عربي دولي

تحولات فرنسا: الشرع في باريس وانتقاد خطط الاحتلال

تحولات فرنسا: الشرع في باريس وانتقاد خطط الاحتلال

حسب إعلان رسمي صدر عن قصر الإليزيه، يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره أحمد الشرع اليوم في العاصمة باريس، مسجلاً بذلك الزيارة الأولى للرئيس السوري الانتقالي إلى أوروبا بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
وهذه المبادرة الفرنسية كانت منتظرة، وسبق أن أعلن عنها ماكرون في شباط/ فبراير الماضي على هامش مؤتمر باريس الدولي لدعم الانتقال السياسي في سوريا، غير أن توقيت الزيارة لا يخلو من دلالات عديدة ذات أهمية خاصة، أو حتى استثنائية، في ضوء سياسة ماكرون تجاه سوريا والمنطقة، سواء خلال رئاسته الأولى أم الثانية.
ففي دلالة أولى، تقول الرئاسة الفرنسية اليوم إن زيارة الشرع تأتي لـ»إثبات التزام فرنسا التاريخي تجاه الشعب السوري، الذي يتطلع إلى السلام والديمقراطية»، وتشدد على أن ماكرون سيناقش مع نظيره السوري «سبل تحقيق الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك لبنان»، وسيؤكد دعم فرنسا «لبناء سوريا جديدة، حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم كل مكونات المجتمع السوري».
وهذا خطاب يشكل تحولاً نوعياً في موقف فرنسي سبق أن أعرب عنه ماكرون نفسه، صيف 2017، حين اعتبر أن «الأسد عدو للشعب السوري لكن ليس عدواً لفرنسا»، وأن أولوية باريس هي الالتزام التام بمحاربة الجماعات الإرهابية وضمان ألا تصبح سوريا دولة فاشلة. بل ذهب أبعد حين أوضح أنه «لا يرى أي بديل شرعي» لرئيس النظام بشار الأسد، وأن فرنسا «لم تعد تعتبر رحيله شرطاً مسبقاً لحل الصراع».
صحيح أن بيان الإليزيه تقصد التشديد على «احترام المكونات»، ولكن لم يكن في ذلك التفصيل أي جديد، إذْ سبق لوزير الخارجية الفرنسي أن أكد عليه مراراً خلال زيارته المبكرة إلى دمشق مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث اجتمع أيضاً مع بعض ممثلي المجتمع المدني والجاليات المسيحية. وبذلك فإن دلالة التوقيت الثانية هي تزامن زيارة الشرع مع التوتر في صفوف بعض ممثلي الطائفة الدرزية في سوريا، وكذلك تصريحات كبار المسؤولين والساسة الإسرائيليين التي تحثّ على التدخل المباشر لـ»حماية» الدروز، وتنفيذ غارات إسرائيلية ضد مناطق مختلفة من سوريا تتذرع بالخلفية ذاتها.
دلالة ثالثة تؤشر على تحوّل ملموس في موقف فرنسا الرسمية من خطط دولة الاحتلال الإسرائيلي لتوسيع العمليات العسكرية البرية في قطاع غزة، وتشديد الحصار الإنساني ومنع إدخال المساعدات. وفي هذا السياق أعرب وزير الخارجية الفرنسي عن «إدانة شديدة» لخطط الاحتلال، معتبراً أن «هذا الأمر غير مقبول»، والحكومة الإسرائيلية «تنتهك القانون الإنساني»، و«الحاجة الأكثر إلحاحاً هي وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق».
وفي دلالة رابعة، ليس من غير المرجح أن وقائع مثل زيارة الشرع ونبرة الانتقاد العالية للاحتلال، لا تعكس تحولات فرنسية منعزلة، بل تعبّر أيضاً عن حال معظم دول الاتحاد الأوروبي، الآن إذ يتزايد انفراد واشنطن بالحراك الدبلوماسي في المنطقة، والعالم بأسره.

عن القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب