الصحافه

مع بقاء التطبيع “الحل الوحيد”.. من قال إن إسرائيل غابت عن زيارة ترامب للخليج؟

مع بقاء التطبيع “الحل الوحيد”.. من قال إن إسرائيل غابت عن زيارة ترامب للخليج؟

أيال زيسر

لم يتلق الحوثيون دعوة للاستقبال الاحتفالي الذي أجري على شرف زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر، لكنهم تكبدوا عناء تذكير الجميع، وبالتأكيد إسرائيل، بأن ترامب أعلن بأنهم تلقوا ضربة قاسية واضطروا لرفع علم أبيض، لكن إعلانات النصر في جهة والواقع على الأرض في جهة أخرى: إطلاق ثلاثة صواريخ في يوم واحد باتجاهنا وترامب ورفاقه يحتفلون في الخليل.

ترامب منح الحوثيين حبل نجاة مقابل عدم مهاجمة سفن أمريكية تبحر أمام شواطئ اليمن. ولعله بذلك اشترى هدوءاً لنفسه، لكنه هدوء مؤقت لا يساوي المؤتمر الصحافي الفرح الذي عقده وبالتأكيد لن يحل النزاع الدامي في اليمن؛ النزاع الذي لا يخلق تهديداً على إسرائيل فحسب بل قبل كل شيء على السعودية المجاورة. يجب هزيمة الحوثيين كما هزم “داعش” في حينه، وان كان هذا في ظل رئيس أمريكي آخر هو أوباما.

لم تتراجع الولايات المتحدة في اليمن فحسب، بل تراجعت حيال إيران من قبل: طهران اليوم أمام انهيار اقتصادي، وآية الله يخشى على حكمه إذا ما سار في مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. إحساس الضائقة والتخوف الذي تبثه إيران حقيقي، لكن بدلاً من ضرب نظام الشر في ساعته الصعبة – نظام مصمم على نشر الإرهاب والعنف في المنطقة بل وتطوير النووي، اختار الأمريكيون طريق الحوار والمصالحة. قد تنتج هذه السياسة اتفاقاً يضمن هدوءاً للأشهر والسنوات القادمة، لكنه سيبقي النووي الإيراني قنبلة موقوتة على عتبة الشرق الأوسط كله.

لم تتراجع الولايات المتحدة في اليمن فحسب، بل تراجعت حيال إيران من قبل: طهران اليوم أمام انهيار اقتصادي، وآية الله يخشى على حكمه إذا ما سار في مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل

الحوثيون والإيرانيون، لم يكونوا في الرياض وقطر، ولا إسرائيل أيضاً، لكن من دعي كضيف شرف هو الرئيس السوري أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني). وبناء على طلب صديقيه الطيبين بن سلمان واردوغان، هجر ترامب القاعدة الأساس التي تدعو إلى “احترمه وشك فيه”، وانتهج “نسمع ونطيع”: بداية، نرفع العقوبات ونساعد الشرع، ناشط “القاعدة” و”داعش” في ماضيه، على تثبيت حكمه، ثم نأمل خيراً.

وبعد كل هذا، من المهم أن نذكر أن الشرق الأوسط لم يغير وجهه –للخير وللشر– في ظل زيارة رئاسية إليه وفي أعقابها. سينتهي ضجيج الاحتفالات، وسيعود ترامب إلى واشنطن، وسنبقى في منطقة مليئة بالتهديدات والمخاطر التي لم تنقض، ولكن ثمة نافذة فرص لمستقبل أفضل.

صحيح أن إسرائيل لم تكن حاضرة في الرياض والدوحة، بل وكادت لا تذكر في خطابات الترحيب، لكن السطر الأخير من كل ما حدث في الخليج في الأسبوع الماضي هو أن اتفاقات إبراهيم بقيت المباراة الوحيدة في المدينة بل والطريق الأفضل – وفي واقع الأمر الوحيد – لضمان استقرار الأمن في المنطقة.

بعد نحو عشرين شهراً من 7 أكتوبر، مدهش أن نكتشف أن عموم الدول العربية بقيت ملتزمة بهذه الاتفاقات وبدفعها إلى الأمام، والتغيير الوحيد الذي طرأ هو إضافة لبنان وسوريا إلى القائمة الطويلة.

حكام العرب لا يريدون اتفاقات إبراهيم من أجل إسرائيل أو ترامب، بل لرغبتهم في الانضمام إلى مستقبل أفضل وأكثر أماناً لهم. وهذا يمكن تحقيقه من خلال الاعتماد على مزاج الرئيس الأمريكي الحالي أو ذاك، بل ومن خلال منظومة إقليمية تؤسس وتقيم ترتيباتها الأمنية التي يحتاجونها.

الكرة في الملعب الأمريكي، لكنها أيضاً في الملعب الإسرائيلي، وما نحتاجه هو أن نفهم بأن الحرب في غزة هي قصة الماضي، وأن المستقبل في فك الارتباط عنها وفي السير إلى الأمام، نحو اليوم التالي. ينبغي أن نساعد ترامب في هذه الخطوة؛ لأنه ليس ضد إسرائيل بل يريد مصلحتها. وعليه، من الأفضل أن نكون نحن من نقرر المسار، ونصمم اليوم التالي في غزة بشكل يخدم المصالحة الإسرائيلية، ندفع إلى الأمام بصيغة موسعة ومتطورة من اتفاقات إبراهيم مع العالم العربي المحيط بنا، وألا ننتظر الإملاء الأمريكي.

إسرائيل اليوم 18/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب