مقالات

الحرب على ايران واعادة رسم خارطة المنطقة

الحرب على ايران واعادة رسم خارطة المنطقة
د. حسين الديك
القدس
إن انخراط الولايات المتحدة في المواجهة العسكرية مع إيران هي مسألة حتمية في ظل تطورات المواجهة الجارية، خاصة في ظل استبعاد الخيار الدبلوماسي، فواشنطن كانت حاضرة منذ بداية الحرب، ليس فقط عبر الدعم  اللوجستي والتعاون الاستخباراتي وإسقاط الصواريخ والطائرات المسيّرة عبر قواعدها المنتشرة في الشرق الأوسط، بل وأيضاً عبر توفير التسهيلات المعلوماتية والتنسيق العسكري المستمر مع الجيش الإسرائيلي.
فقد جاءت تلك الضربات الامريكية للمنشآت النووية في لحظة حاسمة وربما تكون البداية للتوجه نحو الحل السياسي ، فقد بدأت تخرج التصريحات في الاعلام الاسرائيلي والامريكي حول اقتراب نهاية هذه المواجهة العسكرية بين ايران واسرائيل ، حتى وصل الامر الى اعلان نتنياهو عن البدء بتحقيق اهداف الحرب وارسال رسائل للمجتمع الإسرائيلي عن نشوة الانتصار التي تحققت بعد الضربات للمنشآت النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض، وهي منشآت كان يصعب على إسرائيل تدميرها ، خصوصاً في ظل الحاجة إلى قدرات تدميرية دقيقة لا تمتلكها سوى الولايات المتحدة.
أن القرار بهذه الحرب على ايران واعادة رسم خارطة المنطقة  هو قراراً غربياً مشتركاً بين واشنطن ولندن، وبروكسل وليس قرارا إسرائيلياً صرفاً كما يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصويره، فتحرك البوارج الأمريكية والبريطانية باتجاه منطقة الشرق الأوسط يعكس حجم التنسيق الغربي المسبق، وتصريحات المستشار الالماني ميرتس حين قال “ان اسرائيل تقوم بهذه المهمة القذرة بالنيابة عن الغرب”  هو خير دليل على هذا الانسجام الاوروبي والامريكي والاسرائيلي في هذه الحرب.
فأهداف هذه  الحرب  تتجاوز تدمير البرنامج النووي الايراني و  إسقاط النظام وتفكيك الدولة الايرانية  بل تمتد إلى إعادة رسم خارطة المنطقة برمتها وفق رؤية أمريكية بريطانية اوروبية جديدة، تتجاوز اتفاقية “سايكس بيكو” التي لم تعد تتلاءم مع المصالح الاستراتيجية للغرب في العصر الحديث.
فالحديث اليوم يدور عن مشروع أوسع يهدف إلى إعادة صياغة بنية الشرق الأوسط كما سبق وأن تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيرس في مشاريع “الشرق الأوسط الجديد”.
إن هذه الحرب  قد تفتح الأبواب على مواجهة مفتوحة غير واضحة المعالم، خاصة مع توقع قيام إيران بالرد عبر مهاجمة القواعد الأمريكية في الخليج واغلاق مضيق هرمز  ، ما سينعكس مباشرة على أمن الطاقة والتجارة الدولية والاقتصاد العالمي برمته.
فمن العوامل الحاسمة في مسار الحرب هي مدى التفاف الشعب الايراني حول النظام  وقدرة النظام الإيراني والحرس الثوري الإيراني على الصمود والمواجهة الطويلة وادخال اسرائيل في حرب استنزاف طويلة المدى ، فإيران تمتلك مساحة جغرافية شاسعة تقدر بـ1.6 مليون كيلومتر مربع، وكثافة سكانية تتجاوز 90 مليون نسمة، ما يعقد من قدرة أي هجوم خارجي على تحقيق أهداف سريعة أو حاسمة.
فمنذ العام 1973، لم تخض اسرائيل حرباً تقليدية مباشرة أمام جيش نظامي، وإنما انحصرت معاركها في مواجهات مع حركات مقاومة ومنظمات مسلحة وحركات تحرر وطني ، وهو ما يجعل هذه الحرب مختلفة تماماً من حيث التعقيد والمخاطر والانعكاسات.
أن الدور الإسرائيلي في هذه الحرب ينطلق من وظيفته كأداة تخدم المصالح الإمبريالية الأمريكية والبريطانية في الشرق الأوسط، بينما يبقى الهدف الحقيقي والأعمق هو إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة بشكل يخدم تلك المصالح الغربية على المدى الطويل وفقا واشنطن ولندن وبروكسل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب