مقالات
التهديد الأميركي والقصف الصهيوني يحورا “مؤتمر حل الدولتين” إلى منتديات حوارية بقلم الدكتور علي بيان -طليعة لبنان –
بقلم الدكتور علي بيان -طليعة لبنان -

التهديد الأميركي والقصف الصهيوني يحورا “مؤتمر حل الدولتين” إلى منتديات حوارية
بقلم الدكتور علي بيان -طليعة لبنان –
أُعلن في 27 أيلول 2024، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” في فلسطين بمبادرة من السعودية والنرويج والإتحاد الأوروبي. عُقد اجتماعه الأول نهاية الشهر التالي في الرياض. أعقب ذلك تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث من ك1 قراراً بعنوان “تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين”. في 23 أيار 2025، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاً تحضيرياً للمؤتمر في نيويورك، حيث أعلن الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي، أن المؤتمر سيعقد في الفترة ما بين 17 و20 حزيران برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا. لم تتأخر الإدارة الأميركية عن التدخل لإجهاض المؤتمر، إذ ورد في برقية دبلوماسية مرسلة في 10 حزيران، اطلعت عليها وكالة “رويترز”أن: “إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تحث حكومات العالم على عدم حضور مؤتمر الأمم المتحدة المقرر عقده في 17 ـ 20 حزيران، وأن الدول التي تقدم على إجراءات مناهضة لإسرائيل عِقب المؤتمر ستعتبر مخالفة لمصالح السياسة الخارجية الأميركية، وقد تواجه عقوبات”. من جهته، صرح سفير الولايات المتحدة في “إسرائيل”، مايك هاكابي، الصهيوني المسيحي المتطرف والمؤمن بأن فلسطين حق لليهود، وهو من الحزب الجمهوري، وشغل منصب حاكم ولاية أركنساس لدورتين متتاليتين أن: “تتنازل الدول الإسلامية عن جزء من أراضيها لإقامة دولة فلسطينية مستقبلية”، ما حدا بالناطقة بإسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، إلى القول أن: “السفير يتحدث عن نفسه، والرئيس هو المسؤول عن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط”.
تزامناً مع بدء الإستهدافات الإسرائيلية لإيران في 13 حزيران أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، انه تم تاجيل المؤتمر الدولي لإسباب لوجستية، وعلل ذلك بعدم تمكن بعض الوفود وخاصةً الوفد الفلسطيني من السفر إلى نيويورك، وفي بيان مشترك فرنسي ـ سعودي تمت الإشارة إلى أن الرؤساء المشتركين لمجموعات العمل وهي: كندا، المكسيك، البرازيل، إيرلندا، إسبانيا، النرويج، إيطاليا، بريطانيا، تركيا، اليابان، أندونيسيا، قطر، الأردن، مصر، السنغال، الإتحاد الأوروبي والجامعة العربية سيعلنون موعد انعقاد موائد المؤتمر المستديرة في القريب العاجل ل “الإستفادة من إسهامات مجموعات العمل للوصول إلى التزامات دولية واضحة ومنسَقة تعكس عزمنا على تطبيق حل الدولتين”.
وهكذا تم إجهاض المؤتمر وتراجع السعي إلى وقف العدوان على غزة والإنتهاكات في القدس والضفة الغربية وسجون الإحتلال، وثبت أن الإدارة الأميركية عدو حقيقي ومانع لنيل الشعب العربي الفلسطيني حقوقه المشروعة على أرضه . وإذا كانت تبريرات تأجيل المؤتمر قابلة للتصديق فإن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه: لماذا لا تُقدم كل من حكومات فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا وهم مشاركون في مجموعات العمل على اتخاذ قرار سيادي مستقل يتضمن الإعتراف بدولة فلسطين؟، علماً أن مجلس العموم البريطاني سبق وان تبنى قراراً بأغلبية 274 عضواً مقابل 12 يطالب الحكومة بالإعتراف بدولة فلسطين في ت1 2014، وأن الجمعية الوطنية الفرنسية صوتت على مذكرة تدعو إلى الإعتراف بدولة فلسطين مستقلة تتخذ من القدس الشرقية عاصمةً لها في ك1 2014، ولماذا لا توقف بعض الدول المعلًن مشاركتها في المؤتمر المذكور عن وقف تزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة ووسائل الدعم الأخرى؟، ولماذا تستمر بعض الدول العربية والإسلامية في علاقاتها الدبلوماسية والإقتصادية وغيرها مع الكيان الصهيوني والتطبيع معه؟
يُستَنتَج من ذلك أنه إذا لم تُتخذ خطوات عملية من قبل الدول المشاركة في التحضير للمؤتمر وإن لم يُعقد للأسباب المشار إليها أعلاه فإن كل المساعي السابقة لا تتعدى كونها ذراً للرماد في العيون وامتصاصاً لتأثيرات الإحتجاجات متعددة الأوجه في كل بقاع المعمورة بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية خاصةً جامعاتها تنديداً بالجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة.