مقالات

حلف المغول وابن العلقمي وبابا روما ضد الدولة العباسية   بقلم:المؤرخ تامر الزغاري

بقلم:المؤرخ تامر الزغاري

حلف المغول وابن العلقمي وبابا روما ضد الدولة العباسية
  بقلم:المؤرخ تامر الزغاري
أرسل بابا روما إنوسنت إلى امبراطور المغول جويوك رسائل يطلب فيها عقد تحالف بينهما للقضاء على الدولة العباسية، وتم عقد التحالف وجعل التنسيق مباشرة بين البابا وقائد جيوش المغول في الغرب بايجو نويان الذي إستقبل أول سفارة من البابا في تاريخ 1247/05/24م ليكون هذا التاريخ هو البداية العملية لهذا التحالف.
-وما شجع بابا روما إنوسنت الرابع على إختيار المغول بالتحديد هي الهزيمة المغولية التي تلقتها من الدولة العباسية قبل عامين، حيث في عام 1245م، تقدم المغول نحو العراق والتقى بهم الخليفة العباسي المستعصم وهزمهم هزيمة ساحقة، فوجد البابا في المغول حليف يسعى لنفس هدفه في القضاء على الدولة العباسية وكافة الدول المبايعة للخليفة العباسي، بتدمير بغداد عاصمة الأمة آنذاك.
وهذا ما ذكره بعض المؤرخين عن إنتصار الخليفة المستعصم على المغول.
-قال ظهير الدين بن الكازورني: نزل الخليفة بين الكُشك العتيق والملكية، فتلقاهم بعزم شديد ورأي سديد، وأخرج إليهم إقبالاً الشرابي بعسكر الديوان وثبت لهم إلى الليل، ثم لاحت لهم إمارة قوة عسكر بغداد فانهزموا ليلاً ولم يلاقوهم، وعادت عساكر بغداد منصورة محروسة من العدو ببركته.
-قال الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء ): سنة 43 جاءت فرقة من التتار الى بعقوبا فالتقاهم الدويدار فكسرهم.
-قال أبو الفدا في (المختصر في أخبار البشر): قصدت التتار بغداد وخرجت عساكر بغداد للقائهم ولم يكن للتتار بهم طاقة فولى التتر منهزمين على اعقابهم.
–وحتى بعد التحالف تلقى المغول هزائم جديدة على يد ولاة الخليفة العباسي في عام 1249م وعام 1250م، وهاتين المحاولتين كانتا أكثر سوءاً من المحاولة عام 1245م لأنهما لم يحققها نفس مستوى التهديد للدولة العباسية، وعلى الرغم من قيام البابا إنوسنت الرابع بإرسال الحملة الصليبية السابعة التي غزت مصر عام 1250م في سبيل ضرب بلاد الأمة من الغرب، وليكون متوازياً مع ضرب المغول لبلاد الأمة من الشرق، ومع ذلك كان فشل التحالف هو النتيجة الحتمية.
-ولكن خيانة الوزير إبن العلقمي بإنضمامه لهذا التحالف في عام 1253م هو الذي غير هذه النتيجة، فكانت خيانته الخنجر الذي طعن الدولة العباسية وبلاد الأمة في مقتل، حيث قام بمراسلة المغول، وأرسل لهم الخرائط وكافة المعلومات عن الدولة العباسية، وحقق لهم أكبر منفعة حينما جعل والي بلاد فارس مظفر الدين السلغوري يفتح أرض ولايته للجيوش المغولية الغازية، فقد كانت ولاية فارس هي الولاية الشرقية التي تحمي العراق مركز الخلافة العباسية.
-وبل قام والي بلاد فارس بالتنسيق مع ابن العلقمي بإرسال جيش بقيادة ابنه سعد السلغوري لمساندة المغول في إسقاط الدولة العباسية، فلاحظوا كيف تحولت الولاية الشرقية التي وظيفتها أن تكون درعاً يحمي الخليفة العباسي والعراق، إلى طريق ممهد لغزو العراق وقتل الخليفة العباسي.
-وبهذا وصلت الجيوش المغولية سريعاً إلى بغداد عام 1258م، وبعد 10 أيام من حصار بغداد ظهرت جماعات مجهولة تقاتل الحرس العباسي من الداخل ونجحت في فتح عدد من الأبواب، وكانوا هؤلاء المجهولين أتباع الوزير ابن العلقمي، وهذا ما دفع الخليفة العباسي المستعصم للميل إلى المفاوضات، وهو الخليفة الذي قبل 13 عاماً إنتصر على المغول نصراً ساحقاً.
-فقام ابن العلقمي بخداع الخليفة العباسي المستعصم بالله بإقناعه بأنه توصل لإتفاق مع هولاكو قائد جيش المغول بأن يتزوج ابن الخليفة من ابنة هولاكو مقابل إنهاء الحرب وتقديم نصف خراج بغداد للمغول، فخرج الخليفة وقابل هولاكو على هذا الأساس، فتم الغدر به ثم قتله، وقام أتباع ابن العلقمي من داخل بغداد بمساندة المغول في غزوها، وبعد أن سيطر المغول على بغداد لم يقتلوا ابن العلقمي كما فعلوا بالخليفة والمسؤولين والأمراء كدليل قاطع على خيانته، بل عينوه مسؤولاً ذليلاً، وقد شوهد يركب دابّته ومن ورائه جنود من المغول يدفعونه، فنظرت له امرأة وقالت له (أيهٍ يابن العلقمي، أهكذا كان بنو العباس يعاملونك؟) فلم يلبث أن خرج بعدها من داره ليومين والسبب أنه مات مهموماً مغموماً في نفس عام سقوط بغداد.
–وهنا نصل إلى نتيجة مفادها بأن الخليفة العباسي والدولة العباسية والبلاد المبايعة لها لم تُسقطها تزامن الغزو المغولي من الشرق والغزو الصليبي من الغرب، بل أسقطها الخيانة من القلب.
***** المصادر:
1) تاريخ الخلفاء، السيوطي
2) سير أعلام النبلاء، الذهبي
3) المختصر في أخبار البشر، ابو الفدا
4) الحروب الصليبية، جان ريتشارد
5) The Mongols and the Eastern Mediterranean, Morgan
******************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب