عندما يدمر الاحتلال المنشآت الصحية والمشافي في غزةثم يحتج عند إصابة مشفى إسرائيلي ، ويصفها بجريمة حرب ، فأين القانون؟بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸
بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸

عندما يدمر الاحتلال المنشآت الصحية والمشافي في غزة ويستهدف المسعفون والاطباء والممرضون في غزة، ثم يحتج عند إصابة مشفى إسرائيلي ، ويصفها بجريمة حرب ، فأين القانون؟
بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸
19.6.2025
———————————
المسؤولون الإسرائيليون، من وزراء الدفاع والخارجية والأمن، إلى رئيس الوزراء نتنياهو، وغيرهم، جميعهم اليوم يستعطفون العالم ويستنكرون، ويتهددون ويتوعدون إيران، على ضوء انفجار أحد الصواريخ الإيرانية في منطقة بئر السبع، والذي أدى إلى إصابة مستشفى سوروكا وألحق أضرارا به، وأثار الهلع بين النزلاء.
المشافي في الاعراف والقانون الانساني الدولي هي منشآت مدنية محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، والتعرض لها أثناء الحروب والنزاعات يعد جريمة حرب إذا كان الاستهداف مباشرًا ومتعمدًا وعن سابق إصرار. وكثير من الناس يلجا اليها والى محيطها كمراكز ايواء في حالة الحرب.
هذه أول حالة يُصاب فيها مستشفى داخل إسرائيل، وقد ضج بها الإعلام العالمي، وامتلأت بها التصريحات السياسية في إسرائيل، وسمعنا التهديدات والوعود التي اعتدنا أن نسمعها من الطبقة الحاكمة هناك.
ردّة الفعل الإسرائيلية هذه، أكدت لي أن الإسرائيليين يدركون تماما ماذا يفعلون حين يتحدثون عن المشافي كمناطق محمية، ويعلمون أن استهدافها يعد جريمة حرب. إذا، كيف يفهمون هذا الحق لأنفسهم، ويصابون بالعمى والصمم عندما يرتكبون الجريمة نفسها بحق الفلسطينيين؟ هل القانون الدولي الإنساني يسري على منشآتهم، ويُستثنى منه الفلسطينيون؟ إنها الجريمة التي تكشف ازدواجية المعايير.
على مدى ما يقارب العامين من الحرب على غزة، استهدفت إسرائيل كافة المؤسسات المدنية، وخاصة الصحية منها، وعلى رأسها المشافي والطواقم العاملة من أطباء وممرضين. وقد قامت بإخراج تلك المشافي من الخدمة الطبية، ولم تعد صالحة لتقديم أي خدمة في القطاع. فجرت معظمها، ونبشت جدرانها وأرضياتها وساحاتها، وخضعت لأوامر عسكرية مباشرة من الاحتلال.
كل ذلك جرى تحت ذرائع أمنية، أو بحجة وجود مطلوبين أو أنها مقار لحركة حماس. لكن، أيا كانت الذرائع، فإن هذه المؤسسات تعتبر مؤسسات تقدم خدمات إنسانية بحتة، ويقع على عاتق قوة الاحتلال – بموجب القانون الدولي – أن تضمن توفير مستلزماتها الطبية ومستلزماتها، لا أن تدمرها. لكن هذا السيناريو لم يحدث أبدًا.
ما حصل هو أن مشافي غزة تحوّلت إلى ساحات حرب، تم اقتحامها وقصفها، ومنع الوقود عنها، لتخرج قسرا من دائرة تقديم الخدمة التي هم أهل غزة بأمس الحاجة إليها.
ولا أجد أبلغ من القول، تعليقًا على ما صدر عن المسؤولين الإسرائيليين بعد إصابة مستشفى سوروكا، من وصفهم لإيران بأبشع الصفات، من “النازية” و”الهتلرية”، وغيرها إلا أن نسقط كل تلك الأوصاف عليهم أنفسهم، فهم من دمر المنشآت الصحية والإنسانية في قطاع غزة عن سبق إصرار.
طالما استباحت إسرائيل المستشفيات والمدارس والملاجئ في قطاع غزة ولبنان وسواهما، تحت ذرائع أمنية واهية، فإن من حق الشعوب أن تتساءل: لماذا تعد منشآتها الإنسانية مباحة، بينما يصبح المساس بمستشفى داخل إسرائيل «عملاً إرهابيا»؟
إن القانون الدولي، إذا لم يحترم في جميع الاتجاهات ولكل البشر، فإنه يفقد جوهره ومصداقيته، ويتحوّل إلى أداة تستخدم لمعاقبة الضعفاء وتبرئة الأقوياء.
ما لم تقدم الحماية للمستشفيات والمدارس في غزة وغيرها ، كما تحمى في بئر السبع وتل ابيب واي مكان في العالم، فعلى الباغي ومن يشد على يديه أن يتحملوا نتائج هذا الانفصام في المعايير، وأن يكفّوا عن التظاهر بالدفاع عن الإنسانية وهم أول من حطم كينونتها.