لقادة إسرائيل: لا تختبئوا وراء “هزيمة حماس”.. “مقديشو الشرق الأوسط” بانتظارنا

لقادة إسرائيل: لا تختبئوا وراء “هزيمة حماس”.. “مقديشو الشرق الأوسط” بانتظارنا
كثر نتنياهو من التصريح بأن أحد أهداف الحرب هو هزيمة حماس، لكن الجمهور يستحق شفافية أيضاً فيما يتعلق بالقضية الساخنة– القرارات الاستراتيجية للحكومة فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، هذا إذا وجدت قرارات كهذه. ما الذي سيحدث في القطاع في اليوم التالي لتحرير المخطوفين، وفي اليوم التالي للتدمير والكارثة؟ هل يملك المستوى السياسي رؤية حقيقية أو أن إسرائيل تهاجم بدون توجه؟
الواقع بسيط: قطاع غزة مع 2 مليون من سكانه لن يبقى دون فراغ سلطوي لفترة طويلة. حكم حماس تصدع الآن، ومعه ينهار النظام المدني الأساسي. عائلات مسلحة، سارقون، مجموعات متطرفة، أصحاب مصالح، بقايا حركة فتح والسلطة الفلسطينية، جميعها تتنافس فيما بينها في كل حي وعلى كل معبر وعلى كل مركز قوة لا توجد فيه حماس. إذا لم يتم اتخاذ قرار إسرائيلي حاسم فيما يتعلق بمستقبل القطاع، فسيملئ الفراغ بقوى أخطر.
واضعو السياسة يقفون أمام ثلاثة احتمالات، كل واحد منها ينطوي على ثمن وأخطار: الاحتمال الأول هو عودة القطاع إلى سيطرة إسرائيلية وإعادة إقامة المستوطنات هناك. ولكنه احتمال ينطوي على رغبة خطيرة أكثر مما هو سيناريو قابل للتطبيق. أي محاولة لتحقيق هذا الحلم سيزيد العداء لإسرائيل والشعور بالاغتراب في أوساط الجمهور الفلسطيني. حكم عسكري مباشر لـ 2 مليون مواطن معاد سيحتاج إلى مليارات من ميزانية الدولة وتخصيص عشرات آلاف الجنود وتشغيل إدارة مدنية وخدمات وبنى تحتية في غزة. ستضطر إسرائيل إلى مواجهة انتقاد دولي لاذع، وستتضاءل احتمالية التوصل إلى اتفاقات تطبيع مع الدول العربية. شهية اليمين المسيحاني في إسرائيل ستزداد، وسيطمح إلى تعميق الطرد والتطهير العرقي الذي يحدث الآن في الضفة الغربية لتحقيق الهدف العلني – دفن حلم الدولة الفلسطينية.
بدلاً من أن تتحمل إسرائيل السيطرة على القطاع، يمكنها السماح بعودة السلطة الفلسطينية بدعم مصر والسعودية والمجتمع الدولي. ولكن بدون أفق سياسي حقيقي بالنسبة للفلسطينيين، فستعتبر السلطة الفلسطينية قوة وساطة منفصلة في أفضل الحالات، ومقاولاً خلفياً لإسرائيل في أسوأ الحالات. عودة السلطة إلى غزة لن تنجح إلا إذا حدثت كجزء من عملية أوسع، تشمل مصالحة فلسطينية داخلية وتعهداً بإجراء الانتخابات واعترافاً بالحاجة إلى التوصل إلى تسوية سياسية. ليس إدارة أخرى للنزاع، بل محاولة حقيقية لحل النزاع. أي اقتراح وسط آخر لا يمكن أن يوفر الرد على المدى البعيد، وبعد بضع سنوات – عندما ستلتئم جراح الحرب الحالية، هذا إذا حدث ذلك – سنجد أنفسنا مرة أخرى أمام حرب.
الاحتمال الثالث هو الأخطر والأكثر واقعية. ففي ظل غياب حسم إسرائيلي بخصوص مستقبل القطاع، وبدون حكم عسكري إسرائيلي، وبدون دخول السلطة الفلسطينية، فسيترك قطاع غزة للمليشيات، وسيتحول بسرعة إلى مقديشو الشرق الأوسط، فوضى مليئة بالسلاح، والأيديولوجيا المتطرفة والمرتزقة الذين سيوزعون المواد الغذائية ويمكنون الجهات الانتهازية في إسرائيل وفي الساحة الفلسطينية من تحقيق مكاسب خاصة على حساب المدنيين.
هذا السيناريو المخيف لن يكون في الصومال وليبيا والسودان، بل على بعد ساعة سفر من تل أبيب. من يعتقد أن هذه الفوضى ستبقى “لديهم” سيخيب أمله. العداء تجاه إسرائيل سيزداد، والجريمة والعنف سينزلقان إلى ما بعد حدود القطاع، وإسرائيل ستتضرر أيضاً من التهريب. في سيناريو متطرف كهذا ستنهار المعابر أيضاً.
الجمهور في إسرائيل يستحق الحصول على إجابة على ما سيحدث في اليوم التالي للحرب. بدون قرارات استراتيجية ورؤية واضحة، فإن أي نصر تكتيكي سيكون قصيراً، وكل نجاح على الأرض سيكون المقدمة للمواجهة القادمة. الحكومة الإسرائيلية ورئيسها مجبرون على التوقف عن الاختباء وراء شعار “هزيمة حماس”، والبت فيما سيتم فعله في غزة.
جاكي خوري
هآرتس 28/5/2025