فلسطين

يوم دموي جديد في غزّة: وجوه الإبادة تتكاثر

يوم دموي جديد في غزّة: وجوه الإبادة تتكاثر

غزة | يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسات الإبادة الممنهجة بحق أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة، والذي تحوّل إلى مسرح لجريمة مستمرة، تتوزّع فصولها بين الشمال والجنوب والوسط، فيما وثّقت وزارة الصحة، بعد ظهر أمس، وصول 82 شهيداً، و262 إصابة خلال 24 ساعة، إلى مستشفيات القطاع. ومع تعمّق الكارثة الإنسانية، تتفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية، في ظل توقّف كامل للمساعدات وانهيار منظومة المياه والصرف الصحي، واستهداف مباشر للنازحين، بينما لا تزال جثث الشهداء تُنتشل من تحت ركام البيوت.

ولليوم الثالث على التوالي، لم تدخل أي شاحنة مساعدات إنسانية إلى القطاع، خلافاً لما يروّجه العدو، في وقت أعلنت فيه «الجبهة الداخلية» أن غزة محرومة من الوصول إلى الإغاثة والرعاية الصحية منذ عشرة أسابيع. وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، بدورها، إن ما سمح الاحتلال بدخوله من مساعدات «غير كافٍ على الإطلاق». ومن جهتها، أطلقت بلدية غزة نداء استغاثة، محذّرة من «أزمة عطش كارثية» بسبب توقّف ضخ المياه من خط «ميكروت» وانخفاض كميات الوقود المشغّلة للآبار، وارتفاع درجات الحرارة، وذلك بعدما أدّى العدوان إلى تدمير أكثر من 115 ألف متر من شبكات المياه، و63 بئراً، ومحطة تحلية كبيرة كانت تغذّي شمال غرب المدينة.

وعاشت جباليا، شمالاً، أمس، يوماً دموياً آخر بعدما أغارت طائرات الاحتلال على عدد من المنازل السكنية، أبرزها منازل عائلة جنيد ونبهان، ما أسفر عن استشهاد عشرة مواطنين على الأقل، غالبيتهم من الأطفال، وإصابة العشرات. وفي وقت يعمل فيه «الدفاع المدني»، قدر المستطاع، منذ ساعات الفجر الأولى، على انتشال الجثامين والمصابين من تحت الركام، تعاني الطواقم من شحّ الإمكانات وصعوبة الوصول إلى الضحايا. وأكّدت بلدية جباليا أن عدداً كبيراً من السكان عالقون في مناطق الإخلاء بفعل استمرار القصف الإسرائيلي العنيف، مطالبةً «الصليب الأحمر» بالتدخل الفوري. كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية برج السلطان وشارع النزهة، وشنّت غارة في محيط «مستشفى العودة» في تل الزعتر في مخيم جباليا، ثم قصفت الطابق الثالث التابع للمشفى في «مبنى B».

أعلنت «سرايا القدس» قصف أسدود وعسقلان برشقة صاروخية رداً على المجازر

أما في مخيم المغازي وسط القطاع، فاستُشهد مواطنان إثر قصف بطائرة مُسيّرة استهدف «بيارة شيرين المصدر»، فيما تكرّر المشهد في النصيرات، حيث استُشهد طفلان في غارة على تبة النويري. كما شنّ العدو قصفاً عنيفاً على شارع صلاح الدين قرب مستشفى «غزة الأوروبي»، وتوغّلت آلياته قرب منطقة الفخاري شرق خانيونس، وسط إطلاق نار كثيف في محيط مخيم النصيرات. أيضاً، استُشهد طفل رضيع عمره أسبوع فقط، جراء قصف منزل لعائلة الكحلوت في دير البلح، وسط القطاع. وفي عبسان الكبيرة، شرق خانيونس، ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة طاولت منزل عائلة أبو صلاح، وأسفرت عن إبادة ثلاث أسر بأكملها، معظم أفرادها من النساء والأطفال. كما استُهدفت منازل عدة في بني سهيلا والقرارة والسطر الشرقي والغربي، وسط قصف مدفعي وجوي عنيف طاول المناطق الشرقية للمدينة، وأسفر عن سقوط عدد من الشهداء.

وفي غضون ذلك، تكشّفت تفاصيل حادثة مقتل الرقيب أول الإسرائيلي دانييلو موكانو، من «الكتيبة 82» التابعة للواء «كيراتي»، إثر انفجار عبوة ناسفة داخل مبنى في خانيونس، علماً أن موكانو هو ثاني جندي يُقتل منذ انطلاق عملية «عربات جدعون». وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن الانفجار أدّى إلى انهيار مبنى مكوّن من أربعة طوابق فوق الجنود الذين كانوا يعملون داخله، ما أسفر عن إصابة ثلاثة جنود آخرين، وُصفت جراح بعضهم بأنها خطيرة، ونُقلوا بطائرات مروحية إلى المستشفيات.

ووفقاً لمراسل إذاعة الجيش، دورون كدوش، فإن القوة الإسرائيلية دخلت المبنى من دون التأكد من سلامته، وتبيّن لاحقاً أنه مفخّخ بالكامل من قبل مقاومي حركة «حماس»، وانفجرت العبوة فور دخول الجنود، ما أدّى إلى انهيار المبنى واحتجاز الجندي المفقود لساعات تحت الأنقاض، فيما استغرقت عملية انتشال الجثة ساعات طويلة وسط اشتباكات عنيفة، قبل أن تُعلن وفاة موكانو رسمياً، بعد أن فُقد لساعات وظنّت القيادة أنه أُسر.

وإذ تداولت وسائل إعلام عبرية أن موكانو أبلغ عائلته في آخر مكالمة هاتفية أن «الوضع في غزة مخيف»، وجّه مراسل «القناة 14»، نوعام أمير، انتقادات لاذعة إلى قيادة الجيش الإسرائيلي، متسائلاً عن سبب تكرار دخول القوات إلى مبانٍ غير ممسوحة ميدانياً أو مفحوصة استخباراتياً، في وقت تبيّن فيه أن معظم قطاع غزة بات مفخّخاً خلال فترات الهدوء ووقف إطلاق النار.

وتتزامن هذه الحادثة مع اشتداد المعارك البرية جنوب القطاع، خاصة في محور بلدة عبسان الكبيرة وخزاعة، حيث تواجه القوات الإسرائيلية مقاومة شرسة، في بيئة ميدانية تعتبرها الأوساط الأمنية الإسرائيلية «شديدة التعقيد». ومساء أمس، أعلنت «سرايا القدس» قصف أسدود وعسقلان برشقة صاروخية رداً على المجازر الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب