عربي دولي

دمشق تلوّح بالخيار العسكري: المسألة الكردية (لم) تجد حلولها

دمشق تلوّح بالخيار العسكري: المسألة الكردية (لم) تجد حلولها

لم تكد الأحزاب الكردية تنهي أعمال «المؤتمر القومي» الذي انعقد في مدينة القامشلي السورية، حتى توالت ردود الفعل على الوثيقة المنبثقة منه، وسط اتهامات لتلك الأحزاب بمحاولة تغيير الواقع التاريخي والاجتماعي لمحافظة الحسكة، وتحويلها إلى منطقة كردية صرفة. وفي المقابل، قلّل آخرون من أهمية تلك المخاوف، معتبرين أن في الخطوة فرصة لتفكيك الخلافات الكردية، تمهيداً للوصول إلى إجماع سوري أوسع. وجاءت المواقف المتعارضة، الرسمية والشعبية، عبر موجة تفاعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل رفض الكثير من أبناء العشائر العربية مخرجات المؤتمر، وتأكيدهم أن محافظة الحسكة والمعروفة أيضاً باسم «الجزيرة السورية»، هي موطن العرب الذين يشكّلون أكثر من 70 إلى 75% من إجمالي سكانها.

واستند هؤلاء إلى حقائق عامة يصعب تجاهلها، أبرزها أن أعداد المقاتلين في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» و«الأسايش»، يتجاوز 80%، بحسب اعترافات قيادة «قسد» نفسها، فضلاً عن أن النسبة ذاتها تمثّل عدد الضحايا الذين سقطوا في المعارك ضد تنظيم «داعش». ويرى أبناء العشائر أن نحو 300 عضو من أعضاء المؤتمر لا يحق لهم مصادرة الرأي السياسي للأغلبية العربية، ورأي المسيحيين والجركس والتركمان، وحتى الكرد المعارضين، عبر فرض تسمية «روج آفا» على المنطقة من دون موافقة غالبية سكانها على ذلك، أو إجراء استفتاء نزيه لأخذ رأيهم بشكل رسمي، تحت رقابة أممية.

كما ذهب البعض منهم إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر مماثل لأبناء القبائل والعشائر العربية في المنطقة، ومناقشة رؤيتهم للحل فيها، بما يعكس تمثيلهم، ومن ثم التنسيق حول هذه الرؤية مع بقية المكوّنات الاجتماعية والقومية في المحافظة.

ويبدو أن حدّة ردات الفعل إزاء مخرجات المؤتمر، دفعت بـ«مسد»، الذراع السياسية لـ«قسد»، عبر رئيسها محمود المسلط، ابن قبيلة الجبور العربية، إلى الترحيب بفكرة عقد المؤتمر العربي، وعدم الاعتراض عليها. وأكّد المسلط، في تصريحات إعلامية، أن «المؤتمر في حال عُقد، سيعزز من حالة الحوار بين السوريين العرب من الداخل والخارج بكلّ انتماءاتهم السياسية والاجتماعية والطائفية والثقافية للتأكيد على وحدة سوريا أرضاً وشعباً»، مضيفاً أن «الحوار يهدف إلى التوافق على وحدة سوريا الجديدة، والتي نأمل أن يسودها العدل والسلام وتنبذ الإرهاب وتتكاتف لمحاربته، مع دعوة كل المهجّرين إلى العودة إلى مناطقهم والمشاركة في بنائها». وتابع المسلط أن «المقترح سيؤخذ على محمل الجد، لكونه ضرورة للحصول على إجماع من القبائل والعشائر العربية»، كاشفاً أنه «بدأ الإعداد للجنة تحضيرية لتحديد مكانه وزمانه وكل التفاصيل المتعلقة بآلية عقده والمدعوّين والمخرجات».

تصاعدت حدّة الموقف الرسمي السوري تجاه مخرجات المؤتمر، بالتزامن مع أنباء عن تعليق اتفاق 10 آذار

في المقابل، اعتبر آخرون من أبناء العشائر أن مخرجات المؤتمر الكردي تشكّل حالة ضغط ضرورية على حكومة دمشق، لدفعها إلى التخلّي عن خطاب اللون الواحد، وإن شدّدوا على ضرورة أن تلتزم أي طروحات بوحدة سوريا أرضاً وشعباً. وجاء ذلك في وقت تصاعدت فيه حدة الموقف الرسمي السوري تجاه مخرجات المؤتمر، مترافقةً مع أنباء عن تعليق اتفاق الـ10 من آذار – الموقّع بين الرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي -، بسبب خلافات على آليات تطبيق اتفاقَي سد تشرين وحيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب وريفها.

ونقلت وسائل إعلام محسوبة على الحكومة، عن مصادر عسكرية، قولها إن «الجيش السوري أرسل تعزيزات ضد قسد إلى محاور القتال في سد تشرين في ريف حلب الشمالي»، لافتة إلى أن «وحدات الجيش دخلت إلى أطراف منطقة سد تشرين، وأقامت نقاطاً عسكرية هناك». ورجّحت أن «تعمل هذه القوات على فرض سيطرتها على السد والمناطق المحيطة به»، محذّرةً، في الوقت نفسه، من «الدعوات الانفصالية أو الفدرالية التي تعمل قسد على الترويج لها».

من جهته، أبدى مصدر كردي، استغرابه من «الآراء السلبية من مؤتمر جامع للكرد السوريين، يتمنى الأكراد أن يتبعه إجماع السوريين على حل شامل لمشاكلهم»، مشيراً، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «أعضاء المؤتمر طرحوا مجموعة رؤى وأفكار ومطالب قابلة للحوار والنقاش مع كل السوريين». وبيّن أن «الرؤية الكردية هي أن تدار كل منطقة من أبنائها ضمن السقف السوري الوطني الجامع»، مؤكّداً أن «الكرد ليسوا وحدهم من سيديرون المنطقة بل بالتشارك مع جميع المكوّنات الاجتماعية الموجودة فيها». ورفض «كل الدعوات إلى إحداث شرخ بين السوريين عبر نشر ادّعاءات غير صحيحة»، مشيراً إلى أن «البلاد بحاجة إلى التكاتف وإصغاء كل المكوّنات بعضها إلى بعض، للوصول إلى سوريا جديدة قادرة على التعافي، وطيّ صفحة الـ14 عاماً الفائتة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب