مقالات
المجتمعات المخترقة أمنياً الوطن العربي أنموذجاً بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

المجتمعات المخترقة أمنياً الوطن العربي أنموذجاً
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
ندخل لمفهوم المجتمعات المخترقة،من خلال العودة إلى الأصل اللغوي ،كما يبينه المعجم الوجيز،(خرق الثوب:وسع شقّه(اخترق القوم:مضى وسطهم.و-:الأرض مرّ فيها عرضاً على غير طريق،(المخترق)مخترق الرياح-مهبًها.و-ممرُها.-المعجم الوجيز،مجمع اللغة العربية-1992-القاهرة-ص193.
وبناء على ما أتينا إليه عن معنى الخرق والمخترقة نعرف المجتمعات المخترقة، أنموذجها المختار من قبل هذه المقاربة،الوطن العربي في كل أقطاره.
هي المجتمعات المتخلفة فكرياً وعلمياً وصناعياً،وهي المجزأة والمقسمة سياسيا واقتصادياً ،وفي بناها الاجتماعية مستويات من الانقسام القائم على أصول بنائية اجتماعيه ،وقبلية، وطائفية وإثنية،وفوق هذا وذاك،فأنظمتها السياسية مستبدة ومحكومة من قبل الجيش في أكثر الأقطار العربية،حتى تلك
الأقطار المحكومة من قبل قبائل وعشائر تتوارث الحكم بناء على المكون العشائري الرئيس،الذي يستند إلى تحالفات قبلية،تشكل سندا سياسياً واجتماعياً وعسكرياً أمنياً له.
ويفيدنا التاريخ بشأن الأقطار العربية أن السلطة في هذه الأقطار تم اختيارها بناء على اختيار المسؤول الأمني والسياسي البريطاني*
والمجتمع العربي بحكم بنيته القبلية،والظروف التاريخية التي مر بها وعاشها،ّوما عُرف به من صراعات جهوية وقبيلة وإثنية،وماعرف من تدخلات أجنبية أوروبية وأمريكية،تدخل في سياق الصراع على الدور الحضاري بين الأمة العربية،والعدوانية الغربية الأمريكية الصهيونية.نقول عرف البناء الاجتماعي العربي،في مستوياته المحلية الجهوية،والوطنية والقومية،بالانقسامية،أي أن بنيته الاجتماعية بنية انقسامية،والانقسام
والظاهرة الانقسامية ظاهرة بنائية محكومة لعوامل نابعة من من بنيتها القبلية،المنقادة بصراع العصبيات،حسب مستويات القربى الدموية،التي تمت أصلاً إلى المستوى القرابي للأب-الجد المؤسس لهذه القربى.
وفي هذه الأقطار العربية التي تستند إلى ثقافة محكومة لأعراف وتقاليد وقيم عشائرية،تكثر الفجوات الثقافية والسياسية والطبقية،ومن هذه الفجوات يتم الاختراق،الذي يمهد له الفقر والتخلف والجهل،والاستبداد الذي يزرع في بنية المجتمع التفرقة،والفساد الأخلاقي والسياسي والمالي،ويقوي المحسوبية،والصراعات الحهوية والطائفية،ويعدم الفرص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية،التي يحتاجها المواطن لبلوغ حقوقه ومطالبه وحاجياته.
وإذا اخترنا من أنموذج المجتمعات المخترقة من الوطن العربي،أنموذج القطر السوري خلال حكم الأسرة الأسدية،الذي دام حكمها من الأب إلى الابن، من عام 1969 وحتى أواخر عام 2024،وقمنا بجمع المحددات والمؤشرات التي جعلت من القطر العربي السوري،محتمعاً مخترقاً من جهات عدة،وفي مقدمتها الكيان الصهيوني،ومن ثم الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية،وحتى اختراق بعض الجهات الأمنية العربية الخليجية..إلخ .فسنجد في مقدمة هذه المحددات النظام الأمني الذي يشبه في مساوئه بعض الأنظمة في أمريكا اللاتينية والإفريقية،من يمارس الاعتقال والسجن والتعذيب والتصفية الجسدية،واعتقال الأقارب والأبناء والنساء،وما أشاع من المحسوبية،التي أنتجت ظاهرة الشخص المدعوم،أضف إلى ذلك ثقافة الخوف وثقافة
الكراهية التي نمّت الضغينة والشماتة،وهذه المؤشرات أضعفت الحس والانتماء الوطني،لأن في نظام الأسد فقدت الوطنية والمواطنة،كل مسوغاتها من حقوق وواجبات والانتماء الوطني،فصار الولاء للطائفة أقوى من الانتماء للوطن،وصارت المحسوبية الجسر الذي يعبره المواطن إلى غاياته ومطالبه وما يظنه من استحقاقات.
وبضعف الحس الوطني والانتماء للوطن وما يترتب على ذلك من سعي لإشباع الضغينة والثّأر،والبحث عن ولاءات وانتماءات مضادة للولاءات التي شرّعها حكم الأسد،الأب والابن.نقول إنّها شكلت ثقوب في بنية المجتمع العربي السوري،وتم اختراق المجتمع العربي السوري من قبل جهات إحنبية عدّة في مقدمتها الكيان الصهيوني،التي مكنته اختراقاته من اغتيال شخصيات عسكرية قيادية،واغتيال قيادات فلسطينية،وحتى طال الأمر بعض قيادات حزب الله،في قلب العاصمة دمشق.
إذن؛تلك المحددات التي التي كوّن مفاهيمها وموشراتها نظام الأسد،أوجدت الشخصية الضعيفة وطنيتها،والباحثة عن ردود فعل يشبع غريزتها الثأرية،ويوصلها لمبتغاها،هذه الشخصية التي تم اختراقها من المخابرات الأجنبية،وفي مقدمتها الكيان الصهيوني.
وما قلناه عن المجتمع العربي السوري،من كونه مجتمعاً مخترقاً يشكّل أنموذجا لكثرة من الأقطار العربية،فهل من مخرج لهذه الحالة غير بلوغ المواطنة والوطنية بكامل مستحقاتها،المستندة إلى نظام برلماني تشكل الإرادة الشعبية سندده،وقوة الدفاع عنه،بعيداً عن مجالس الشعب التي كانت تشكل لعبة المخابرات وإجهزة الأمن.ومصيدة لضعاف النفوس ممن يبحثون عن المجد الزائف ببيع كراماتهم أولئك الشطار الاوباش. وما ينتج ثقافةالاًوباش من الأنظمة العربية،إلاً من اخترق منهم أمنياً،وجاء إلى السلطة باختيار من الأجنبي المعادي لمستقبل الأمة العربية
*ذكر الكاتب والسياسي حسنين هيكل بأنه أثناء مقابلته شخصية بريطانية في لندن وهو يسأله لمن أعطي الحكم في دول الخليج،فأجابه من العصابات ..على ذمة القائل.
د-عزالدين حسن الدياب. ء