مقالات

الكلام و عواقبه

الكلام و عواقبه

بقلم قرار المسعود

           يقول قائل أن هناك كلام يفهم حسب عمر الشخص ومن حيث درجة علمه و تربيته و محيطه و تجربته المكتسبة. و إذا قيل في غير محله لا تكون له جدوى و لا فائدة و يقلل من قيمة قائله. و هذا التصريح أو الإدلاء تترتب عليه عواقب وخيمة و يؤثر على الأعمال المنجزة و غير المنجزة في كل المستويات، الاجتماعية والعلمية والثقافية و السياسية على مقدار درجة المسؤولية.

       ومن هذا المنظور يصبح التسيير فن و إبداع في بعض الحالات، سواء على مستوى العائلة من طرف ربها أو في مشروع تنموي أو سياسي. و بالعكس إذا كان رب البيت مطبلا … فكل شيئ ينهار من ورائه و تُجَرُ الكوارث و تنهار العائلات و الأمم و تهدم مصانع و منشأت و دول نتيجة سوء التصرف و سوء التقدير.  وما نراه و نعيشه على ساحة الواقع عامة يثبت ذلك. فبمجرد تصريح غير مدروس من رجل سياسة مسؤول تتدهور دولة و مجتمع بكامله و في المقابل بتخطيط محكم يتم تصدع قطب أحادي في ميزان القوة، كان مبرمج منذ حقبة من الزمن و مَنْ أعَدَ له كل العدة يشاهده ينهار أمامه شيئا فشيئا و هو لا يستطيع إيقافه إلا إذا أعد له مخطط أكثر دراسة من عهد بلفور و كيفية إستعمار الشعوب. 

          فالعلم الحقيقي إذا إستقر عند أهله و أحسنوا مكانته و تعاملاته و تعاليمه على أحسن ما يرام، يسودوا و يتربعوا على المعمورة و يُحترموا و يُؤخذ بتعاليمهم و توجيهاتهم. و من ثم تعيش الأمم و المجتمعات في طمأنينة و أمن و إستقرار بينهم و في تطور حسب ما تملكه تلك دول و الأمم في تبادل بإنصاف. فدول الغرب اليوم كأنها لا تريد التخلص مما تمارسه من هيمنة وغطرسة و تلفيق التهم،  و لكنها في نفس الوقت تحس أنها تتلاشى تدريجيا مع تفطن المجتمعات و كشف النوايا و هي تتشبث بمكائدها أمام الضعفاء و أن لا تحاسب عليها. يقول المثل في محيطنا “الدوام يُذَوبُ الرُخام” و يأخذ المظلوم حقه،  لأن العقل البشري خُلِقَ للتمييز و الإنصاف مهما كان الأمر. 

         اليوم أظهر الإعلام حقائق المدسوس و أهداف المخططات و تطلع المجتمعات المضطهدة و المهضومة، فاليوم تنديد و غدا تصعيد فات وقت السكوت. بل إصطدام و أخذ الصاع ربما بصاعين و الكيل بمكيالين. كل مخطط و فكرة لها نهاية و حتى الحضارات ستزول، إلا التعامل الحسن للفرد مع أخيه أين ما كان وحيث ما وجد من اللون أو المكان أو العقيدة أو العادات أو درجة التطور. لأن هذه الأفكار و المخططات الدنيئة المبنية على حب المادة على حساب الغير تأباها الطبيعة و العقل. و من هنا و في أخر المطاف ندرك زوالنا كبشر و ما نعمله بسلوك دنيء مهما نصل من العلو و التكبر.

          فعندما نراجع الحالة، نجد أن الرابح في الأخير هو مَنْ يتصرف كفرد أو كدولة بما تملكه الطبيعة (فأين هتلر الذي أراد أن يقود العالم أو مَنْ دبروا له المكائد من الصهاينة وما فعل بهم ). الأرض خلقت ليعيش فيها كل البشر بدون إستثناء و لا تمييز. فنقول للمهضوم حقوقهم أن دوام الحال من المحال و أن العمل بالعلم و الدراسة و التكتل و الإتحاد و التشاور و السير على المبادئ المنبثقة من أصل المجتمع في هذا الظرف، أصبح له أهمية قصوى في التصدي من أجل البقاء و الإستمرار. يقول نيلسون منديلا ” لا أخسر، إنما أربح أو أتعلم” و يضيف مالك بن نبي ” أن المعجزات الكبرى في التاريخ مرتبطة دائما بالأفكار الدافعة” و أختمها بإبن خلدون ” مَنْ لم يقرأ التاريخ فقد عاش عصره فقط، و مَنْ قرأ التاريخ فقط عاش الدهر كله”.

  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب