صحيفة عبرية توجّه لائحة اتهام جريئة لتل أبيب: لا تُميِّز بين مقاتلين ومدنيين.. بين حرب وجريمة حرب

صحيفة عبرية توجّه لائحة اتهام جريئة لتل أبيب: لا تُميِّز بين مقاتلين ومدنيين.. بين حرب وجريمة حرب
الناصره /وديع عواودة
تواصل إسرائيل منذ نحو الشهرين قصفها وحصارها لغزة وقتل الأبرياء الغزيين، وسط جدل متصاعد حول جدوى عدوانها وسلم أولوياتها، فيما يواصل رئيس حكومتها نتنياهو الدعوة لـ “وحدتها حتى النصر”.
في هذا المضمار، يدعو مئير بن شبات، مستشار الأمن القومي الأسبق، لسلسلة خطوات ضد “حماس” طمعًا بالتغلّب عليها وبسرعة، قبل أن يزور الرئيس الأمريكي المنطقة، وربما يضطر لتغيير موقفه من الحرب، لأن السعودية لن تتقدم معه في تغيير وجه الشرق الأوسط طالما استمر النزيف في غزة.
ويضيف: “تملك إسرائيل سلة أدوات تسمح لها بالقيام بخطوات تزيد في الضغط على “حماس”، وتلحق الضرر بقدراتها، لكن، ولأسباب عديدة، لا يتم اتخاذها الآن.
هآرتس: إهمال المخطوفين يفسد الاحتفالات ويزعزع الثقة بالدولة، بل يزعزع حقيقة كونها بيتًا وملاذًا لليهود
اغتيال قيادات “حماس” في الخارج، فهي تمنح الحركة مكانة إقليمية لها تأثير سياسي، بدلاً من أن تكون “مشكلة محلية”. قصف مخازن الوقود والغذاء التابعة لـ “حماس”: لا يوجد أيّ سبب يدفع إلى انتظار نفاد المخزون. يمكن تقصير قدرة “حماس” على البقاء. حصار بحري مطلق، ومن ضمنه منع خروج سفن الصيد من شواطئ غزة إلى البحر كليًا. إيقاف الإنترنت وأدوات الاتصال التي تستخدمها “حماس”: هذه الأدوات تستعملها “حماس” بهدف السيطرة على الوضع والحفاظ على حُكمها، عبر تمرير الأوامر، وأيضًا المنشورات الدعائية. منع التهريب، بما في ذلك أدوات قتالية، أيضًا إلى داخل القطاع من سيناء إلى النقب، ومن هناك إلى غزة، واعتقال المشتبه فيهم من الجانب الإسرائيلي، لوقف هذه الظاهرة. توسيع إمكانات الخروج من قطاع غزة للسكان الذين يرغبون في ذلك، وذلك أيضًا بهدف الدفع قدماً بـ مبادرة الرئيس ترامب التي تقلق “حماس” كثيرًا”.
من الصعب التنفس
في المقابل، يؤكد المعلق العسكري البارز في صحيفة “هآرتس”، عاموس هارئيل، في مقال بعنوان “جرح مفتوح”، أن مزاعم الضغط العسكري تنطوي على سراب وتضليل، فيقول إنه “بخلاف الأوهام المقدمة للجمهور الإسرائيلي، فإن الهجمة المتجددة على غزة لم تغيّر حتى الآن موقف حماس”، لافتًا إلى أن الظلال السوداء الخاصة بإهمال المخطوفين ما زالت تخيم علينا”.
وتتبنّى “هآرتس” هذا الموقف في افتتاحيتها اليوم الأربعاء، وفيها تقول: “إنه في هذا العام أيضًا سيخيم على احتفالات الاستقلال ظل ثقيل”.
وتسوّغ ذلك بالقول: “للسنة الثانية على التوالي، يأتي يوم الاستقلال والحرب مستمرة والمخطوفون في غزة. رفض الحكومة دفع ثمن فشلها وإنقاذ المحتجزين وصمة عار على جبين كل أعضاء هذا الائتلاف وجبين رئيسه نتنياهو. إن إهمال المخطوفين يفسد الاحتفالات ويزعزع الثقة بالدولة، بل يزعزع حقيقة كونها بيتًا وملاذًا لليهود”.
وتؤكد “هآرتس” أيضًا أن فقدان البوصلة في إسرائيل يتمثل باستمرار حرب توجه، منذ أن تجددت في مارس/آذار الماضي، ضد المدنيين الغزيين.
إسرائيل باتت دولة لم تعد تعرف التمييز بين مقاتلين ومدنيين… بين حرب وبين جريمة حرب. بـفقدانها هذه البوصلة، فإن الخطر الداخلي لا يقل خطورة عن التهديد من الخارج”.
العنصرية والكراهية
وتستذكر “هآرتس” أنه في العام المنقضي، صعّد نتنياهو هجماته على مؤسسات الدولة، وأن الانقلاب على النظام السياسي مستمر، والهدف تركيز الصلاحيات بيد الحكومة دون رقابة وفرامل وبلا حدود.
وتمضي في افتتاحية جريئة تبدو كلائحة اتهام موجهة للحكومة، بل للدولة: “المجتمع الإسرائيلي ممزق من الداخل… اليهود الحريديم يواصلون التهرّب من الجيش… والدولة تهمل المجتمع العربي الفلسطيني في داخلها للجريمة وعصابات الإجرام. يتم قمع حريات التعبير… ومظاهر العنصرية والكراهية اليهودية تشمل نواب الكنيست والوزراء وفنانين وإعلاميين، ويتم قبول العنصرية والكراهية بصمت. الشرطة تغيّر وجهها بناءً على روح الوزير الكاهاني، والاحتجاج ضد الحكومة يتعرض للهجوم.
في يوم الاستقلال الـ77، يقف المواطنون في إسرائيل مقابل قيادات لا تقدم أفقًا وأملًا بالمستقبل. قادة يعمّقون فقط عزلة الدولة واليهود في العالم. من الصعب الاحتفال بمثل هذه الحالة، عندما نعلم أن هناك 59 مخطوفًا في غزة. من الصعب حتى أن نتنفس”.
هآرتس: المجتمع الإسرائيلي ممزّق من الداخل.. مظاهر العنصرية والكراهية تشمل نوابًا ووزراء وفنانين، ويتم تقبّلها بصمت
الصفقة العالقة
في الأثناء، تنفي جهات إسرائيلية رسمية محجوبة الهوية ما قالته “رويترز” حول تقدّم المفاوضات، وتقول إن المداولات في القاهرة، بمشاركة وزير الشؤون الإستراتيجية في حكومة الاحتلال، رون درمر، لم تثمر، وإن الخلاف حول نزع سلاح “حماس” ما زال موجودًا.
من جهتها، تحذّر عائلات المحتجزين من أن جثامين المحتجزين والأسرى الموتى (35) ستختفي في غزة بسبب فقدان معلومات عنهم بعد فترة طويلة من السابع من أكتوبر.
وكان نتنياهو قد التقى “رافعي شعلة الاستقلال” قبيل “يوم الاستقلال”، الذي يصادف غدًا الخميس، وفي نهاية حديثه تطرق للمحتجزين: “أعدنا حتى اليوم 196 محتجزًا. منهم 147 حيًا، وتبقى 24 أحياء”.
عندها تدخلت زوجته سارة نتنياهو وهمست له مصححة بالقول: “أقل”، فسارع نتنياهو للتصحيح: “أنا أقول حتى 24، والبقية للأسف ليسوا أحياء، ونحن سنعيدهم”.
وأثار ذلك غضبًا كبيرًا لدى العائلات نتيجة كلمة سارة، التي أرعبتهم كونها تؤجج مخاوفهم على مصير أبنائهم، وهم أصلًا يعانون من شح المعلومات ويفتقدون اليقين حيال السؤال: إن كانوا ما زالوا أحياء أم لا.
“القدس العربي”: