يوم ثانٍ من التعثّر: «غيتو المساعدات» نحو فشل تام

يوم ثانٍ من التعثّر: «غيتو المساعدات» نحو فشل تام
غزة | خلافاً لليوم الأول من عملية توزيع المساعدات، والتي تقودها الولايات المتحدة في قطاع غزة عبر «مؤسّسة إغاثة غزة»، لم تصدر منظومة الدعاية الأمنية الإسرائيلية صوراً تتباهى فيها بـ«نجاح» الآلية الأميركية – الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات؛ إذ اكتفى مراسلو القنوات العبرية بالحديث عن افتتاح نقطة جديدة في محور موراج بين مدينتي خانيونس ورفح جنوبي القطاع، توجّه إليها المئات من الفلسطينيين، أمس، واستطاعوا في الساعات الأولى تسلّم الطرود الغذائية من دون أي معوقات. وفي وقت لاحق، نقلت وكالة «رويترز» عن«مؤسسة إغاثة غزة» إعلاناً عن وقف التوزيع بسبب «حالات شغب وعدم التزام بعض الأفراد».
وعليه، يمكن القول إن اليوم الثاني من اختبار الآلية الجديدة، تم في الظلام، بعدما قرّرت منظومة الدعاية التابعة لجيش الاحتلال، أن لا تغامر مجدّداً يعرض النتائج، لاسيما في ظل تصاعد الانتقادات الدولية التي أعقبت مشهدية اليوم الأول. إذ وصفت المقرّرة الأممية الخاصة المعنية بالحق في السكن اللائق، بالاكريشنان راجاغوبال، طريقة التوزيع بـ «السادية»، وقالت في منشور على منصة «إكس» إنها «عاجزة عن الكلام عن إيصال المساعدات السادية إلى غزة.
وإذا كان هذا صحيحاً، فهي جريمة أميركية – إسرائيلية تتمثّل في استخدام المساعدات الإنسانية في الإذلال والقتل والتعذيب والتجويع المتعمّد الذي يمهّد للتهجير القسري». وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن «اثنين من كبار مسؤولي مؤسّسة إغاثة غزة قدّما استقالتيهما هذا الأسبوع».
مقرّرة أممية تصف طريقة توزيع المساعدات بـ«السادية» وبأنها جريمة أميركية – إسرائيلية
وفي ما بدا أنه تداعٍ آخر لمسار المساعدات الإسرائيلي، علمت «الأخبار» من مصادر في المؤسّسات الدولية، أن جيش الاحتلال سمح للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، بعودة إدخال المساعدات إلى مناطق القطاع كافة عن طريق برنامج الغذاء العالمي (wfb). وبحسب المصادر ذاتها، فإنه من المقرر أن تشرع المؤسّسات الدولية في توزيع كيس واحد من الدقيق على كل عائلة بشكل تجريبي، وفق الآلية السابقة نفسها، على أن يُستأنف إدخال الطرود الغذائية الشهرية في حال نجحت الآلية، التي لا تفرض على الأهالي قطع مسافات طويلة بعيداً من مناطق سكنهم، وتُوزَّع الطرود الغذائية بموجبها من حوالي 400 نقطة توزيع منتشرة في مناطق القطاع كافة. ويعني ما تقدم، مزيداً من التفكيك لأهداف الآلية الإسرائيلية – الأميركية، وأهمها حصر توزيع المساعدات في مناطق الجنوب تحت السيطرة والرقابة الأمنية الإسرائيلية.
لكن هل فشل المشروع تماماً؟ من المبكر إطلاق أحكام متفائلة – مع أن كل عوامل الفشل متوافرة – خصوصاً أن إسرائيل اعتادت استنفاد كامل المدة المتاحة للمحاولة والتجريب، تماماً كما حدث مع مشروع الميناء العائم. وبالإضافة إلى استقالة اثنين من مسؤولي المشروع، أحدهما مديره التنفيذي الذي تنحّى في اليوم الأول، فإن المنظمات الدولية التي طُلب منها الشراكة مع المؤسّسة الأميركية، رفضت إبداء أي نوع من التعاون. كذلك، من شأن موجة التصريحات والمواقف التي انطلقت على خلفية الصور المنشورة في اليوم الأول من تطبيق الخطة، والتي اعتبرت أن المنحى القانوني الدولي يصنّف الشكل الذي تجري به عملية تسليم المساعدات على أنه «جريمة حرب»، من شأنه أن يضاعف مستوى الانتقاد لـ«مساعدات الغيتو».
ويضاف إلى ما تقدّم، أن الشركات الأميركية التي تدير المشروع لمصلحة «مؤسسة إغاثة غزة» تبدي انفصالاً كاملاً عن الواقع المجتمعي الذي خلّفته الحرب، وجهلاً في التعاطي الإداري والتنظيمي في توزيع المساعدات، ما يعني بالنتيجة، أن المشروع برمّته سيحتاج القليل من الوقت، كي يحترق تماماً.





