تحقيقات وتقارير

ماذا بعد تصريحات ويتكوف الأخيرة؟

ماذا بعد تصريحات ويتكوف الأخيرة؟

في تصريح لا يعكس حجم الانقسام والتناقض داخل فريق الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل يعكس ايضا حجم التناقض الموجود داخل الشخصية الواحدة في هذا الفريق، هو ما قاله المبعوث الامريكي للشرق الاوسط ستيف ويتكوف عن “وجوب أن توقف إيران نشاطات تخصيب اليورانيوم في إطار أي اتفاق بشأن برنامجها النووي”!

 

المعروف، حتى لدى الامريكيين، ان الفريق الامني لترامب منقسم بالطول والعرض، بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الايراني والذي يعكس يعكس تخبطا في الرؤية الأميركية تجاه إيران. فهناك ، كما يتحدث الاعلام الامريكي، جناحان في هذا الفريق، الاول يمثله نائب رئيس الامريكي جي دي فانس ويضم وزير الدفاع بيت هيغسيث، وستيف ويتكوف، وهو جناح يفضل المسار الدبلوماسي للوصول الى حلول للبرنامج النووي الايراني، فجميع الخيارات الاخرى، من وجهة نظر هذا الجناح، غير ناجعة. وجناح يضم وزير الخارجية ماركو روبيو ، ومايك والتز مستشار الامن القومي الامريكي، ويعتقد هذا الجناح ان افضل طريق في التعامل مع ايران هو استخدام القوة العسكرية، ولكن جناح من هذين الجناحين انصار في الدول الامريكية.

يبدو انه رغم وجود هذا الانقسام الحاد في الفريق الامني الامريكي الا ان تطورات الاحداث خلال الاسبوعين الماضيين، كشفت ان كفة جناح الداعين للتوصل الى اتفاق نووي مع ايران، داخل الادارة الامريكية هو الارجح، ليس فقط بسبب تصريحات ويتكوف السابقة، ومن بعده ترامب وقبلهما تصريحات دي فانس، بل لان الوقائع على الارض هي التي فرضت نفسها على الادارة الامريكية، وهي وقائع تجعل الخيار العسكري اقرب الى الكارثة بالنسبة لامريكا وحليفته “اسرائيل” وللمصالح الامريكية في المنطقة، بل وحتى للاقتصاد العالمي.

كيف نفسر اذا انقلاب ويتكوف على نفسه، عندما ناقض تصريحاته التي اطلقها قبل يوم واحد فقط والتي دعا فيها الى ان تحتفظ ايران بحقها بتخصيب اليورانيوم في حدود معينة، في مقابل نظام مراقبة مشدد، يرصد البرنامج النووي الايراني، الا انه في اليوم التالي خرج علينا بتصريح جديد دعا فيه ايران ان توقف التخصيب بشكل كامل؟.

من الواضح ان هذا التناقض رغم انه يعكس التخبط والفوضى في داخل الفريق الامني الامريكي، الذي يفتقر اغلب اعضائه الى التجربة الكافية، فمنهم سمسار عقارات ومنهم من كان مقدم برنامج تلفزيونية و..، الا انه يمكن وضعه في خانة تاثيرات “السلوكيات الترامبية”، سيما ان ويتكوف قال في تصريحه الاخير ان الاتفاق يجب ان يكون ترامبيا!، اي يجب ان تسبقه حملة تهديدات، التي تعتبر ضرورية لارضاء شخصية ترامب غير المتزنة.

 

اللافت انه في مقابل هذا الانقسام الأميركي الداخلي، هناك موقف ايراني ثابت وهادىء، لا يتأثر لا بتهديد ويتكوف ولا بمديحه، حيث اعلن وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي انه في حال واصل الطرف الأميركي تصريحاته المتناقضة فإن الظروف ستزيد صعوبة. الا انه، وكما يبدو، اخذ هذه التصريحات في سياق تاثيرات السلوكيات الترامبية، عندما قال “سنعرف وجهات النظر الحقيقية للجانب الأميركي خلال المفاوضات”، الا انه شدد على “حق الجمهورية الإسلامية في تخصيب اليورانيوم”، واصفا هذا الحق بانه “أمر غير قابل للتفاوض”.

ودعا عراقجي بطريقة غير مباشرة، المسؤولين الامريكيين الى الاتفاق على وجهة نظر واحدة وتجنب التصريحات المستفزة، عندما قال انه يمكن “بدء الحوار بشأن إطار لاتفاق محتمل إذا جاء الطرف الأميركي بمواقف بناءة، ولكن إذا كانت المواقف متناقضة فيما بينهم، فإن التوصل إلى الاتفاق يظل بعيدا عن التحقق”.

ولم ينس ان يذكر الامريكيين بأن الايرانيين مستعدون” لبناء الثقة بشأن المخاوف المحتملة، وإذا كانت المحادثات في أجواء متكافئة يسودها الاحترام فإنها يمكن أن تمضي قدماً، ولكن لا يمكن للأميركي أن يحقق أي شيء عبر الضغوط”.

قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد على خامنئي، كان قد وضع امس النقاط على حروف الموقف الايراني الواضح والصريح من المفاوضات غير المباشرة مع امريكا ، دون ادنى اعتناء لا بتهديدات ترامب وصقور فريقه، ولا بمديح حمائم هذا الفريق، عندما قال سماحته وبشكل واضح وصريح ان “محادثات عُمان تعد واحدة من عشرات المهمات التي تقوم بها وزارة الخارجية” ولا يجب ربط قضايا البلاد بها.

واضاف ” أننا لسنا متفائلين بشكل مفرط، ولا متشائمين بشكل مفرط بشأن هذه المحادثات.. وان الخطوط الحمر واضحة للطرفين، وينبغي مواصلة المحادثات التي من الممكن أن تصل إلى نتيجة ومن الممكن أن لا تصل”. كما لم ينس سماحته ان يذكر الجميع بقوله “بالتأكيد نحن متشائمون جدا حيال الطرف الآخر، فنحن نعرفه جيدا، لكننا متفائلون حيال قدراتنا الذاتية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب