اثر تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران ما هو المطلوب فلسطينيا ؟؟؟؟

اثر تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران ما هو المطلوب فلسطينيا ؟؟؟؟
بقلم: رئيس التحرير
مع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران، وامتدادها إلى أكثر من جبهة، من سوريا ولبنان والعراق، وحتى أعماق البحر الأحمر، يقف الفلسطينيون أمام مفترق سياسي ومفصل تاريخي، إذ تتقاطع الخطوط ونيران الحرب فوق رؤوسهم دون أن يكون لهم مقعد حقيقي على طاولة القرار. وإذا كانت الحرب الإسرائيلية على غزة لا تزال مستعرة، فإن الضفة الغربية تعيش حالة اختناق ممنهجة، في ظل محاولات فرض أمر واقع عبر تقسيم جغرافي محكم وبوابات عسكرية تحاصر المدن والبلدات الفلسطينية. وفي هذا السياق الإقليمي المشتعل، تُطرح بإلحاح الأسئلة حول ما هو المطلوب من السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية؟
أولاً: التموضع السياسي في ظل التغيّرات الإقليمية
ليست الحرب بين إسرائيل وإيران مجرد اشتباك عسكري عابر، بل تمثل تحوّلاً في بنية الصراع الإقليمي، حيث تُعيد الأطراف الفاعلة ترتيب أوراقها وتحالفاتها. وفي هذا السياق، تبدو السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية مطالَبة أكثر من أي وقت مضى بالخروج من موقع المتفرج إلى موقع الفاعل.
فهي مطالبة بتبنّي سياسة الحياد النشط، أي عدم التورط في الاستقطاب الإقليمي، وفي الوقت نفسه استثمار اللحظة لإعادة وضع القضية الفلسطينية في صدارة الصراع الإقليمي والدولي، خاصة بعد أن تراجعت في أولويات بعض العواصم تحت وطأة التطبيع والانشغال بالحرب.
ثانياً: إعادة تعريف الدور الفلسطيني في المعادلة الإقليمية
يجب أن تخرج السلطة وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من مربع التلقي إلى مربع المبادرة، عبر:
تفعيل الحضور السياسي والدبلوماسي في المنابر الدولية، لتأكيد أن فلسطين ليست تفصيلاً، بل أصل الصراع في الشرق الأوسط.
التحرك الإقليمي المتوازن: فتح قنوات مع الدول العربية والإسلامية دون الاصطفاف في أي محور عسكري، والتقارب مع قوى مثل مصر، الأردن، قطر، الجزائر، تركيا، و الصين وروسيا، لتعزيز استقلال القرار الفلسطيني.
ثالثاً: مواجهة المخطط الإسرائيلي في الضفة
إسرائيل، التي تجد في الحرب مع إيران فرصة لتطبيق استراتيجيات الضم التدريجي، تكثف اليوم من سياسة “الفصل الميداني” في الضفة الغربية، عبر الحواجز والبوابات (كما في زيتا وعتيل ودير الغصون بمحافظة طولكرم) وباقي المحافظات الفلسطينية حيث تحوّل البلدات الفلسطينية إلى كانتونات معزولة.
هذه الإجراءات ليست فقط ذات طابع أمني، بل هي خطوة على طريق ترسيخ الضم الزاحف للمنطقة C وإنهاء إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
من هنا، فإن السلطة مطالَبة بـ: بلورة خطة ميدانية عاجلة لمواجهة هذا الفصل الجغرافي، عبر التحشيد الشعبي والدبلوماسي.
فضح هذا المخطط أمام العالم، باعتباره تنفيذًا فعليًا لخطة الضم، بصيغة ناعمة ولكن مدمّرة
رابعاً: ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي
لا يمكن مواجهة هذه التحديات الإقليمية والداخلية في ظل انقسام سياسي حاد. المطلوب:
إنهاء الانقسام الفلسطيني فوراً عبر آلية سياسية واضحة تفضي إلى شراكة وطنية حقيقية.وتعدديه سياسيه
تشكيل قيادة وطنية موحدة تدير الصراع ميدانياً وسياسياً، وتكون قادرة على التعامل مع المتغيرات.
تجديد الشرعيات الفلسطينيةو تفعيل مؤسسات منظمة التحرير بصيغ انتقالية تضمن تمثيلاً واسعاً.
خامساً: إدارة الأزمة في غزة والضفة باقتدار استراتيجي
الوضع الإنساني المتدهور في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة، وتضييق الخناق في الضفة الغربية، يفرضان على السلطة الفلسطينية:
إطلاق خطة طوارئ وطنية لدعم صمود المواطنين، وتأمين الحد الأدنى من الخدمات والمقومات الحياتية.
استثمار الحراك الشعبي والإنساني العالمي لمواجهة جرائم الاحتلال، وتوسيع دائرة الضغط الدولي على إسرائيل.
وحقيقة القول ووفق كل ذلك أن فلسطين ليست ساحة فرعية في صراع الآخرين ورغم فداحة المشهد، لا تزال فلسطين تملك أوراقاً سياسية وأخلاقية مهمة. لكن استمرار الغياب عن مراكز القرار، والانكفاء على الذات، قد يحوّل القضية الفلسطينية إلى ضحية جانبية في لعبة الكبار. المطلوب اليوم من السلطة الفلسطينية قيادة واعية، تملك رؤية استراتيجية، وتتحرك على كافة المستويات لكسر العزلة، وحماية ما تبقى من الأرض والحق الوطني.
فالحرب ليست فقط على غزة، بل على المستقبل الفلسطيني برمّته، والرد لا يكون بالانتظار، بل بالمبادرة والبصيرة وبسرعة التغيير والتكيف مع المتغيرات.