منوعات

فرنسا، فرنسا… ها قد وصلنا إلى الحضيض!

فرنسا، فرنسا… ها قد وصلنا إلى الحضيض!

رشيد وحتي

استجوبت الشرطة القضائية الفرنسية، قبل أسبوع، النائبة الأوروبية ذات الأصول الفلسطينية عن حزب «فرنسا الأبية»، ريما حسن، على خلفية دعم أهالي غزة ونشرها قصيدة لمحمود درويش!

وكان بوسع ريما حسن مبارَك (مواليد «مخيم النيرب» في حلب عام 1992) أن تُشْهِرَ حصانتها البرلمانية في وجه استدعائها من قِبَل الشرطة القضائية الفرنسية، لكنها فضَّلت الاستجابة لاستدعائها.

على مدى إحدى عشرة ساعة ونصف ساعة متواصلة، استُجوبت المحامية المدرَّبة فطرياً وسياسياً على صياغة ما تقوله بدقّة متناهية، حول الكلمات التي اختارَتها للتعبير عن دعمها لغزة، في حين تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلية شنّ حرب إبادة مستمرة في القطاع والضفة الغربية.

ووفقاً لما كشفته ريما حسن على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد جاء ذلك عقب جلسة استماع أولى عُقدت في نيسان (أبريل) 2024. علماً أنّه على مدى أشهر عدة، صدرت استدعاءات عدة لأشخاص (ناشطين سياسيين، ونقابيين، وحقوقيين) بتهمة الترويج لـ «الإرهاب» في سياق التنديد بالإبادة التي تقودها إسرائيل.

رفعت بطاقة معاداة السامية كالعادة بين سلّة التهم الموجّهة إلى حسن

وسئلت ريما حسن للمرة الأولى عن إحدى تغريداتها التي كتبتها قبل عام، ودعت فيها الناس إلى الحضور والتظاهر في «معهد العلوم السياسية» في باريس دعماً لفلسطين، مؤكدة فيها على أنّ «وقت الانتفاضة قد حان». وأشارت النائبة الأوروبية بعد مغادرتها مقر الشرطة: «كان الأمر في الأساس نقاشاً دلالياً قائماً على الشكوك»، موضِّحة أنها سُئلت عما إذا كانت تدعو إلى «ثورة أم تمرد».

حادثة «الأيدي الحمراء»

سعت الشرطة بعد ذلك إلى تحديد ما إذا كانت مرتبطة بأي شكل من الأشكال بما صار يطلق عليه في الصحافة الفرنسية «حادثة الأيدي الحمراء». وكان طلاب «معهد العلوم السياسية» قد أظهروا بالفعل أيديهم الملطّخة بالطلاء الأحمر، للتنديد بكلِّ من «أيديهم ملطّخة بالدماء» كما أعلنوا في ذلك الوقت، في إشارة إلى الساسة الصهاينة وداعميهم الغربيين في حرب الإبادة التي تخاض ضد الفلسطينيين، وكانوا اتُّهموا ساعتئذ بتبنّي رمز معادٍ للسامية.

وتوضِّح المحامية رمزية كلّ ما تتبناه: «الأيادي الحمراء مرجعٌ ورمزٌ مهم في النشاط المناهض للحرب وفي إدانة الجرائم المرتكَبة. وقد استُخدم بشكلٍ ملحوظ في عهد بينوشيه الدكتاتوري في تشيلي».

تلفيق تهمة تهديد بالقتل!

أما القضية الثانية التي تم الاستماع إليها بشأنها في 17 نيسان (أبريل)، فهي تغريدة اعتبرها البرلماني فرنسوا كزافييه بيلمي تهديداً له بالقتل. بينما كانت ريما حسن تأمل في تعيينها نائبةً لرئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، فعل النائب الجمهوري كل ما في وسعه لمنعها من ذلك.

كتبت ريما حسن آنذاك: «لن يدوم هذا الوضع طويلاً». وبررت ذلك أثناء جلسة الاستنطاق قائلةً: «كنتُ أشير بالطبع إلى أنهم لن يرتاح ضميرهم بالدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه».

وقد أظهرت الناشطة الفرنسية الفلسطينية تعاوناً خاصاً، رغم ما تعتبره مضايقات قضائية ضدها، على وجه التحديد لأنها تحتفظ بثقتها بالنظام القضائي الفرنسي، وفقاً لتصريحات محاميها فانسان برينغارث الذي يرى أنّ «شدة هذه الإجراءات تشهد على تجريم الدعم لفلسطين».

وتؤكد ريما حسن أنّ «القضية الفلسطينية تشكّل أكثر من أي وقت مضى اختباراً لديموقراطياتنا وفعالية حقوقنا». ولم تنتهِ قضيتها مع نظام العدالة بعد، إذ لا يزال يتعين استجوابها في أربع قضايا تتعلق أيضاً بدعمها لفلسطين.

وقد طُلب من ريما حسن، في جلسة الاستماع نفسها، أن تشرح نشرها قصيدة محمود درويش «بطاقة هوية»، لأن المقطع الأخير منها كان بحسب تعبير جهاز الشرطة «عنيفاً ومهدِّداً» جداً، ما دفعها رفعاً للتحدي إلى نشره مجدداً على صفحتها في منصة X.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب