اتفاق على «أمن إسرائيل» | الشرع يفاوض واشنطن: المقاتلون الأجانب مِنّا

اتفاق على «أمن إسرائيل» | الشرع يفاوض واشنطن: المقاتلون الأجانب مِنّا
في خضمّ المحاولات المستمرة من الإدارة السورية الجديدة لاستمالة انفتاح أميركي عليها، وما قابل ذلك من «دفتر شروط» أميركي ردّ عليه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خطياً، خرج الأخير في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، ليؤكّد موقفه من هذه الشروط، والتي أبدت دمشق موافقتها على معظمها، بينما بقي الجدل قائماً، في ما يبدو، حول مصير المقاتلين الأجانب الموجودين في سوريا، والذين تطالب واشنطن بإخراجهم، وإبعادهم عن المناصب القيادية.
وفي تصريحاته الجديدة، حاول الشرع الالتفاف على الحديث عن مضمون الردّ السوري على قائمة الشروط تلك، وأشار إلى أن بعضها «بحاجة إلى مناقشة أو تعديل قبل المضي في أي اتفاق محتمل»، مؤكداً عزمه العمل على منح الجنسية السورية لمقاتلين أجانب مقيمين في البلاد منذ سنوات، خاصة المتزوجين من سوريات، والذين شاركوا في القتال ضد النظام. كما أكّد أنه لن يسمح باستخدام الأراضي السورية لـ«تهديد» أي دولة، مضيفاً أن التزام سوريا بهذا المبدأ بدأ حتى قبل وصول حكومته إلى دمشق، مطالباً الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على بلاده، باعتبار أنها فُرضت على النظام الذي سقط.
ويأتي الحديث عن المقاتلين الأجانب ورغبة الشرع في منحهم الجنسية السورية، بعد أيام قليلة من القبض على قياديَّيْن في «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، في إطار حملة تضييق مستمرة على نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي يمثّل طردها أحد الشروط الأميركية. ومن شأن ذلك أن يرسم ملامح سوريا الجديدة التي يحاول الشرع بناءها، والتي ترفض الفلسطينيين وتضيّق الحصار على نشاطهم، وتمدّ ذراعيها لمقاتلين أجانب، سيصبحون في ما بعد «سوريين».
يكشف توقيت زيارة الحنيطي إلى دمشق عن تنسيق بين الأردن والأخيرة حول جماعة «الإخوان المسلمين»
وبالتزامن مع تصريحات الشرع، كشف عضو الكونغرس الأميركي، كوري ميلز، الذي زار سوريا قبل أيام بصحبة النائب الأميركي مارلين ستوتزمان، في إطار «جولة استكشافية» أجرى خلالها لقاء بالرئيس الانتقالي، أن الحوار تناول ملفات عديدة، من بينها العلاقات مع إسرائيل، والتي أبدى الشرع رغبته في عقد «اتفاقية سلام» موسّعة معها، مؤكداً حرصه على أن لا تشكّل بلاده أي تهديدات لـ«دول الجوار»، وفقاً لميلز.
ويأتي هذا في ظلّ تكثيف المساعي السورية لتوسيع العلاقات مع الولايات المتحدة – التي كانت أعلنت رفضها الاعتراف بالحكومة الجديدة -، والمشفوعة بوساطة من السعودية التي تتطلع إلى تعزيز حضورها في الملف السوري، ودفع من تركيا، المؤثّر الأبرز في هذا الملف، الأمر الذي أثمر منح تأشيرة لوزير المالية السوري، محمد يسر برنية، وحاكم «مصرف سوريا المركزي»، عبد القادر حصرية، لدخول الولايات المتحدة، والمشاركة في اجتماعات الربيع لـ«البنك الدولي» و«صندوق النقد الدولي».
وبناءً على طلب دمشق، عيّن «الصندوق» الهولندي رون فان رودن رئيساً لبعثته إلى سوريا، واصفاً القرار بأنه يمثّل مرحلة جديدة من التعاون بينه وبين دمشق؛ علماً أن هذه الخطوة تندرج على ما يبدو في إطار الانفتاح على المؤسسات الدولية، وتعزيز مساعي الانتقال بالبلاد نحو الاقتصاد الليبرالي.
في غضون ذلك، وصل رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، إلى العاصمة السورية، حيث التقى وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في وقت استثمر فيه وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الاجتماع الوزاري العربي المنعقد في القاهرة، والذي يشارك فيه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، للمرة الأولى، لتأكيد دعم بلاده الكامل لجهود دمشق في إعادة الإعمار والتصدّي للإرهاب. وبينما لم يتم الكشف عن الملفات التي جاء الحنيطي لمناقشتها، يكشف توقيت الزيارة التي جاءت بعد إعلان الأردن حظر جماعة «الإخوان المسلمين»، عن تنسيق بين البلدين في هذا الإطار، حيث تسود مخاوف من تحوّل نشاط «الإخوان» نحو سوريا، التي لم تسمح السلطات الجديدة فيها للجماعة باستعادة نشاطاتها، وتدور أنباء عن اتخاذ رئيسها قراراً بمنع استعادة ذلك النشاط.
كذلك، تأتي هذه الزيارة بعد حملة التضييق المستمرة التي تشنّها السلطات السورية ضدّ فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي تخشى المملكة انتقال نشاطها إلى أراضيها. وإذ تكشف تلك المؤشرات عن ارتفاع كبير في مستوى التعاون بين عمّان، التي كانت متشكّكة إزاء حكومة الشرع، والسلطات في دمشق التي تسعى جاهدة لتثبيت نفسها، فإن توسيع قنوات التواصل مع جميع القوى الإقليمية، ضمن الإطار الذي أعلنه الشرع، يبدو واضحاً أنه يستهدف «تحييد» سوريا عن أي صراعات إقليمية، بما فيها الصراع مع إسرائيل، التي احتلّت مساحات واسعة من الجنوب السوري، ومنعت السلطات السورية من أي تمركز عسكري جنوبي البلاد.