«دق ألماني»… «فرنسا صليبية»… مهرج برتبة رئيس… وعندما تعتبر إسرائيل «القذارة» منحة أو «هدية»!

«دق ألماني»… «فرنسا صليبية»… مهرج برتبة رئيس… وعندما تعتبر إسرائيل «القذارة» منحة أو «هدية»!

بسام البدارين
لماذا تعامل رموز الكيان الإسرائيلي مع عبارة المستشار الألماني عن «إسرائيل القذرة»، وكأنها «هدية ومنحة من السماء»؟!
حتى المعلق على الأخبار في محطة «سي أن أن» ابتسم للكاميرا، وهو يستمع للمندوب الإسرائيلي وهو يعيد ويكرر عبارة المانيا إياها بفخر وزهو، ودون أي اعتراض.
على شاشة القناة 13 في الشبكة العبرية اعترضت مذيعة متحاورة على تصريح للوزير – سموتريتش ما غيره – يعلن فيه تفاخره أيضا أن دولة إسرائيل تقوم بالأعمال القذرة، كما وصف «الصديق الألماني».
سموتريتش قالها بوضوح وصراحة.. «نحن الدولة التي تحدثت عنها ألمانيا.. نعم»!
أمام تجمع من المراسلين رد وزير الخارجية الإيراني في إسطنبول على سؤال لمراسل قناة «إي آر تي» التركية مستعيدا تلك اللقطة الإسرائيلية، التي تعتبر «القيام بالأعمال القذرة» نيابة عن أوروبا وأمريكا والعالم الغربي مهمة نبيلة تستحق الإشادة.
القذارة «منحة»
عمليا، السؤال الذي تطرحه انشغالات الشاشات بالفكرة الألمانية عن القذارة الإسرائيلية يصبح كالتالي: «إلى أي أحد انحدر المستوى الأخلاقي لزعماء أوروبا المنتخبين، بعد تمسك سموتريتش بما يقولونه عن تفويض الكيان بمهام القذارة في الشرق الأوسط؟!
في شوارع عمان ثمة أغنية شهيرة تبدأ بعبارة «دق ألماني»، والأخير هو الإسفين الذي ينطلق بأي وقت لا على التعيين ليصيب عابر سبيل.
مستوى احتفاء قادة إسرائيل بعبارة تعلن بوضوح تكليفهم بأقذر الأعمال، من زعيم أكبر دولة صناعية في غرب أوروبا، يحتاج لدراسة وتأمل، خصوصا من جهة العربان الهاربة التي تتحدث بفخر مماثل أيضا عن «السلام».
كيف يمكن التعامل مع «عدو» تكلفه دول العالم العصري المزعوم علنا بالقذارة، ويحتفي هو بذلك، لا بل يعتبر قيمته الفائضة بعد عقود من الوهم القائل إن إسرائيل واحة ديمقراطية لنكتشف أنها أقرب إلى مكب نفايات، وظيفته في منطقتنا إعادة تدوير الزبالة الغربية، حيث مصانع أسلحة ونفط، وغاز وشعوب مستهدفة ومجوعة.
تلك القذارة الألمانية تثبت النظرية العنصرية عند الدول الغربية ضد «اليهود» أيضا على نحو أو آخر، وما يبدو عليه المشهد أن القناة الإسرائيلية 12 هي وحدها من التقطت المفارقة، عندما بثت حوارا مع 4 معلقين حاول تتبع تصريح إيتمار بن غفير عن «فرنسا الصليبية» وأوروبا، التي تستعد لحملة صليبية ضد اليهود.
بن غفير – الرمز الأبرز في مكب المعادلة الألمانية – يشعر أنه «ضحية»، مع أن كيانه صاحب المهام المحددة سلفا استوطن قصدا، وبنية مسبقة، وبدون اعتراض في مجارير المهام القذرة للغرب المتوحش.
عمليا، لا يوجد أسوأ وأنذل من «عدو» ينظر لتكليفه بمهام قذرة باحترام ووقار، ولا يوجد أسوأ من أن تلعب دور «الحاوية» في جمع النفايات وتعلم ذلك وتفخر به.
تلك «تركيبة» معقدة نفسيا وأيديولوجيا لا تقود إلا إلى خلاصة سرطانية اسمها «إسرائيل» ولا ينفع معها لا سلام ولا تعايش ولا أسماء محددة من إبراهيم حتى سميث.
مهرج برتبة رئيس
تريدون دليلا على ذلك: حسنا راقبوا شفتي وحاجبي وطاقية الرئيس دونالد ترامب، وهو يعود من ميرلاند إلى باحة البيت الأبيض على متن مروحيته، كما ظهر المشهد تماما على شاشة «الجزيرة».
رفع الرجل – نقصد الرئيس – طاقيته الحمراء في الهواء، ثم عاد ولبسها.. لاحقا تلاعب بحاجبيه، ثم حرك أصبعين ونطق بكلمات في الهواء أثناء عبوره على العشب الأخضر، وأخيرا وزع بعض الابتسامات ودخل في رواق ما لاجتماع سريع لمجلس الأمن القومي، تبعه فورا الإعلان عن «الضربة الأمريكية المحدودة»، التي ستعقبها ضربات أقسى، لو ردت طهران.
حركات «مهرجين»، لا أحد من جمهور الناخبين يعترض عليها.. بهلوانيات في واشنطن وتل أبيب، وبعض عواصم العرب والعجم يتحكمون برقاب البشر فيقصفون ويجوعون ويدمرون دون أن يردعهم شيء أو أحد.
عالم المهرجين «القذر»، وفقا لتصريحات الزعيم الألماني وأسراره في العالم السفلي يخفق في الإجابة على سؤال الفتى محمود من قطاع غزة.
وهو طفل عند الاستماع لعباراته، التي بثتها شاشة إلكترونية باسم «اليرموك» يمكن استدعاء مفهوم معاكس لعبارة الشاعر الصديق باسل طلوزي، بحيث نقول: «نعم ينبغي أن نندفن ونترك العالم لهؤلاء القذرين».
علينا الالتحاق بالشهداء الأطفال الذين ماتوا جوعى، فيما قناة «الجزيرة» مباشر تنقل آهات المتطوعين الذين ضربهم «الجدعان بالشباشب» في القاهرة، لأنهم فكروا بالجريمة الأكبر، وهي العبور لنقل بعض البسكويت المالح لأطفال غزة.
محمود استشهدت والدته، ثم والده، وبقي وحيدا وظهر وهو في الخامسة من عمره أمام الكاميرا يناجي والدته الراحلة، ويقول «يما وينك.. والله جوعان وخايف.. صارلي 4 أيام ما أكلت ولا لقمة.. يما بطني بيوجعني»!
الحقيقة أن مشهد هذا الطفل موجع حد احتقار الألم. وحدة قياس الألم هنا غير بشرية، ولا تصلح لأي تبرير، مع أن محمود كان يمكن أن تكفيه «كعكة» مخبوزة بالحد الأدنى من النضج يمررها طفل من سيناء عبر كوة جدار يقف عليه عسكري مصري مسلح نوجه له التحية يوميا بين نشرات قناة «القاهرة اليوم».
مدير مكتب «القدس العربي» في عمان