مقالات
الاول من ايار : ماذا ينتظر عمال لبنان في عيدهم ! بقلم نبيل الزعبي
بقلم نبيل الزعبي-طليعة لبنان-

اعادة الاعتبار للنضال المطلبي اوّلاً ،
الاول من ايار : ماذا ينتظر عمال لبنان في عيدهم !
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
ربّما هي المرة الاولى هذا العام بعد مرور اكثر من ثلاثة عقود على مؤتمر الطائف ، سيجد فيها عمال لبنان انفسهم مُطالَبين بإعادة النظر في لازمة “يا عمال لبنان اتحدّوا” لأخراجها كشعار من باب الكليشيهات الفلكلورية إلى مستوى الفعل النقابي الراقي المطلوب لمناقشة الحال التي آلت اليها الحركة النقابية اللبنانية اليوم وهي تجد نفسها مشتّتةً ضعيفةً لا حول لها ولا قوّة إلا بما تمدُّه اليها أيادي الطبقة السياسية اللبنانية لتخفي هُزال بنيتها بعد ان عملت منذ العام ١٩٩١ على مصادرة النضال النقابي اللبناني لمصلحتها فتفنّنت في تقسيم الطبقة العاملة وبعثرة انجازاتها السابقة واللاحقة لمصالح الميليشيات المذهبية وأمرائها من الساسة الذين استولوا على الحياة السياسية بدورهم وصار لكلِّ طرفٍ منهم اتحاده العمالي المرتبط به وترتيب ما امكن من نقابات صورية لتنضوي فيه لدرجة ان اللبناني صار بفطرته يعرف مِن خلال اسم هذا النقابي او ذاك المسمى”مرجعاً”
عمالياً إلى أية جهة سياسية ينتمي ومن اية حظيرة مذهبية وطائفية يستمدُّ قواه الذاتية ويقدّم لها بالمقابل”كشفاً”
بما تم سلخه عن بيئته النقابية السليمة من عمال وأجراء وتجييرهم لأولياء نعمته في معاركهم السياسية والطائفية على حساب النضال الطبقي وأستنهاض قضية العمال والرفع من مستوى معيشتهم وأحوالهم .
من هنا تختلف المواصفات المطلوبة لذاك المسمى “قائداً” عمالياً بفعل القرار السياسي الصادر بمرسوم عن رموز الإقطاع المذهبي اللبناني المتنوّع : هل وُجِدَ هذ القائد وصُرِفَ عليه ليعمل في سبيل خدمة الطبقة العاملة اللبنانية ام انه مجرّد بوق او مفتاح انتخابي تقتصر مهمته على تأمين ما امكن من اتباع جدد للزعيم وزيادة الاصوات الانتخابية له بدل العمل على توحيد العمال والسهر على مصالحهم وبات شعار “يا عمال لبنان اتحدوا” شعاراً صورياً ووبالاً على العمال بدل ان يكون مصدر قوة حقيقية لهم في التغيير والتحررمن كل تبعية وقيود .
قطعاً ، لم تكن مصادفةً وانما عن سابق تصوّر وتخطيط ان تُصِرَّ القوى المحمية من الوصاية السورية على لبنان ومنذ تشكيل أولى حكومات ما بعد الطائف ان تكون وزارة العمل من حصتها في غالبية التشكيلات الوزارية فأَوْلَتَها بدايةً الى احد رموزها الذي اشتغل على”تفقيس” ما امكن من نقابات صورية لاستخدامها في تكوين اتحادات عمالية هي اشبه بالوهمية بهدف ضرب كل امكانية لتكوين اتحاد عمالي عام فاعل يمتلك الحد الادنى على الاقل من الاستقلالية ليكون راس حربة لكل حركة اعتراضية داخلية نقابياً وشعبياً ووطنياً لما له من تمثيل نقابي عابر للمناطق والطوائف في قيادة النضال المطلبي للعمال والمستخدمين ورفضه الارتهان للسلطة ورموزها الفاسدة التي لم تكترث يوماً لإعطاء العمال حقوقهم إلا تحت الضغط الشعبي والنزول إلى الشارع وبالتالي كانت تحسب الف حساب وحساب لكل تحرك عمالي خارج وصايتها وأِمرتها فحرصت دوماً على اختيار الأزلام والمحاسيب لِتَبَؤُّ المواقع الأساسية المخصصة للطبقة العاملة بهدف إبعاد كل من هو على درجةٍ من الثقافة النقابية والوعي السياسي وما يؤهله لقيادة الشارع بقدر أهليته للدفاع عن حقوق زملائه في المصانع والمعامل والمؤسسات ومعبّراً عن مطالبهم الحياتية والمعيشية خير تعبير . هي النماذج الواعية المقتدرة من عمال لبنان من يُعَوّل عليها في قيادة اي حراك نقابي يعيد وهج النضال المطلبي اللبناني إلى الشارع من جديد وهذا ما تقتضيه تحولات المرحلة المقبلة مع تنامي الخطاب السياسي الداخلي الداعي إلى “استئصال آفة الطائفية التي تضرب الحياة الوطنية،
وتعطِّل طموح الشباب في الوصول إلى دولة القانون والمؤسسات القائمة على العدالة والمساواة بين المواطنين، والتي تعتمدالشهادة العلمية والكفاءة في الوظائف العامة، بدل الهوية المذهبية، والزبائنية.”( الرئيس نواف سلام ١٨/٣/٢٠٢٥) ،
وتلك واحدة من الفرص الذهبية التي ينبغي التأسيس عليها من خلال تشكيل اوسع تحرك شعبي لا يكتفي
بملاحقة هذه الوعود ومساءلة مطلقيها ازاء اي تراجع او تقاعس عنها فحسب ، وانما يتوجّب اعادة النظر في كل الكيانات الوهمية التي تدّعي تمثيلها لعمال لبنان من مستخدمين وأجراء وموظفين واعادة تأطير النضال المطلبي من جديد وتنظيمه وفق المفاهيم المحددة لإنشاء النقابات في الدفاع عن المنتسبين اليها ورفع الظلم عنهم والدفاع عن حقوقهم في الحياة الحرة الكريمة في العيش والسكن والطبابة والتعليم وضمان الشيخوخة إلى مكافحة البطالة وتعزيز دور العامل كأحد اطراف العملية الإنتاجية الاقتصادية وهذا ما ينبغي ان يكون الف باء تحرُّك عمال لبنان وهم يخوضون معركة تحرّرهم من قيود الوصاية السياسية الطائفية العاملة على على شق صفوفهم طوال العقود الثلاث الماضية على الاقل ، وآن لهم ان ينزعوا عن حركتهم المطلبية كل قيدٍ وتبعية لتتحقق مقولة ” يا عمال لبنان اتحدّوا”فلا تكون مجرّد شعارٍ فارغ لا يقدِّم او يؤخر في مسيرة الطبقة العاملة اللبنانية ، وانما سيجعل من وحدتها المنطلق والأساس لرفع كل ظلم ومعاناة عن كاهل عمال لبنان وليكون الاول من ايار من كل عام عيداً للانتصار ومحطة دائمة لتسجيل المزيد من الإنجازات التي يتوقون اليها .