وزير الاقتصاد السوري محمد الشعار رفع العقوبات بداية مسار جديد

وزير الاقتصاد السوري محمد الشعار رفع العقوبات بداية مسار جديد
هبة محمد
دمشق ـ في تحوّل جذري في موقف واشنطن من الإدارة السورية التي وضعت مسألة رفع العقوبات على رأس الأولويات، من أجل البدء بمرحلة تعاف اقتصادي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا في خطوة تاريخية «لمنحها فرصة جديدة للتألق» حسب ما قال في كلمة له في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض.
وللحديث عن أبعاد هذه الخطوة التاريخية، وانعكاساتها، حيث يتوقع أن يدخل الاقتصاد السوري للمرة الأولى منذ عقود بمنحى «الاندماج بالاقتصاد العالمي» التقت «القدس العربي» مع الدكتور محمد نضال الشعار، وزير الاقتصاد والصناعة السوري، حيث تحدث عن تصحيح مسار العلاقات بين واشنطن ودمشق والتي شهدت طوال أكثر من 40 عاما الكثير من التجاذبات، مؤكدا أن الوزارة بدأت فعليا بإعادة هيكلة خريطة العلاقات التجارية والمالية الخارجية، وتسهيل دخول الشركات العالمية، وإعادة فتح قنوات التحويل المالي، وترميم البيئة القانونية الجاذبة للاستثمار، مؤكدا أن رفع العقوبات سيكون تأثيره مباشرا، كما سيفتح الباب أمام فرص التمويل الخارجي.
وتعهد بالشفافية والعمل والإصرار على أن يكون المواطن هو محور كل السياسات الاقتصادية، لا ضحيتها. وقال «نؤمن بأن الفرد هو محرك الاقتصاد وبذلك سنولي اهتماما كبيرا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ونهدف لخلق فرص عمل حقيقية».
هنا نص الحوار:
■ عملتم في الولايات المتحدة الأمريكية سنين طويلة، وأنتم على اطّلاع كامل على التوجهات والسياسات الأمريكية، ما هي خطواتكم وخطتكم العملية بعد رفع العقوبات الأمريكية؟ وماذا بعد هذه الخطوة التاريخية؟
□ هذه الخطوة تمثل بداية مسار جديد عملياً، بدأنا بإعادة هيكلة خريطة العلاقات التجارية والمالية الخارجية، ونعمل الآن على تسهيل دخول الشركات العالمية، وإعادة فتح قنوات التحويل المالي، وترميم البيئة القانونية الجاذبة للاستثمار. نعلم أن رفع العقوبات لا يعني تلقائياً تدفق رؤوس الأموال، بل يجب أن نكون جاهزين داخلياً، وهو ما نركز عليه اليوم.
■ ما هي آفاق العلاقات السورية ـ الأمريكية بعد هذا التطور؟
□ هناك تحول واضح في الخطاب والتوجه، نحن نؤمن بأن الاقتصاد يمكن أن يكون جسرًا للحوار والتفاهم، بعيدًا عن السياسة الصفرية، نأمل أن تتطور العلاقة تدريجياً نحو تعاون اقتصادي يفتح المجال أمام المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل.
■ كيف سيؤثر رفع العقوبات على واقع البلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة؟
□ التأثير سيكون مباشرًا على سلاسل التوريد، وخفض كلفة الاستيراد، وتحسين الوصول إلى المعدات والمواد الخام، كما سيفتح الباب أمام فرص التمويل الخارجي، وكل ذلك سينعكس تدريجيًا على تحسين الخدمات العامة ومستوى المعيشة.
■ بعد رفع العقوبات، ما هي التحديات التي تواجه هذا المسار؟
□ أبرز التحديات هي إعادة بناء الثقة، وضمان الشفافية، ومكافحة الفساد، وخلق بيئة مؤسساتية فاعلة، لا يكفي رفع العقوبات إذا لم نُصلح من الداخل.
■ ما هي أبعاد قرار رفع العقوبات الأمريكية؟ وما آثاره؟
□ من حيث الأبعاد، فإن رفع العقوبات يفتح المجال أمام سوريا لاستعادة دورها الطبيعي في الأسواق الإقليمية والدولية، ويتيح انسيابية أكبر في حركة التبادل التجاري، واستقطاب الاستثمارات، وتحديث البنية الإنتاجية والتكنولوجية في القطاعات الحيوية، لا سيما الصناعة والزراعة والطاقة.
أما فيما يخص الآثار المتوقعة، فسنشهد تدريجياً تحسناً في توفر المواد الأولية والمستلزمات الإنتاجية، مما سيؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي انخفاض أسعار السلع والخدمات على المواطن.
كذلك، من المتوقع تحسن سعر الصرف نتيجة زيادة التدفقات النقدية والتعاملات الرسمية، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على القوة الشرائية للمواطن.
■ ما هي نتائج القرار المتوقعة على الاقتصاد السوري وعلى مستوى معيشة المواطن؟
□ في المدى المتوسط، نتطلع إلى انتعاش في عجلة الإنتاج المحلي، وخلق فرص عمل جديدة، وتحقيق نوع من الاستقرار الاقتصادي الذي يشكل حجر الأساس لتحسين مستوى المعيشة وعودة النشاط الاقتصادي إلى كافة المحافظات. وهنا نؤكد أن الحكومة عازمة على استثمار هذا القرار بما يخدم المواطن أولاً، ويعيد بناء الاقتصاد الوطني على أسس صلبة من العدالة والكفاءة والإنتاج.
■ هناك كثير من الفاعلين السوريين في أمريكا والعالم الغربي، هل تواصلتم معهم؟ وهل هناك توجه لاستثمار هذه الطاقات؟
□ نعم، بدأنا فتح قنوات تواصل مع الجاليات السورية، خاصة رجال الأعمال وأصحاب الكفاءات.
■ أمامكم كحكومة تحديات كبرى، من أهمها الاقتصاد والأمن. من أين ستبدأون؟
□ سنبدأ بالاقتصاد، لأن تحسين الواقع المعيشي هو الأساس لخلق الاستقرار العام. نؤمن بأن عجلة الإنتاج هي الضامن لأي سلام داخلي واستقرار سياسي.
■ سوريا تملك موقعًا استراتيجيًا هامًا ما هي خطتكم لاستغلاله؟
□ نعمل على مشروع إقليمي لإعادة ربط سوريا بطريق التجارة والطاقة العالمي، من خلال تطوير المرافئ، وسكك الحديد، والمناطق الحرة، وهذا سيوفر مورداً مهماً للدولة وبالتالي سينعكس إيجابا على المواطنين.
■ ما هي الخطة الاستراتيجية والخطة التشغيلية لوزارة الاقتصاد؟
□ الخطة الاستراتيجية قائمة على عدة مراحل: التعافي السريع، ثم الاستقرار، ثم التنمية المستدامة، والخطة التشغيلية تشمل دعم الإنتاج المحلي، إعادة هيكلة الدعم، وإصلاح القوانين الناظمة للاستثمار وعددا من الإجراءات التي من شأنها دفع عجلة الإنتاج والتنمية المستدامة.
■ سوريا من أقل دول العالم في دخل الفرد، ما هي خططكم لتحسين ذلك؟
□ نؤمن بأن الفرد هو محرك الاقتصاد وبذلك سنولي اهتماما كبيرا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونهدف لخلق فرص عمل حقيقية من خلال دعم هذه المشاريع، وربط التدريب المهني بسوق العمل.
■ ماذا بخصوص الاستثمار الأجنبي المباشر؟ وهل هناك قوانين جديدة لحمايته؟
□ سيصدر قريبًا قانون استثمار جديد يتضمن ضمانات حقيقية للمستثمر الأجنبي، ويؤمّن بيئة قانونية مستقرة، مع إعفاءات ضريبية وجمركية للمشاريع الحيوية.
■ سوريا لديها مدن صناعية، ما هي خططكم لتطويرها؟
□ نعمل على تهيئة البنى التحتية، وتوفير الكهرباء، وربط المدن الصناعية بالموانئ والمعابر، كما نجري دراسات لمشاريع كبيرة ستحدث فارقا في واقع المدن الصناعية السورية.
■ ما هي الخطة لتطوير الصناعات المحلية؟
□ الخطة تعتمد على استبدال الاستيراد بالإنتاج المحلي، ودعم الصناعات الزراعية والغذائية والدوائية، وتحفيز البحث العلمي والتطوير الصناعي بالتعاون مع الجامعات.
■ ما هي رسالتكم إلى السوريين وبماذا تعدهم؟
□ أقول لكل سوري وسورية إن الأمل لم يمت، وإننا أمام لحظة حقيقية للبدء باستعادة ما فقدناه خلال سنوات الحرب والمعاناة. أثق بأن ما نملكه من موارد بشرية وطبيعية وموقع استراتيجي يجعلنا قادرين على النهوض من جديد. ما أعد به هو الشفافية، والعمل، والإصرار على أن يكون المواطن هو محور كل السياسات الاقتصادية، لا ضحيتها.