مقالات

بين الانسان وثوب النوم وزوجته بقلم الدكتور وليد عبد الحي

بقلم الدكتور وليد عبد الحي

بين الانسان وثوب النوم وزوجته
بقلم الدكتور وليد عبد الحي
أن تعلن ايران انها القت القبض حتى الآن على حوالي 700 ممن وصفتهم حرفيا ” عملاء الموساد” ، وأن تعلن مصر قبل فترة عن أن خلايا التجسس الاسرائيلي في مصر بعد توقيع اتفاق السلام عام 1979 تجاوز عددها 120 خلية تجسس، بل ان 86% -حسب التقارير الرسمية المصرية- من جرائم التهريب وتزوير العملات ارتكبها اسرائيليون داخل مصر، وبلغ عدد قضايا المخدرات التي شارك فيها اسرائيليون ما يعادل 420 قضية سنويا، وكل ذلك في عهد السلام ومع احترام مصري مطلق لكل بنود معاهدتها مع اسرائيل.
ذلك يعني أن التغلغل الامني الاسرائيلي في المجتمعات والهيئات الرسمية العربية وجد المجال مفتوحا على مصراعيه من خلال معاهدات السلام ، ولو رصدنا عمليات التجسس والاغتيالات في كل دولة عربية ممن انخرطت في معاهدة سلام مع اسرائيل ،فان النتائج اكبر مما يتخيل اكثر الناس تشاؤما.
إن اسرائيل لا تبني اوهاما على السلام المزعوم، فهي تدرك –ومن خلال التاريخ القديم والمعاصر- ان العرب تمكنوا في خاتمة كل حقبة تاريخية من طرد الغزاة من رومان وصليبيين وعثمانيين وفرنسيين وبريطانيين واسبان وايطاليين..الخ، لذا فان منع العرب من التطور او الوحدة هو هدف استراتيجي اسرائيلي في زمن الحرب او في زمن سلام موهوم، واعتقد ان اسرائيل تفكر تفكيرا سليما من منظور أمنها ، فهي لا تطمئن على الاطلاق ،وعليها ان تندس في كل تفاصيل حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وتمثل عمليات التجسس وزرع العملاء ركنا مركزيا في ذلك، بل انها وصلت مرحلة لتشكيل النظام السياسي في بعض الأحيان..
لدى اسرائيل مراكز ابحاث ومؤسسات تعليمية وخبراء ومؤسسات امنية ينحصر عملها في بناء شبكات تجسس في الجسد العربي ، وكما انجزوا المستعربين في الاجهزة الامنية للتغلغل في الجسد العربي والفلسطيني ، فانهم ينتجون جواسيسا يتقمصون شخصيات رجال الدين والممثلين والراقصات والعلماء والرياضيين والباعة المتجولين ورجال الآثار والطلاب ، بل انهم مندسون في اغلب شركات الامن الخاصة ممن تستأجرهم الدول العربية ،وهم ليسوا إلا عملاء لاسرائيل…فلديهم مراكز لتحديد الشرائح العربية التي يتواجد فيها قدر من الشعور بالمظلومية بخاصة من الاقليات الدينية او القومية او الفقراء ،والعمل على استغلال هذا الشعور بالاضطهاد لتجنيدهم بدافع الغواية المالية او الجنسية او الانتقام من النظم التي يراها هؤلاء مسؤولة عن مظلوميته.
وهنا نسأل: كم مرة نقلت لنا الأخبار عن تجسس عربي على اسرائيل حتى في حالات الحرب، فما بالك في حالات وهم السلام، فالاجهزة الامنية العربية إما تحدق في مجتمعاتها او تتبع بعضها البعض، فحالات التجسس “اليهودي” على اسرائيل لصالح جهة عربية تكاد لا تزيد عن رقم واحد في احسن الافتراضات، رغم ان حوالي 20% من يهود اسرائيل هم مهاجرون من دول عربية .
ان الدعاية السياسية القائمة على محاسن السلام وآفاقه تصلح مع اي مجتمع الا المجتمع الاسرائيلي ، فهي دولة تقوم على رؤية الانسان بطبيعته الشريرة، وعقدة الاختيار الالهي لهم التي زرعها موروثهم الديني يبرر لهم القيام بأي عمل مهما بدا للآخرين بانه غير شرعي ولا اخلاقي.
بل حتى الولايات المتحدة-الحليف الاول لاسرائيل- لم تنج من التجسس الاسرائيلي الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري والمعلوماتي بل والتجسس على الافراد، ويكفي ان تعود للدراسة الاكاديمية ل Duncan Clarke تحت عنوان Israel ‘s Economic Espionage in the US. لتكتشف ان اسرائيل لا تطمئن حتى لأقرب حلفائها، ولعل قضية جوناثان بولارد كافية لفهم ما نقصده.
لن تترك اسرائيل اي ميدان او بلد عربي ليتطور دون ان تندس فيه ،في مجتمعه ومؤسساته وافراده ، ومن الوهم الكبير الترويج لامكانية التعايش مع هذا الكيان ، فهم مندسون فينا كما قال مظفر النواب:
كالعِثةِ في بلد العسكر
تَفقس بين الانسان وثوب النوم وزوجته
وتُقرر صنف المولود
وأين سَيُكوى ختم السلطان على إلْيَتِه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب