الصحافه

لوفيغارو: هكذا تخلّى الرئيس الأمريكي “الأقلّ قابلية للضغوط” عن نتنياهو للتقرب من دول الخليج

لوفيغارو: هكذا تخلّى الرئيس الأمريكي “الأقلّ قابلية للضغوط” عن نتنياهو للتقرب من دول الخليج

باريس

تحت عنوان: “كيف تخلّى دونالد ترامب عن نتنياهو للتقرب من دول الخليج؟”، قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات تشير إلى مقاربة أمريكية جديدة أقلّ طابعًا رساليًا وأكثر واقعية، في وقت تتراجع فيه مكانة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سياسة واشنطن.

لوفيغارو أوضحت أنه في حين حاول جورج بوش الابن تغيير وجه العالم العربي، وسعى باراك أوباما إلى الابتعاد عنه، أعاد دونالد ترامب الولايات المتحدة إلى قلب المنطقة بنهج واقعي معلن. وشكّلت جولته إلى دول الخليج، كأول زيارة خارجية في ولايته الثانية، مناسبة للإعلان عن المبادئ الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، في إطار إعادة رسم دور الولايات المتحدة عالميًا.

ورغم أن أسلوب ترامب كثيرًا ما يخفي ملامح سياساته التقليدية، فإن استراتيجيته في الشرق الأوسط تعيد التمسك بثوابت الدبلوماسية الأمريكية القديمة، تضيف الصحيفة الفرنسية، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي جدّد التأكيد على مكانة السعودية كحليف رئيسي لواشنطن، فيما لم تشمل زيارته إسرائيل، ما اعتُبر إشارة إلى أولوية المصالح الأمريكية أولًا: شرق أوسط مستقر، وأسواق نفطية آمنة، وصفقات تجارية – خاصة في مجال التسلح – تعزز النفوذ الأمريكي وتُبعد كلاً من الصين وروسيا.

رغم أن أسلوب ترامب كثيرًا ما يخفي ملامح سياساته التقليدية، فإن استراتيجيته في الشرق الأوسط تعيد التمسك بثوابت الدبلوماسية الأمريكية القديمة

وفي خطابه بالرياض، لم يُخفِ ترامب إعجابه بالسعودية، إلا أنه لم يكن أول رئيس أمريكي يفعل ذلك. فقد بدأت العلاقة الخاصة بين البلدين بلقاء فرانكلين روزفلت والملك المؤسس عبد العزيز بن سعود على متن المدمرة كوينسي عام 1945، وتواصلت عبر التدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة، لحماية الخليج من الثورة الإيرانية في الثمانينيات، ثم من صدام حسين في 1990-1991، وصولًا إلى تغاضي واشنطن عن تورّط مواطنين سعوديين في هجمات 11 سبتمبر، دون فرض أي عقوبات على الرياض، تُذكِّر المجلة الفرنسية.

الدفاع عن الحلفاء الخليجيين

ومضت لوفيغارو موضّحة أن الرؤساء الأمريكيين غالبًا ما أعطوا الأولوية لعقود التسليح وتأمين النفط، على حساب الانتقادات المعتادة لغياب الحريات في هذه الأنظمة الحليفة. لكن ترامب ذهب إلى أبعد من ذلك. بخلاف جورج بوش الذي روّج للديمقراطية كسبيل لتغيير المنطقة، أو باراك أوباما الذي ندد بفساد الأنظمة العربية في خطابه الشهير بالقاهرة عام 2009، انتقد ترامب أسلافه ورفض أي تدخل أمريكي في الشؤون الداخلية لحلفائه العرب.

وقال في خطابه في 13 مايو الجاري بالرياض: “روعة الرياض وأبوظبي لم تبنها منظمات بناء الأمم ولا المحافظون الجدد ولا المنظمات الليبرالية غير الربحية التي أنفقت تريليونات الدولارات دون أن تطور كابول أو بغداد”، مضيفًا: “السلام والازدهار والتقدم لا يأتون من رفض جذوركم، بل من الاعتزاز بتراثكم وتقاليدكم”.

كما امتنع ترامب عن توجيه أي انتقاد لحلفاء واشنطن القدامى الذين يحظون بالحماية العسكرية الأمريكية. وعلى عكس نهجه المتردد في دعم أوروبا، جدّد التزامه بالدفاع عن الحلفاء الخليجيين قائلًا: “لن أتردد في استخدام القوة الأمريكية عند الضرورة للدفاع عن الولايات المتحدة أو عن حلفائنا”، مضيفًا: “ولن يكون هناك رحمة لأي عدو يهاجمنا أو يهاجمهم”.

وقد تباين موقف ترامب مع حدة خطابه تجاه الحلفاء الأوروبيين، مثل ألمانيا وبريطانيا، الذين اتهمهم بعدم احترام حرية التعبير، تُشير صحيفة لوفيغارو.

حذر في العلاقة مع إسرائيل

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن هذا التوجه الواقعي الجديد يمثّل تحولًا في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، إذ لم تكن إسرائيل ضمن محطات الجولة الرئاسية. كما أن مبدأ عدم التدخل في السياسات الداخلية طُبّق أيضًا على إسرائيل، إذ منح ترامب منذ بداية ولايته نتنياهو حرية التصرف في الضفة الغربية وغزة، إلا أن نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي على السياسة الأمريكية أخذ في التراجع مؤخرًا.

انتظر نتنياهو انتهاء زيارة ترامب وعودته إلى واشنطن قبل أن يشن هجومًا جديدًا على غزة، في وقت تشير فيه تقارير إلى أن واشنطن غير راضية عن التصعيد

وقد انتظر نتنياهو انتهاء زيارة ترامب وعودته إلى واشنطن قبل أن يشن هجومًا جديدًا على غزة، في وقت تشير فيه تقارير إلى أن واشنطن غير راضية عن التصعيد. ويسعى المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، للتوسط في وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. كما ألغى نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، زيارة كانت مقررة إلى إسرائيل هذا الأسبوع، لأسباب قيل إنها “لوجستية”، لكن مصادر أمريكية رجّحت أن تكون مرتبطة بعدم الرغبة في إعطاء انطباع بدعم واشنطن للهجوم الإسرائيلي.

وثمّة مؤشرات أخرى على تراجع التنسيق الأمريكي مع إسرائيل، منها المفاوضات الأخيرة للإفراج عن رهائن في غزة التي جرت بين واشنطن وحماس بدون إشراك إسرائيل، وكذلك المفاوضات مع الحوثيين، التي أفضت إلى تهدئة في البحر الأحمر عبر وساطة عُمانية، من دون حضور إسرائيلي في المباحثات أو الاتفاق، تُتابع صحيفة لوفيغارو.

الأهم من ذلك، أن نتنياهو، الذي كان يأمل في دعم أمريكي لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، فوجئ بعودة واشنطن إلى طاولة التفاوض مع طهران. كما زاد قلق تل أبيب بعد تقارب ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى لإعادة بلاده إلى برنامج تصنيع مقاتلات F-35، بعدما تم استبعادها سابقًا بسبب شراء أنظمة دفاع روسية، وهو ما يهدد التفوق الجوي الإسرائيلي في المنطقة.

شرق أوسط مزدهر ومستقر

ومن القرارات التي فاجأت إسرائيل أيضًا، إعلان ترامب خلال جولته رفع العقوبات الأمريكية عن النظام السوري الجديد، استجابة لنصائح من تركيا والسعودية، تشير صحيفة لوفيغارو دائما.

ورأت الصحيفة أن العودة إلى التفاوض مع إيران – في تراجع صارخ عن موقف ترامب خلال ولايته الأولى حين مزّق الاتفاق النووي الذي وقّعه أوباما – أو الانفتاح على فصيل جهادي سابق في سوريا، تُظهر مدى هامش التحرك الذي يتمتع به ترامب بفضل غياب معارضة جدية في الداخل الأمريكي. فقرارات كهذه، كانت ستواجه هجومًا عنيفًا من الجمهوريين لو صدرت عن رئيس ديمقراطي، لكنها مرّت الآن دون اعتراض يُذكر.

وهذا ما يتيح لترامب – وفق لوفيغارو دائما- خوض مغامرته الدبلوماسية لبناء شرق أوسط مزدهر ومستقر. لكن التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، وغياب أي نية حقيقية لحل النزاع، قد يزيدان من استياء ترامب تجاه تل أبيب. وها هو نتنياهو، الذي لطالما راهن على دعم الجمهوريين في الكونغرس للتأثير على واشنطن، يواجه رئيسًا أمريكيًا يبدو أقلّ قابلية للضغوط.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب