نتنياهو يدير ظهره لـ«الغضب» الدولي: الإبادة باقية

نتنياهو يدير ظهره لـ«الغضب» الدولي: الإبادة باقية
عادت مفاوضات الدوحة، على استحياء، مستندةً إلى مقترح المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، الذي يحاول طرح صيغ جديدة، عنوانها التوصّل إلى اتفاق «جزئي» في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، وارتفاع أعداد الشهداء بشكل يومي. إلا أن ما يحدث على الأرض، وما يُطلب في الكواليس، سرعان ما يُعيدان التفاوض إلى المربّع الأول في كل جولة، بفعل المطالب الإسرائيلية المتكررة بالتعديل على كل مقترح جديد، وآخرها تقليص مدة وقف إطلاق النار المؤقّت، المنصوص عليها في مقترح ويتكوف، والتي كانت تراوِح بين 45 و60 يوماً.
كما تُصرّ إسرائيل، في الوقت ذاته، على رفض تقديم أي التزام مستقبلي بإنهاء الحرب أو وقف العدوان، بما في ذلك أي تعهّد مكتوب أو شفهي. وفي هذا السياق، نقل مسؤول مصري تنقّل بين القاهرة والدوحة في الأيام الأخيرة، أن «التفاؤل بإمكان الوصول إلى اتفاق في الوقت الحالي يبدو محدوداً، وإن حصل، فسيكون بدافع إنساني صرف، وربما يتحقّق قبل عيد الأضحى، لكنه لن يتجاوز كونه هدنة تمتدّ لأيام قليلة». وأشار إلى أن هناك شعوراً متزايداً لدى الوسطاء بأن «كل ما يجري في الدوحة ليس أكثر من غطاء لجهد عسكري مستمرّ على الأرض».
وكانت إسرائيل سمحت، تحت ضغط أميركي، بإدخال دفعات محدودة من المساعدات الإنسانية إلى داخل قطاع غزة، وسط ترويج لدور إماراتي في هذا المسار. غير أن الكميات المُعلن عنها، وفق تقديرات الأمم المتحدة، «لا تغطي احتياجات السكان ليوم واحد»، ما يفضح محاولة تل أبيب الهروب من التهم المتزايدة بارتكاب جرائم تجويع جماعي، وتقديم ما يشبه «رشوة إنسانية» مؤقتة مقابل غضّ النظر عن المذبحة المستمرة. وفي هذا الإطار، اتّهمت حركة «حماس» إسرائيل باستخدام «التجويع كسلاح حرب»، وارتكاب «جريمة إبادة ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني»، داعيةً إلى تحرك دولي فوري لكسر الحصار وإدخال المساعدات من دون قيود. واعتبرت الحركة أن الاحتلال «يدير واحدة من أبشع جرائم العصر الحديث»، تُقابل بصمت دولي «يمثّل شراكة فعلية في الجريمة».
أعلن نتنياهو بوضوح نيته الاستمرار في الحرب حتى تحقيق «الأهداف الكاملة للحرب»
في المقابل، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤتمراً صحافياً مساء أمس، أعلن خلاله بوضوح نية حكومته الاستمرار في العملية العسكرية حتى تحقيق ما سمّاه «الأهداف الكاملة للحرب»، مجدّداً القول إن «كل مناطق قطاع غزة ستكون تحت سيطرتنا الأمنية، ولن نتراجع حتى إنهاء حكم حماس». ولفت إلى أن قوات جيشه تواصل توجيه «ضربات قوية» إلى الحركة، وأنه أصدر تعليمات بتنفيذ «ضربات أكثر وأقسى»، متحدّثاً عن احتمال أن تكون إسرائيل قد تمكّنت من قتل محمد السنوار، شقيق الشهيد القائد يحيى السنوار، في إحدى الغارات الأخيرة.
وأوضح نتنياهو أن وقف إطلاق النار، إن حدث، فسيكون «مؤقّتاً فقط من أجل إعادة الأسرى»، وأنه «لا مجال لإنهاء الحرب من دون تحقيق شروط تضمن أمن إسرائيل ومنع عودة حماس إلى الحكم». وفي ما يخصّ ملف الأسرى، قال نتنياهو إن هناك «20 أسيراً حياً، و38 جثة لدى حماس»، متعهداً بإعادتهم جميعاً. كما تحدّث عن استهداف «أنصار الله» في اليمن، قائلاً إن إسرائيل «وجّهت إليهم ضربات قوية لكنها لم تقل كلمتها الأخيرة بعد»، مؤكداً في الوقت نفسه استمرار العمل على «منع إيران من تخصيب اليورانيوم» والدفاع عن النفس «مهما كلّف الثمن». وتطرّق أيضاً إلى قضية «قطر غيت»، نافياً حصوله على أي تمويل من قطر، واتّهم الدوحة بأنها «تدعم حماس وتهاجمه».
وفي أعقاب ذلك، شنّ زعيم المعارضة، يائير لابيد، هجوماً لاذعاً على نتنياهو، واصفاً تصريحاته الأخيرة بأنها تعني «الانزلاق نحو احتلال طويل الأمد لقطاع غزة، مع استمرار استنزاف الجيش وقتل جنودنا». واتهم لابيد رئيس الحكومة بـ«الكذب على الجمهور الإسرائيلي»، قائلاً إن ما صرّح به بشأن التنسيق الكامل مع الإدارة الأميركية «محض افتراء»، محذّراً من أن «الوضع الدولي لإسرائيل سيتدهور بشكل غير مسبوق، وسيتضرر الاقتصاد بشدة». ومن جهته، وصف رئيس حزب «الديمقراطيين» اللواء الاحتياط يائير غولان، خطاب نتنياهو بأنه «عرض لرجل كاذب، مهووس، ومضغوط، يُلقي الوحل على الجميع ولا يتحمّل أي مسؤولية».
كذلك، أثارت تصريحات نتنياهو غضب عائلات الأسرى الإسرائيليين، والتي هاجمت بشدّة الحكومة، معتبرة أن نتنياهو «يضع شارة المختطفين على صدره بينما يقود أبناءنا إلى موتهم». وقالت والدة أحد الأسرى إن نتنياهو لا يملك أي خطة حقيقية، فيما اعتبرت «هيئة عائلات الأسرى» أن الحكومة «تهين إسرائيل وتزرع أوهاماً زائفة عن النصر».