كتب
الثورة الثقافية وتحلياتها في المجتمع العربي المجتمع العربي السوري أنموذجاً بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

الثورة الثقافية وتحلياتها في المجتمع العربي المجتمع العربي السوري أنموذجاً
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
ليس المطلوب في هذه المقاربة من مسألة التغيير في البنية الثقافية،وحسب الأنثروبولوجيا ،النسق الثقافي،الشرح المفصل بمصطلح التغيير الثقافي،والثورة الثقافيّة،والتحول الثقافي،وإنّما أخذ هذا المصطلح في إطار وسياق مفهوم “تجليات”الثقافة في الحياة العربية،لتكون مدخلنا،إلى تجلياتها في الحياة السورية.
(. تجلى )الأمر تجلِياً:انكشف و-الشيء:نظر إليه مْشْرِقاً-المعجم الوجيز-مجمع اللغة العربية-مصر العربية-القاهرة-1992-ص114
إذاً؛والقول في تجليات الثقافة،يريد البحث في مسوغاتها،والذي يراه في التغيير الثقافي،وطبع هذا التغيير يتم من خلال آليات ،معرفة ما إذا كان عفويا،يتم من خلال التواصل الثقافي اليومي،وما فيه من تبادل في الآراء،وممارسات تخص العادات والتقاليد، وما يولد من أفكار،تكمن وراءه مدارس واتجاهات فكرية،والتواصل بين الثقافات،وهذا التواصل إما أن يكون عادياً بين الثقافات،أو بفعل الحروب والإعلام الموجه المنقاد بفلسفات،وأفكار تريد أن تطبع ذهنية الشخصية الاجتماعية بطابعها،كما يحدث،على سبيل المثال،بين مايسمى مجتمعات الشمال والجنوب،،وما يكمن أيضا وراء الاتصال الثقافي بين هذه المجتمعات من فرض أفكار وعادات وتقاليد،تريدها الثقافة المتقدمة-ثقافة الشمال،على ثقافة الجنوب،على ثقافة مجتمعات الجنوب،ونأتي بمثال عن موضة اللباس،وكيف يُسخّر الإعلام وسيلة وآلية لتعميم موضة من الألبسة على مجتمعات الحنوب،ونشير إلى دور الإعلام في التواصل الثقافي وما وراءه من تغير في الأفكار والذهنيات،اعتماد علًى وعي ثقافي،وأطروحة ثقافية ،يقول إن الثقافة تشكل المكون الأساس والرئيسي للشخصية الاحتماعية،ولذهنية هذه الشخصية.فتطبع الإنسان بطابعها،ورحم الله معلمنا ،ابن خلدون عندما اختصر،هذا التكوًُن،بقوله:” الإنسان ابن عوائده.
ونعود للثورة الثقافية،من مشروع الأديان السماوية،في تكوين الإنسان في ذهنيته،ووعيه وتفكيره،وفي ما يؤمن به،وما يحلل ويحرم،وفي كيفية ممارسة عقائده..إلخ،ونمر بإشارات إلى الفلاسفة وعلماء الاجتماع ومحاولاتهم تغيير الثقافة،ونقلها من حالة ثقافية مجتمعية إلى أخرى، نخص بالذكر النظرية الماركسية التي طرحت نفسها المغير الرئيسي في ثقافة الناس لتكون شخصية هؤلاء الناس على هواها.وصولاً إلى ماوتسي تونج الزعيم الصيني،الذي قال بالثورة الثقافية أسلوباً وإجراءً لنقل سلطة التغيير في الشخصيّة الاجتماعية الصينية،من الدولة وسلطاتها،إلى الحزب الشيوعي الصيني ومؤسساته،
وبدأ لحظة التغيير،من قواعد الحزب،وصولا إلى الشعب الصيني،وننتقل إلى سوريا الأرض والتاريخ والشخصية الاجتماعية العربية السورية،لنعرف ما إذا كان التغيير الذي حدث على يد الهيئة العامة لتحرير سوريا،بغض النظر عما أطلق عليها من أسماء،لها مشروعها في ثورة ثقافية،تعيد تكوين الشخصيةالاجتماعية السورية بناء على معالمها التي عرفت بها تاريخياً ،،غداة الاستقلال،بعد أن كون جبلتها نظام الأسد،على أسس فئوية طائفية،وكوّن فيهأ شخصية المدعوم،ومستحقاتها في الرشوة والفساد،والجهوية الشللية،والطاعة العمياء للحاكم وأجهزته الامنية ،وتوابعها،من حزب ومنظمات ًنقابات واتحادات..إلخ.
السؤال الفرضي إذا كان التغيير السياسي الذي حدث في سوريا سيصاحب يتغير ثقافي،فما هي هوية هذا التغيير،وماهي خلفياته ،ومسوغاته العقائدية والسياسية بسؤال آخر فرضي هل ستعتمد القوى التي قامت بالتغيير،نقل الثورة الثقافية في ضوء مشروعها الإسلامي،من الدولة ومؤسساتها وخلفياتها الثقافية الإسلامية،إلى المجموعات العسكرية ومالها من منظرين،ودعاة،كما نسمع عنها في بعض المساجد،والملتقيات الفكرية وسجالاتها،وتأسيس الاتحادات متعددة التكوين والمهام والجبلة الثقافية،مما رأيناها في تغيير جذري لاتحادالكتاب العرب في سوريا وما سيحدث في الجامعات والمدارس
ومصاحباتها من جمعيات واتحادات وأنشطة طلابية ثقافية تريد تكوين الذهنية السورية على هوى هذّه المجموعات من أرضية الفكر الإسلامي الذي ستنتقيه بعقليتها الانتقائية التي عرفناها بكل ما تم في الحياة السورية في أعقاب التغيير الذي حدث في مطلع كانون الأول من العام المنصرم .
والسوال الفرضي الذي طرحته المقاربة عن الانتقال في الثورة الثقافية من الدولة وسلطاتها إلى الشعب السوري،يسأل هل هناك منظمات مدنية يتم الأنتقال إليها لتقوم بالتغيير الثقافي الذي يطرحه الحكم الحالي الذي قال بانتقال السلطة من الثورة إلى السلطة المدنية،ترى أين نجد مدنيتها في مؤسسات
يتم تشكيلها بعقلية انتقائية،وما لهذه العقلية من محاذير تتحول إلى عاصفة سياسية لاتحمد عقباها.
د-عزالدين حسن الدياب. ء