مقالات

رسالة دولة رواندا في الجزائر

 

رسالة دولة رواندا في الجزائر

بقلم قرار المسعود

كانت زيارة رئيس رواندا الأسبوع الماضي للجزائر واضحة المعالم
في هذا الظرف بالذات لما لها من الدراية و التدبير لقادة إفريقيا و ساستها و
مفكريها. إن هذه الرسالة جاءت في إطار ما فعلته دولة جنوب إفريقيا بقيادة
زعيمها نلسون ماندلا و ما أضفته الجزائر بقيادة عمي تبون من سياسة
رشيدة و تبصر للواقع و كيفية معالجته.
فمفهوم التعاون بين الجزائر و رواندا يعتبر بمثابة درس لمَنْ فاته
شرحه الذي بدئه ماندلا لإخراج شعبه للتطور و الذي أدركته رواندا من
تحول بين عشية و ضحاها مقارنه بدول القارة السمراء من جهة و الذي
سلكته الجزائر حيث لا يتجاوز العشر سنوات. كم أنت حكيم أيها التاريخ
لمَنْ يتدبر مراحلك… و يبحث بعمق فيها ليجد السبل المواتية لإخراج الأمة
من الضباب الى النور.
إن ما وصلت إليه كنموذج إفريقي في ظرف قصير من تطور
إقتصادي و سياسي و علمي و إزدهاري في شتى الميادين هذه الدول
الثلاث و غيرها التي تريد التخلص من التبعية على الرغم من العراقيل
الأجنبية، ليس بالصدفة و لا بالتدبير و التسيير الخارجي و إنما بوحدة
شعبها و إقناعه بالتفاهم و العمل المشترك و الدفاع عن الوطن بالحس
المدني العالي و الدفاع عن الاستقرار مهما كان الظرف. أعتقد أن ما مرت
به هذه الدول من الأبرتايد في دولة جنوب إفريقيا و الحرب الأهلية في دولة
رواندا التي أسفر عنها ما يزيد عن مليون قتيل و ما دُبِرَ للعشرية السوداء
في دولة الجزائر بستة و عشرين ألف قتيل زيادة عن المتشردين و
المختلين، هو في نظري ما جعل أهل البصيرة السياسية في هذه الدول
يبحثون على منبع الخلل و يفهمون معنى الحياة الجماعية و التعايش السلمي
للمجتمعات و كيفية إنسجام مجتمعاتهم و يتخذون نموذح أكثر من عشرين
دولة بتشكيل اتحاد للدفاع عن كيانهم و قوتهم.
إن إستخلاص العبرة مما يشاهد من تبريرات للحرب الأخيرة
الإسرائيلية على غزة و كيف يظهر للعالم تصرف و سلوك النظام اليهودي
إتجاه باقي البشرية، وكإعادة للذاكرة، هل ما فعله هيتلر في الحرب العالمية
الثانية ضد الحركة الصهيونية هل كان مخطئا أم مصيبا ؟. فمن طبيعة
البشر إذا توفرت لديه القوة و المال يتجبر ويطغى ( يتفرعن) فمن قديم

الزمان القوي يأكل الضعيف إن لم يأخذ تدابيره بنفسه. أو يُحصن بتكتل
يحميه من ضربة الغفلة. فالقارة السمراء لها كل المؤشرات التي تجعل منها
قطب بإمتياز بمناخ ملائم للانتاج من تربة جديدة و يد عاملة شابة و
مخزون منجمي ثمين و مجتمع مسالم قابل للتكاتف و التآزر و ثروة طاقوية
وافرة و موقع جغرافي وسطي مما يجعل منها ملتقى تبادل القارات الأخرى
في كل الميادين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب