أحاطوا بالسائق وضربوه.. والتهمة “لاعب عربي يسجل هدفاً”: ما أشبه هذا بغزة!

أحاطوا بالسائق وضربوه.. والتهمة “لاعب عربي يسجل هدفاً”: ما أشبه هذا بغزة!
جدعون ليفي
ركلوه وضربوه، ورموا عليه أشياء، ضربوه وهو ينزف وعاجز ومرمي على أرضية الباص. أحاطه الجمهور – كان هناك من هتفوا، وآخرون صمتوا، وكان بعضهم قلقاً. عملية الفتك التي جرت مع سائقي الحافلات العرب في القدس في نهاية الأسبوع هي عملية الفتك التي تنفذها إسرائيل في غزة منذ عشرين شهراً. مثلما في حديقة إسرائيل المصغرة، هكذا كانت عملية الفتك: نموذج مصغر، لكنه مشابه بشكل ملحوظ. هذا النموذج في إسرائيل أثار معارضة أكبر مقارنة مع النموذج الأصلي. لكن الحرب في غزة أكثر وحشية من محاولة الفتك.
مشجعو “بيتار” لا يحتاجون إلى ذريعة للاعتداء على سائق حافلة عربي يخدمهم. ولكن هذه المرة، وجدوا ذريعة. زاهي أحمد، لاعب عربي مثله مثل السائق، تجرأ على تسجيل هدف ضد بيتار، ومنح فريقه “هبوعيل بئر السبع” الفوز في نهائي الكاس.
من ناحية مشجعي بيتار، فإن هدفاً بقدم لاعب عربي، لا سيما في نهائي الكأس، يبدو أقرب إلى 7 أكتوبر، لا يمكن الصمت عليه. مثلما بعد 7 أكتوبر، كان الرد الفوري ضرورياً. بالنسبة لهم، كان يجب أن يكون الدوري نقياً من العرب منذ زمن، وقاحة لاعب عربي الذي سجل هدفا أمام الفريق اليهودي، لا سيما في النهائي، لن يمر دون رد. جاء الانتقام فوراً، في الخط 505.
من ناحية مشجعي بيتار، فإن هدفاً بقدم لاعب عربي، لا سيما في نهائي الكأس، يبدو أقرب إلى 7 أكتوبر، لا يمكن الصمت عليه
هل أصابكم اعتداؤهم على عربي بالصدمة؟ كيف إذاً لم تصابوا بالصدمة من الحرب؟ ما حدث في الحافلة هو نسخة دقيقة بدرجة مؤلمة لما يحدث في الحرب. عملية الفتك والحرب كان لها ذريعة. من غير المحتمل حتى مقارنة فظائع 7 أكتوبر بهدف في مباراة كرة قدم، لكن أيضاً لا يمكن مقارنة سائق مصاب مع ألف طفل رضيع قتيل. 7 اكتوبر كان جريمة فظيعة لـ “لافاميليا”، وهدف عربي في مرمى يهودي جريمة لا يمكن تجاهلها.
من الآن فصاعداً، التشابه يتعزز. في الحالتين، كان الرد غير متزن تماماً. أن تقول بأن الحرب في غزة مبررة، أكثر حرب مبررة، هو نوع من الجنون بالضبط مثلما تقول لمشجعي بيتار بوجود سبب لضرب السائق. هذا السائق يرتبط بخسارة بيتار بالضبط مثلما يرتبط أطفال غزة بـ 7 أكتوبر.
أن تقول إن الهدف هو تحرير المخطوفين وهزيمة حماس، فهذا أمر مدحوض ولا أساس له، بالضبط مثل الاعتقاد بأن عملية الفتك بالسائق ستمنع أهدافاً بقدم عربي. فكر المشجعون بردعهم بواسطة عملية فتك، وتفكر إسرائيل بردع غزة بواسطة الإبادة الجماعية. شهوة الانتقام متشابهة.
لا كوابح في الحالتين، سواء قانونية أو أخلاقية. الضرب بدون شفقة مثل قصف بدون شفقة. في الحالتين، الضحايا أبرياء في معظمهم. وعلاقة القوة متشابهة؛ عشرات الأشخاص ضد سائق واحد، هذا مثل الجيش الأكثر تسلحاً في العالم ضد سكان عاجزين. ثمة عملية فتك في غزة. قصفها والاستمرار في قصفها حتى وهي تنزف على الأرض وجائعة ومريضة، بالضبط مثل ركل سائق مرمي على الأرض ينزف.
عملية الفتك لم تكن الأولى في القدس ولن تكون الأخيرة. حسب بيانات نقابة السائقين، على الأقل يحدث اعتداءان على سائقين في القدس يومياً. الاعتداء الحالي على غزة ليس هو الأول، ولن يكون الأخير. الجمهور حولنا يصرخ ويقف جانباً. لا نعرف إذا كان مصدوماً أو متحمساً. لا أحد هب للدفاع عن السائقين. ليس هناك رجل واحد صالح في القدس. في الخلفية يوجد شعار “لتحترق قريتكم”. السائقان لن يتعافيا بسرعة من هذه الصدمة. ومشكوك فيه أنهما سيتمكنان من نقل المسافرين في هذه المدينة الفاشية. وغزة لن تتعافى، وستبقى مصدومة إلى الأبد مما فعلته بها إسرائيل.
انظروا إلى عملية الفتك في القدس وسترون إسرائيل. انظروا إلى من يقفون جانباً ويصرخون، وستروننا.
هآرتس 1/6/2025