عربي دولي

تركيا متمسّكة بـ«الديبلوماسية»: دعوات التدخّل لا تلقى تجاوباً

تركيا متمسّكة بـ«الديبلوماسية»: دعوات التدخّل لا تلقى تجاوباً

يقابل تصاعد الدعوات لتدخّل تركيا ضد إسرائيل بتمسّك أنقرة بالديبلوماسية، رغم تحذيرات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، سابقاً، من أن الأناضول قد تكون الهدف التالي.

محمد نور الدين

منذ الخريف الماضي، يتصاعد في تركيا الخطاب المحذّر من تداعيات حروب إسرائيل في المنطقة، والتي لن توفّر أحداً في نهاية المطاف. وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أول مَن حذّر، في تشرين الأول الفائت، من أن «هدف إسرائيل النهائي هو الأناضول، وفقاً لمزاعمهم في التوراة».

وفيما ترتفع الأصوات المطالبة بالتدخّل العسكري في الحرب الجارية حالياً، يُستحضر حديث إردوغان، في الـ24 من تموز من العام الماضي، عن أنه «كما دخلنا إلى ليبيا وقره باغ، فسندخل عليهم (الإسرائيليين) ونفعل بهم كما فعلنا في ليبيا وقره باغ، وليس هناك من سبب يمنعنا من ذلك»؛ كما يُستحضر حديث زعيم «حزب الحركة القومية»، دولت باهتشلي، في الـ22 من كانون الأول الفائت، عن أنه «إذا دانت دمشق قد فتحت»، وأن «القدس بعد دمشق باتت قريبة». وفي خضم ذلك، دعا زعيم «حزب الرفاه من جديد»، فاتح إربكان، أول من أمس، إلى تدخّل تركيا العسكري ضدّ إسرائيل، قائلاً: «أَثبتت المنظّمات الإرهابية الصهيونية مجدّداً، بعدوانها على إيران، أنها لن تتوقّف عن هجماتها الوحشية. لم تَعُد تكفي مجرّد الإدانة، بل يجب طرح جميع الخيارات بما في ذلك التدخل العسكري، على الطاولة».

لكن المطالبة بتحرّك يتجاوز التنديد اللفظي، وبما ينسجم مع حجم المخاطر التي تشكّلها إسرائيل على تركيا، لا تلقى تجاوباً إلى الآن، حتى من إردوغان وباهتشلي الذي عاد وحذّر، أول من أمس، من تداعيات اتّساع الحرب، داعياً إلى «توخّي الحذر، واتّخاذ التدابير الرادعة لحماية البلاد في جغرافيا فُرضت علينا». وفي بيان مكتوب، صعّد باهتشلي لهجته تجاه إسرائيل، واصفاً إيّاها بأنها «قاتل مأجور للإمبريالية العالمية، وبؤرتها المدلّلة، وهي الخصم اللدود للسلام والاستقرار الإقليميَّين».

لكنه، مع ذلك، دعا إلى السلام والحوار فوراً، بعدما «حاصر الهجوم الإسرائيلي، العالم في حالة من الخوف والقلق. وليس من دولة أخرى في العالم لا تعترف بالقانون ولا تحترم المبادئ أكثر من إسرائيل». ورأى باهتشلي أنه «لا أحد سيخرج رابحاً من الحرب»، حاضّاً ترامب على أن يتخلّى عن تناقضاته، وأن يدعم جهود السلام بصدق وشجاعة. وإذ اعتبر أن الهدف السياسي والإستراتيجي النهائي لإسرائيل هو تطويق الأناضول، فقد استدرك بأن «الأمّة التركية تقف إلى جانب السلام، وتريد أن يسود جو من السلام والحوار فوراً بين إسرائيل وإيران».

المطالبة بتحرّك عسكري تركي يتجاوز التنديدات اللفظية، لا يلقى تجاوباً، حتى من الذين يهدّدون به، من مثل إردوغان وباهتشلي

ووفقاً لنديم شينير، في «حرييات»، فإن مخطّط إسرائيل «الخفيّ» ليس خافياً على أحد؛ فبعد ضرب إيران «سيأتي الدور على تركيا». ويرى الكاتب أن خطّة إسرائيل تقتضي «استخدام حزب العمال الكردستاني في اتّجاه ضرب سوريا والعراق وإيران، ومن بعدها يأتي دور تركيا». لكن الكاتب المعروف، طه آقيول، يعترض على دعوات تدخُّل تركيا في الحرب الجارية دفاعاً عن إيران ومن أجل ردع إسرائيل، متسائلاً: «ما الذي يمكن أن تفعله تركيا أكثر ضدّ أعمال الإبادة الجماعية في غزة، والهجمات الوحشية على إيران؟ هل يمكن لتركيا أن تتّخذ إجراءً عسكريّاً؟». بالنسبة إلى آقيول، فإن «تصوير تركيا على أنها مهدَّدة من جانب إسرائيل، يتعارض مع مصالحنا في أن يكون بلدنا نامياً اقتصاديّاً، والتي تتطلّب استقراراً سياسيّاً».

ويذكّر بأن «إردوغان اختلف مع الجميع بسبب الأيديولوجيا، ثم عاد فصالحهم جميعاً. واليوم، يهاجم رئيس الجمهورية إسرائيل بشدّة، وهو محقّ، ولكن لسبب وحيد، وهو أن يكون ذلك بديلاً من الاصطدام بأميركا والعرب»، مضيفاً أن «من مصلحة تركيا عدم تخطّي الانتقاد إلى أكثر من ذلك، إذ سيكون عليها إرساء نوع من التوازن في سوريا مع إسرائيل، ومصالحنا الإستراتيجية هي مع الولايات المتحدة، ولعلاقاتنا مع أوروبا والعرب أهمية. كما إن إغلاق القواعد في تركيا أمام الولايات المتحدة لن يؤثّر على أميركا، إذ ستنتقل إلى أمكنة أخرى، ويتضاءل نفوذ تركيا في حال تراجعت علاقاتها مع الأميركيين». ولذا، «يجب على تركيا إرساء المعادلة التالية: انتقاد إسرائيل، وفي الوقت نفسه الابتعاد عن إيران»، بحسبه.

وفي صحيفة «جمهورييات» المعارضة، يرى باريش بهلوان أن «موقف تركيا من الحرب القائمة بين إيران وإسرائيل، موضوعيّ، ويخدم السلام»، مذكّراً بأن «حاقان فيدان كان مجرّد مستشار لإردوغان في السياسة الخارجية، عام 2007، حين قال للسفير الأميركي في أنقرة، جيمس جيفري، «إن انتقاد تركيا للغرب في تعامله مع الملفّ النووي الإيراني، ناتج من أن تركيا دولة واعية، وهي تعتقد أن مخاطبة إيران بلهجة قاسية ستكون لها آثار عكسية، وقد أردنا أن يكون لإيران جسر واحد غير محترق مع الغرب»».

ويضيف الكاتب أن «اتهام جماعة فتح الله غولين، لفيدان، في وقت لاحق، بأنه «عميل لإيران»، لم يكن سوى صدى لما تؤمن به إسرائيل»، لافتاً إلى أن إيران هي واحدة من الدول القليلة التي رفضت السماح لجماعة غولين بفتح مدارس لها هناك، لعلمها أن الأخير كان صوتاً لإسرائيل في تركيا والعالم. وتكتب ألف تشاكر، بدورها، في «قرار»، متسائلة: «إذا كانت تركيا، كما يقول إردوغان، مستهدفة، فما الذي فعله الرئيس لتحصين الجبهة الداخلية»، مشيرة إلى أنه منذ ذلك التصريح، «اشتدّت الحملة على المعارضة بإقالة رؤساء بلديات، ثم اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وقبلها اعتقال زعيم حزب ظفر أوميت أوزداغ (أطلق سراحه من يومين)»، معتبرةً أن التهديد بإسرائيل «يُستخدم لضرب المعارضة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب