في ذكرى النكبة الـ77.. صراع من اجل الحقوق وحق تقرير المصير

في ذكرى النكبة الـ77.. صراع من اجل الحقوق وحق تقرير المصير
بقلم رئيس التحرير
النكبة الفلسطينية جرح مفتوح لا يعود تاريخه لعام 1948 بل باتت النكبة مشهد يتكرر مع الأيام والسنين بصيغ وأشكال شتى يتعرض لها الفلسطينيون بكافة أماكن تواجدهم وفي مخيمات اللجوء تحديدا في غزه والضفة الغربية والقدس
في الذكرى السابعة والسبعين، لا تحتاج النكبة إلى أرشيف أو صور قديمة لتُستحضر، بل يكفي النظر إلى ما تتعرض له غزه من تدمير وأباده تطال الحجر والشجر والبشر وما تتعرض له المخيمات في الضفة الغربية والقدس من تدمير وترحيل قسري وخاصة مخيم جنين ومخيم طول كرم ونور شمس ومخيم الفارعة ، لتفهم أن النكبة مستمرة، وأن مشروع التهجير لم يتوقف لحظة واحدة. وأن استمرار وديمومة الصراع باق حتى يتحقق للفلسطينيين مرادهم في حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس
في عام النكبة، تم تشريد نحو 957 ألف فلسطيني من أصل 1.4 مليون كانوا يقيمون في حوالي 1,300 قرية ومدينة فلسطينية، حيث أجبروا على اللجوء إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، بالإضافة إلى تهجير داخلي طال آلاف آخرين داخل الأراضي التي سيطر عليها كيان الاحتلال الصهيوني عام 1948. وقد استولى الاحتلال على 774 قرية ومدينة فلسطينية، دمر منها 531 بالكامل، وأخضع ما تبقى من تجمعات فلسطينية لقوانينه. ورافق عملية التطهير العرقي هذه ارتكاب العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطيني.
وعلى الرغم من تهجير هذا العدد من الفلسطينيين فان تعداد الفلسطينيين في تزايد رغم القتل والدمار وقد تضاعف عددهم منذ النكبة نحو 10 مرات. ففي عام 1914، كان عدد سكان فلسطين التاريخية نحو 690 ألف نسمة، شكل اليهود منهم 8% فقط. وبحلول عام 1948، تجاوز عدد السكان مليوني نسمة، بلغت نسبة اليهود منهم حوالي 31.5% نتيجة للهجرة اليهودية المكثفة. وحتى عام 2023، هاجر إلى ” إسرائيل ” أكثر من 3.3 مليون يهودي
وعلى الرغم من تهجير 957 ألف فلسطيني عام 1948 وأكثر من 200 ألف آخرين بعد حرب عام 1967، بلغ عدد الفلسطينيين المقدر في دولة فلسطين نحو 5.5 مليون نسمة منتصف عام 2025 (3.4 مليون في الضفة الغربية والقدس و2.1 مليون في قطاع غزة). وتشير التقديرات إلى وجود 15.2 مليون فلسطيني في العالم منتصف عام 2025، أكثر من نصفهم (7.8 مليون) يقيمون خارج فلسطين التاريخية، منهم 6.5 مليون في الدول العربية. وفي المقابل، يقدر عدد اليهود في فلسطين التاريخية بنحو 7.4 مليون نسمة، ما يعني تساويًا في العدد بين الفلسطينيين والإسرائيليين في فلسطين التاريخية بحلول منتصف عام 2025.
بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم أكثر من 160 ألف شهيد. فمنذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى الثامن من مايو 2025، استشهد حوالي 64 ألفًا و500 فلسطيني. وشهد العدوان الأخير على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الثامن من مايو 2025 استشهاد أكثر من 56 ألفًا و600 فلسطيني (أكثر من 40% من إجمالي الشهداء منذ النكبة)، من بينهم أكثر من 18 ألف طفل و12 ألف امرأة و211 صحافيًا، فيما لا يزال أكثر من 11 ألف مواطن في عداد المفقودين، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى ما يزيد على 125 ألف جريح في قطاع غزة وحده. وفي الضفة الغربية، استشهد 964 فلسطينيًا منذ بدء العدوان الأخير.
حصار وتجويع وقتل ودمار ونزوح قسري حيث أُجبر سكان قطاع غزة مرارًا وتكرارًا على النزوح من منازلهم، كما اجبر سكان مخيمات جنين ومخيم طول كرم ونور شمس على الرحيل وتشير التقديرات إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل 2.2 مليون كانوا يقيمون في القطاع عشية العدوان الأخير. ومنذ الثاني من مارس الماضي، يفرض الاحتلال حصارًا مطبقًا على القطاع، ما يهدد أكثر من مليوني فلسطيني بالموت جوعًا، بينهم أكثر من مليون طفل يعانون من الجوع اليومي، وقد استشهد نحو 57 طفلًا بسبب الجوع وأصيب نحو 65 ألفًا بسوء تغذية حاد. كما أن 335 ألف طفل دون سن الخامسة في غزة يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد، ويعاني نحو 92% من الرضع وأمهاتهم من نقص حاد في الاحتياجات الغذائية الأساسية.
ونتيجة للأضرار الكبيرة التي لحقت بقطاع المياه والصرف الصحي، تراجع معدل تزويد الفرد بالمياه إلى 3-5 لترات يوميًا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب للبقاء على قيد الحياة في حالات الطوارئ (15 لترًا للفرد يوميًا).
ويواصل الاحتلال سياسة القتل والتدمير ومصادرة الأراضي ، حيث صادر خلال عام 2024 أكثر من 46 ألف دونم. ونفذت سلطات الاحتلال والمستوطنين أكثر من 16 ألف اعتداء بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال عام 2024، وتضمنت هذه الاعتداءات اقتلاع وتضرر وتجريف أكثر من 14 ألف شجرة. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، تم توثيق أكثر من 5 آلاف و470 اعتداء.
إن هذه الأرقام تعكس مدى فظاعة ما يرتكبه الاحتلال من جرائم بحق الفلسطينيين وبمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة، نتلمس حجم المعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني وهذا يتطلب من المجتمع الدولي بذل الجهود والإصرار على ضرورة إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة والحرية للفلسطينيين.