كتب
اختلاف المذاهب لايذهب باتجاه الصراع الوجودي.-الأمة العربية وإيران أنموذجاً بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق-
اختلاف المذاهب لايذهب باتجاه الصراع الوجودي.-الأمة العربية وإيران أنموذجاً
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق-
شاءت الأقدار والظروف التي مر بها الإسلام ديناً يمثل للعرب رسالتهم الخالدة،واصطحبت هذه الرسالة بدور حضاري،شكل لازمة للأمة العربية في تواصلها مع الأمم.ومن الأمم ما تقبل هذا الدور وتحاول معه وتناصره خلال مراحل تاريخيّة متعاقبةوإذا عدنا للتاريخ نستانس به ونقرأ دروسه وعبره وأحداثه،فيمر بخلدنا ومهنيتنا ونحن نصغي إلى كبار رجالات الأمة العربية،ممن قاد الدور الحضاري للأمة العربية،فنتذكر قول عمر وهو يتخوف من انضمام الأمة الإيرانية إلى ركب الأمة العربية،وكأنه يستطلع في وقت مبكر ،ما سيأتى من هذه الأمة من معاكسات وتناقضات وصراعات،لأنها مسكونة بفارسيتها،وفي جوانية هذا السكن،سيولد دورها
المنافس والمغالب للدور الحضاري العربي،تحت مسميات وشعارات،حملت معها تشكيل المذهب الصفوي الذي تقاطع مع الإسلام في حقائقه التاريخية،حيث أعطى للإسلام في مذهبه الصفوي هوية جديدة،وشخصية تجد معالمها في العمق الفارسي.فصار الحسين في هذا المذهب،افتراقاً مع مايؤمن به ويتبناه المسلم العربي آنذاك،والمتمثل في الاعتراف بالدور القيادي الإسلامي للصحابة من أبو بكر الصديق ومروراً بعمر ابن الخطاب،ثم عثمان وعلي.
وكان الشغل الشاغل للقامات الفكرية”،الدهاقنة”من الجيل الأول للحركة الصفوية،وصولاً للأجيال التي أخذت بالفكر الصفوي،الذي جول التشيع إلى دين قومي فارسي،بشهادة الأدب الفارسي، الديني الشعبي.
وجاءت الثورة الخمينية،حاملة لواء هذا المذهب،الديني القومي الفارسي،باسم الثورة الإسلامية،وداعية لتصديره،تحت مسوغات التشيع الجعفري،حتى يكون له صداه في الشارع العربي والإسلامي.
لم نخطوا خطوة واحدة باتجاه محاولة بعض المؤسسات التقارب بين المذاهب،وحل الإشكالات في حدود الممكن.وعلى النحو نفسه لم نذهب باتجاه التيار القومي العربي،على اختلاف فصائله وأطروحاته للتفاعل الفكري الخلاق مع دعوة الثورة الإسلامية،تحنباً للتصادم معها والافتراق عنها،وصولاً لعدوانها على العراق طمعا ومحاولة جر الشيعة العرب إلى صفها.
سؤال المقاربةالتي أتت على شكل خواطر لافتقارها إلى المنهج الذي يضع الحوادث والواقعات التاريخية،التي عرفها الصراع العربي الفارسي،ومن ثم دعمها بأقوال وأطروحات وآراء.نقول:
السؤال هل يصل هذا الصراع إلى مشارف الساحة القومية العربية والفارسية،أم تبقيه دروس التاريخ عبرة للأجيال،بأن من حمل الإسلام بحقائقه التاريخية،هو المالك للشرعية، وهو من يبقي الرسالة الإسلامية مهمة حضارية،ورسالة لشعوب العالم، بما فيهم الأمة الفارسية،المنزاحة ألى التشيع بأصوله العربية،التي نراها مع بعض التيارات الجعفرية،التي تظل أولوياته إعطاء الخلفاء الراشدين حقهم،وعدم المبالغة والاستئثار بالحسين مظلة للنيل من شرعيات التاريخ .إذا نظرنا للعلاقة بين المذهب السني والجعفري في إطار تلك
الشرعيات،فلايمكن أن يكون الاختلاف/الصراع بين هذه المذاهب صراعا وجوديا،بل يظل لأواصر القربى الدينية دورها في تقريب المسافة بين المذهب السني والشيعي الجعفري.وهذه مهمة الشيعة العرب.ومن في حكمهم.
إذن؛صراع الوجود هو في حالته العربية الإسلامية،هو الصراع الفائم بينها وبين الصهيونية العالمية،فهذه الأخيرة جاءت لتلغي المسيحية العربية الشرقية،ولتصارع الأمة العربية،على دورها الحضاري،ولتغالبها بأساطير تلمودية،منقادة بأطروحة الشعب المختار.وهذا يملى على التيار القومي أن يحدد موقفه في حالة الصراع الإيراني الصهيوني.*
*ألقيت محاضرة في عام 1980 وغداة العدوان الإيراني على العراق،عنوانها(لماذا تشيعت إيران،ونشرت ملخصها بعد حين في جريدة المجد الأردنية.
*الحديث والقول المفصل عن ظاهرة الثورة الإسلامية في إيران وماحملت من تحديات فكرية وعقائدية للتيار القومي العربي،وبخاصة فصيل البعث العربي الاشتراكي ،لكون البعث كان له نظامه في العراق،وما للحرب العراقية الإيرانية من تداعيات.*
*للتاريخ ولكل من كانت همومه قومية عربية،كان لابد الحديث المفصل عن إساءات وجرائم الفصائل الإيرانية ومن معها في سوريا في أعقاب الانتفاضة الشعبية في كلّ أنحاء سوريا،هذه الإساءات التي لا يذكرها بعض إخواننا في المغرب العربي،عندما ينتقدوننا في موقفنا المؤيد للتغيير رغم تحفظاتنا التي قلناها في أكثر من مناسبة.
د-عزالدين حسن الدياب