فلسطين

إسرائيل تستمهل الوسطاء: الصفقة الجزئيّة معلّقة

إسرائيل تستمهل الوسطاء: الصفقة الجزئيّة معلّقة

تؤجّل تل أبيب الرد على مقترح الوساطة رغم قبول «حماس»، وتستعد لتوسيع عدوانها على غزة، وسط انقسام وضغوط داخلية بشأن مصير الأسرى.

تواصل إسرائيل مماطلتها في الردّ على المقترح الذي تقدّمت به دول الوساطة، ووافقت عليه حركة «حماس»، على الرغم من مرور يومين على تسلّمها الردّ الفلسطيني الرسمي. وبينما تتابع مصر وقطر اتصالاتهما المكثّفة مع الأطراف المعنية، خصوصاً الولايات المتحدة، لحثّها على دفع تل أبيب نحو التعاطي الإيجابي مع المقترح، ذكرت بعض المصادر أن «إسرائيل أبلغت المفاوضين العرب نيّتها انتظار انعقاد مجلس الوزراء الأمني قبل تقديم أي ردّ».

ومن المنتظر أن يعقد «الكابينت» الإسرائيلي، اليوم، جلسة يستعرض فيها الجيش خطته الهجومية الموسّعة، المعروفة باسم «مركبات جدعون 2»، والهادفة إلى احتلال مدينة غزة، بعدما كانت هذه الخطة أُقرّت من قبل الحكومة تحت شعار «إكمال الحسم مع حماس، والسيطرة على مدينة غزة، وتهيئة الظروف لإنهاء الحرب». وعلى الرغم من إطلاق العملية رسمياً، أبدت القيادة السياسية تحفّظها على الاسم الذي أُطلق عليها، معتبرة أنه يعبّر عن موقف رئيس الأركان، إيال زامير، ويوصل رسالة بأن «الخطة ليست بالحجم الكبير الذي تروّج له الحكومة».

وكان المتحدث باسم الجيش أعلن، أمس، أن القوات الإسرائيلية شرعت بالفعل في تنفيذ عملية «مركبات جدعون 2»، موضحاً أن التركيز على ضواحي مدينة غزة جاء نتيجة «الإنجازات السابقة» هناك، وزاعماً أن «منظمة حماس تحوّلت من تنظيم عسكري إلى عصابة حرب عصابات مهزومة». ولفت إلى أن «قواتنا تحتل الآن ضواحي مدينة غزة»، مضيفاً أن جيش الاحتلال سيواصل تعميق ضرباته للبنى التحتية فوق الأرض وتحتها، متابعاً أن 60 ألف أمر تعبئة احتياطي صدرت لشهر أيلول المقبل، إضافة إلى 20 ألف أمر آخر للوحدات القتالية المشاركة.

في هذا الوقت، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلاً عن مصادر مطّلعة، بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، «لا يُبدي حماسة تجاه الصفقة الجزئية التي وافقت عليها حماس»، لكنه في الوقت ذاته «لم يُغلق الباب أمامها». وبحسب المصادر، يدرك نتنياهو أن العودة إلى القتال بعد 60 يوماً من وقف إطلاق النار «ستكون معقّدة»، بينما يرى بعض أعضاء «الكابينت» أن «استسلام حماس قد يتحقّق مع انطلاق العملية العسكرية الجديدة»؛ لكنّ آخرين يشكّكون في إمكانية أن تُخضع الحركةَ أي حملة عسكرية.

وذكرت «هيئة البث» الإسرائيلية، بدورها، أن «تل أبيب لا تعتزم، في هذه المرحلة، إرسال وفد تفاوضي إلى الخارج»، على الرغم من أنها لا تزال تدرس ردّ «حماس» على المقترح. أما قناة «كان» العبرية، فأشارت إلى أن نتنياهو «يُعلن في جلساته المغلقة أنه لا يستبعد صفقة جزئية، لكنه يفضّل صفقة شاملة».

نتنياهو لا يُبدي «حماسة» تجاه الصفقة الجزئية التي وافقت عليها «حماس»

كذلك، كشفت «القناة 12» العبرية أن وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، التقى في باريس، أمس، مسؤولين قطريين رفيعي المستوى، وناقش معهم «صفقة محتملة تشمل إطلاق سراح الأسرى ووقفاً لإطلاق النار». وأكّد ديرمر، خلال اللقاء، أن «أي صفقة مشروطة بإطلاق سراح جميع الرهائن، إلى جانب الشروط التي وضعها نتنياهو أخيراً».

ومع هذا، تحذّر جهات أمنية إسرائيلية من مغبّة تفويت فرصة التوصل إلى صفقة في الوقت الراهن، معتبرة أن «الرفض الحالي قد يعني فقدان إمكانية إنجاز الصفقة مستقبلاً». وفيما عبّرت هذه الجهات عن قلقها من مواقف نتنياهو ووزير الأمن إسرائيل كاتس في شأن احتلال غزة، أشارت إلى أن هناك فرصة واقعية للإفراج عن ما بين 8 و10 أسرى أحياء، في مقابل شبه استحالة أن تُفرج «حماس» عنهم لاحقاً طوعاً.

ويأتي هذا في وقت تتواصل فيه الضغوط الداخلية على الحكومة، إذ يكثّف أهالي الأسرى احتجاجاتهم، مطالبين بالتوصل إلى «اتفاق شامل» يعيد أبناءهم. كما عقدت قيادات من الجيش لقاءات مع ممثلين عن هؤلاء الأهالي، بهدف «البحث في سبل ضمان أمن الأسرى خلال العمليات العسكرية المرتقبة». واعتبرت العائلات أن توسيع العمليات في الوقت الذي وافقت فيه «حماس» على مقترح صفقة التبادل، يعني «طعنة في القلب» للأسرى وعائلاتهم. غير أن هذه الضغوط قوبلت بردّ فعل عنيف من وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، الذي هاجم المحتجّين الرافضين لتوسيع الحرب، واصفاً إياهم بأنهم «الأشخاص أنفسهم الذين أضعفوا إسرائيل قبل 7 أكتوبر».

أما وزير التراث، عميخاي إلياهو، فدعا إلى «حسم مصير غزة»، مطالباً بـ«إسكان اليهود فيها وتحويلها إلى منطقة يهودية»، بما ينسجم مع أجندة اليمين المتطرّف. ولم يبق وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بعيداً عن موقف زملائه المتطرفين، بل هدّد بالخروج من الائتلاف إذا ما «تم التوصل إلى صفقة جزئية مع حماس». وقال خلال لقائه مع نتنياهو إن «الصهيونية الدينية لن تبقى في الحكومة إذا ما تمّ التخلي عن خيار الحسم» في غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب