودة للمستشفى المعمداني مرة أخرى».
بدوره، قال خطاب خالد السلك (29 عاما) «أصبت برصاصة من طائرة «الكواد كابتر» في يدي، وأتلقى علاجا مؤقتا في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي الميداني. يوم الاستهداف، فوجئنا بوجوب إخلاء المستشفى. وما إن خرجنا إلى شارع عمر المختار حتى تم استهداف المستشفى، واضطررنا إلى التوجه للمستشفى الميداني».
وأضاف: «نحن نعاني من نقص حاد في الأدوية، ومع ذلك تتم ملاحقتنا وقتلنا في بيوتنا وحتى في المستشفيات».

خرج عن الخدمة كليًا

وقال المنسق الإداري للمستشفى المعمداني، موسى عياد: «في يوم 13 إبريل/نيسان، تم قصف مختبر الجينات، والعيادات الخارجية، والاستقبال والطوارئ، والصيدلية، وقسم الأشعة، والمختبر، وبنك الدم، ما أدى إلى تعطل المستشفى وخروجه عن الخدمة. هذا المستشفى كان يقدم خدماته بشكل رئيسي لمدينة غزة، حيث يختص بجراحات العظام والأوعية الدموية والتجميل، وقد توقفت كل هذه الخدمات نتيجة القصف».
وأضاف أن القائمين على المستشفى العربي الأهلي (المعمداني) يسعون جاهدين من خلال شركائهم للمساهمة في إنقاذ ما تبقى من المستشفى لاستئناف تقديم الخدمات لآلاف الفلسطينيين.

لا جثامين ولا مختبرات جينية

ويكابد أهالي المفقودين في قطاع غزة للتعرف على جثامين أبنائهم نتيجة نقص المختبرات الجينية، حيث لا يزال نحو خمسة عشر ألف مفقود غير معروف مصيرهم، إما تحللت جثامينهم، أو تفتتت، أو فُقدوا دون أثر.
وفي بيان رسمي صدر يوم الأحد، فنّد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي حول استهداف المستشفى المعمداني في مدينة غزة، واصفًا الرواية الإسرائيلية بـ»الكاذبة والمختلقة»، ومؤكدًا أن ما جرى هو «جريمة موثقة ومكتملة الأركان».
وأكد المكتب في بيانه أن المزاعم التي تروج لها إسرائيل بشأن وجود نشاط عسكري داخل المستشفى تأتي في إطار ما وصفه بـ «سياسة التضليل الإعلامي» التي يعتمدها الاحتلال لتبرير استهدافه المتكرر للمدنيين والمنشآت الطبية.
وجاء في البيان: «نستنكر بشدة الادعاءات الباطلة التي أطلقها جيش الاحتلال لتبرير جريمته النكراء بقصف المستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة»، مضيفًا أن «هذه المزاعم لا تعدو كونها محاولة يائسة للتغطية على جريمة ارتُكبت بحق منشأة طبية مدنية، تخضع للحماية بموجب القانون الدولي».

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب