فلسطين

عدّاد الضحايا يعاود الصعود: غزّة تحت سوط الإبادة… مجدّداً

عدّاد الضحايا يعاود الصعود: غزّة تحت سوط الإبادة… مجدّداً

غزة | ترزح غزة تحت وابل من القصف الإسرائيلي المتوحّش، والذي لم ينقطع منذ يومين، معيداً مشهد الإبادة الجماعية إلى ذروته، وسط عجز مطلق في الميدان الصحي، وإنذار أممي يقرع أجراس المجاعة القادمة. ومنذ فجر الخميس، ارتقى 136 شهيداً على الأقل، توزّعوا على مختلف المناطق في سلسلة مجازر متلاحقة، من بينهم 83 جنوبي القطاع، و37 في شماله، و16 في الوسط وفي مدينة غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، علماً أن هذه الحصيلة، على رغم فظاعتها، تبقى أوّليّة، في وقت لا تزال فيه فرق الإنقاذ تعثر، وفقاً للإمكان، على جثامين تحت الأنقاض، خصوصاً في بيت لاهيا وجباليا.

وبذلك، يرتفع عدد الشهداء، منذ استئناف العدوان في 18 آذار الماضي، إلى أكثر من 1800 شهيد، فضلاً عن نحو 3 آلاف جريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. أما منذ بدء الإبادة في 7 تشرين الأول 2023، فقد ارتفع عدد الشهداء إلى نحو 53 ألفاً، مع ما يقارب 120 ألف جريح.

ومنذ ساعات فجر أمس، تحوّلت مناطق شمال غزة، ولا سيما في تل الزعتر وبيت لاهيا ومخيم جباليا، أمس، إلى حقول دماء، حيث سُجّل ارتقاء أكثر من 30 شهيداً، بالإضافة إلى عشرات المفقودين تحت الركام، من جراء غارات طاولت منازل لعائلات الغندور، التتري، الزيناتي، السيد، طه، صالحة، الحسني، الكيلاني، وأبو علبة. وفي بيت لاهيا وحدها، سُجّلت فجراً سبع غارات متتالية غرب المدينة، بينما كانت طائرات الاحتلال تعود مراراً لقصف الأحياء نفسها، حتى بعد وصول طواقم الإسعاف لانتشال الشهداء، مثلما جرى في تل الزعتر في مخيم جباليا، حيث دُكّ منزل لعائلة الزيناتي مرتين متتاليتين.

وفي دوار السلاطين أيضاً، لم تنجُ سيارات الإسعاف من نيران طائرات العدوّ، لدى عودة طواقم «الهلال الأحمر»، ما أسفر عن ارتقاء شهداء في صفوف المسعفين، في حين تحدّث «الدفاع المدني» عن عمليات دفن تحت الأنقاض طاولت عائلات بأكملها، من دون أن يُعثر حتى على ملامح ضحاياها. وحلّقت طائرات الاستطلاع و«الأباتشي»، بالتوازي، بكثافة فوق المناطق المنكوبة، ليعقب ذلك قصف مدفعي طاول العامودي، الحطبية، التوام، والعطاطرة في بيت لاهيا وغربها، ومناطق أخرى. واستهدفت الغارات أيضاً عزبة عبد ربه شرقي جباليا، موقعةً ثمانية شهداء من عائلات عبد ربه والصوالحة وعبيد، جرّاء قصف استهدف نازحين. كما تعرّض محيط «المستشفى الإندونيسي» مجدّداً للقصف.

في بيت لاهيا وحدها، سُجّلت فجراً سبع غارات متتالية غرب المدينة

أما جنوباً، فتعرّضت منطقة خانيونس، ولا سيّما منطقتا المواصي (غرب) والقرارة (شمال شرق)، لسلسلة غارات جوية وقصف مدفعي، طاول خيام النازحين ومناطق سكنية مكتظة. وفي شارع المدرسة في منطقة المشروع غرب المدينة، استهدف الاحتلال خيمة نازحين ارتقى فيها عدد من الشهداء، فيما قُصفت خيمة أخرى في المواصي، ما أدّى إلى وقوع إصابات مباشرة في صفوف النازحين. كذلك، طاول القصف محيط مصنع البطاريات في القرارة، وبلدات خزاعة وعبسان شرقي خانيونس، حيث أُطلقت قذائف من آليات الاحتلال صوب منازل ومواقع سكنية متفرقة.

ومن بين الغارات، واحدة استهدفت منزل عائلة اليازوري، وأخرى دوار القرارة. وبحسب شهادات، فإنّ طائرات الاستطلاع والمدفعية كانت تطلق نيراناً متزامنة، ما صعّب وصول سيارات الإسعاف. وكما الشمال والجنوب، لم يسلم وسط قطاع غزة بدوره من طائرات الاحتلال التي شنّت غارة على دير البلح، بالتزامن مع قصف مدفعي شرقي المدينة. وطاول الاستهداف أيضاً مناطق واقعة بين خانيونس ودير البلح، في ظل تكثيف الغارات المدفعية شرق المدينة.

وفي غضون ذلك، غرقت مستشفيات القطاع في عجزها، وسط نفاد الأدوية واستهداف العدوّ للمستشفيات. وأعلن المتحدث باسم مستشفى «شهداء الأقصى»، أن الطواقم الطبية «غير قادرة على التعامل مع الإصابات الخطيرة»، لافتاً إلى توقف تام لجراحات المخ والأعصاب والصدر، ونفاد كامل للأدوية والمستلزمات الطبية. وأضاف أن «معظم المصابين يصلون إلى المستشفيات بإصابات بالغة تشمل بتر الأطراف وحروقاً خطيرة». بدورها، أعلنت «منظمة الصحة العالمية» خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة بعد تدميره في 13 أيار الجاري، لافتة إلى أن إغلاقه أدّى إلى «توقف خدمات حيوية غير متاحة في غزة كجراحة الأعصاب وعلاج القلب والسرطان».

وإلى جانب ذلك، تتوالى التحذيرات الأممية من مجاعة على الأبواب؛ إذ أكّد «برنامج الأغذية العالمي» أن عائلات غزة تتضوّر جوعاً، في حين أن ما تحتاج إليه من غذاء عالق على الحدود. ودعا المجتمع الدولي إلى «العمل بشكل عاجل لتوفير المساعدات»، محذّراً من أنه «‏إذا استمر تعطّلها حتى يتم تأكيد حدوث مجاعة، فسيكون الأوان قد فات بالفعل بالنسبة إلى كثير من سكان القطاع». وفي الاتجاه نفسه، قال وكيل الأمين العام لـ«الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية»، توم فليتشر، في تصريحات صحافية، إن «إسرائيل تعلم ما يحدث في غزة» وتدرك «نطاق خطر المجاعة»، لافتاً إلى أن المنظمة الدولية «تم تهميشها لمدة 10 أسابيع ولم تتمكن من إدخال المساعدات إلى غزة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب