الصفدي في دمشق لتنسيق «ترتيبات الجنوب»: تركيا تتفاخر بسطوتها على سوريا

الصفدي في دمشق لتنسيق «ترتيبات الجنوب»: تركيا تتفاخر بسطوتها على سوريا
في زيارة تأتي بعد التغييرات الجذرية التي شهدها الجنوب السوري، إثر إعلان أكبر فصيل فيه («اللواء الثامن الذي كان يقوده أحمد العودة) حلّ نفسه بالتزامن مع زيارة كان يجريها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى الإمارات، الداعم الأبرز لهذا الفصيل، زار وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، العاصمة السورية، حيث التقى نظيره السوري، أسعد الشيباني، والشرع الذي سلّمه رسالة من العاهل الأردني، عبدالله الثاني.
وتأتي زيارة الصفدي، الذي احتضنت بلاده اجتماعاً دولياً كبيراً، عقب سقوط نظام بشار الأسد (اجتماع القبة)، لتنسيق المواقف، ومواجهة النفوذ التركي غير المسبوق في سوريا ، إلى دمشق، في زيارته الثانية من نوعها منذ سقوط نظام الأسد، بعد سلسلة تغييرات كبيرة شهدتها الساحة السورية، آخرها تشكيل تحالف إقليمي يضم سوريا وجوارها (الأردن والعراق ولبنان وتركيا)، بعد اجتماع استضافه الأردن بقيادة تركيا، تحت مسمى «محاربة الإرهاب»، و«وضع حد للتهديدات الإسرائيلية»، إلى جانب الانخراط في جملة من المشاريع المشتركة مع دمشق، أبرزها إمكانية استعادة الدور الاقتصادي البارز للبلدين باعتبارهما معبراً برياً للتبادل التجاري بين دول الخليج من جهة، وأوروبا (عبر تركيا) من جهة أخرى.
ويجيء ذلك وسط حديث متواصل حول إمكانية توسيع الدور الأردني في المجال النفطي بعد انضمام سوريا إلى المشاريع المصرية والعراقية والقطرية أيضاً، لتصدير النفط والغاز نحو أوروبا، عبر تركيا أيضاً، التي باتت تلعب دوراً محورياً في سوق الطاقة العالمي، إثر الأزمة التي تسببت بها الحرب الروسية على أوكرانيا.
وأشار الشيباني، في منشور له على منصة «إكس» إلى أن النقاش مع الصفدي «كان مثمراً»، متابعاً «(أننا) نؤمن أن تعزيز التعاون السوري الأردني يصبّ في مصلحة شعبينا ويساهم في استقرار منطقتنا وازدهارها». وفي بيان مشترك، أعلن وزيرا الخارجية الاتفاق على تشكيل مجلس تنسيق أعلى يشمل في عضويته قطاعات متعددة من بينها الطاقة والصحة والصناعة والتجارة والنقل والزراعة والمياه وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والتعليم والسياحة، على أن يعقد المجلس أول اجتماعاته خلال الأسابيع القادمة. كما بحث الوزيران الخطوات اللازمة لتفعيل مخرجات مؤتمر سوريا ودول الجوار لمحاربة «داعش» الذي استضافته المملكة. وبحسب البيان، أكّد الصفدي ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على سوريا واحتلال جزء من أراضيها، باعتبارها خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وانتهاكاً لـ«اتفاقية فضّ الاشباك» الموقّعة عام 1974.
وتزامنت زيارة الصفدي مع إعادة تأهيل معبر نصيب (جابر) الحدودي الوحيد بين البلدين، ومع حملة أمنية أطلقتها قوى الأمن التابعة للإدارة السورية لجمع الأسلحة وملاحقة بعض المطلوبين في الجنوب السوري، الذي أصبح تحت سيطرة الإدارة بعد حل «اللواء الثامن»، وتسليم أسلحته لوزارة الدفاع، في خطوة تضع نهاية لتعقيدات درعا، التي كانت تُعتبر من أبرز عقد الأزمة السورية.
في غضون ذلك، أثارت تصريحات عديدة أطلقها وزراء من الحكومة التركية ردود أفعال واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الشارع السوري، بعد أن تناول الوزراء سوريا باعتبارها جزءاً من مهامهم. وجاءت التصريحات التي أطلقها وزراء الخارجية، حاقان فيدان، والداخلية، علي يرلي كايا، والتجارة، عمر بولات، الذي زار دمشق أخيراً، متزامنة، وحملت في مضمونها إعلاناً غير مباشر عن سطوة أنقرة على الملف السوري، إذ أعلن فيدان أنه لن يكون هناك أي نظام فيدرالي في سوريا، في ردٍّ على المساعي الكردية التي ظهرت أخيراً في هذا الاتجاه، وقال إن بلاده «لن تسمح بوجود أي هيكل مسلح خارج إطار الجيش السوري»، موجّهاً الدعوة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) إلى إلقاء سلاحها والاندماج في الجيش السوري.
وفي وقت يمكن فيه اعتبار تصريحات فيدان مرتبطة بالشأن التركي، وسط مخاوف أنقرة من تنامي الحراك الكردي قرب حدودها الجنوبية، جاءت تصريحات وزير الداخلية مفاجئة، إذ ما تم تداوله أخيراً حول وجود خطة لتوطين الفلسطينيين في مخيمات شمال سوريا، في حين أعاد وزير التجارة التأكيد على أن بلاده «ستبذل قصارى جهدها من أجل بناء سوريا حرة وجديدة».
بدوره، استغل أمير قطر، تميم بن حمد، زيارته إلى موسكو، حيث التقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لمناقشة الملف السوري، الذي تلعب فيه الدوحة دوراً بارزاً عقب سقوط الأسد. وقال إن سوريا «تمر بمرحلة صعبة ويتعيّن علينا دعم السلطات الجديدة، لأجل ضمان وحدة أراضيها وسيادتها»، وتابع أنه ناقش مع الشرع، الذي زار الدوحة قبل يومين «العلاقات التاريخية» بين روسيا وسوريا، والتي «كانت وما زالت ذات طابع استراتيجي». كما أكّد، وفق الكرملين، أن الشرع عازم على مواصلة التعاون والتفاعل المبنييْن على «الاحترام المتبادل ومصالح الشعبين».
وتأتي التصريحات القطرية التي تسعى لتوسيع قنوات التواصل بين موسكو ودمشق، بعد نجاحها في تمتين العلاقات السورية – العراقية، خلال لقاء أجراه الشرع مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في الدوحة، قبل يومين، والذي تبعه إعلان بغداد توجيه الدعوة للشرع للمشاركة في القمة العربية المُزمع عقدها في بغداد الشهر المقبل. ومن جانبه، أعرب بوتين عن رغبته في تقديم الدعم للشعب السوري، مشيراً إلى مشاكل اقتصادية وسياسية وأمنية في سوريا، وقال «(إننا) نبذل قصارى جهدنا لضمان أن تظل سوريا دولة ذات سيادة ومستقلة وموحّدة».