عربي دولي

اليمن يواصل إقلاق الغرب: ماذا لو تَسرّبت تكنولوجيا الصواريخ؟

اليمن يواصل إقلاق الغرب: ماذا لو تَسرّبت تكنولوجيا الصواريخ؟

تحوّل اليمن إلى هاجس أميركي – إسرائيلي مع تصاعد القلق من انتقال تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية إلى صنعاء وتغيّر موازين الردع في البحر الأحمر.

لقمان عبد الله

أثناء الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، اتّجهت الأنظار الغربية والأميركية بالتحديد، إلى دور اليمن في الصراع المذكور، لمعرفة ما إن كانت صنعاء ستشارك إلى جانب حليفتها طهران في المعارك، أم ستلتزم سياسة الحياد. وُوضع الاتفاق اليمني – الأميركي في البحر الأحمر موضع الاختبار، فيما ظهر أنّ ثمّة مخاوف أميركية – بريطانية حقيقية من عودة العمليات اليمنية هناك. وبالفعل، صدرت مواقف سياسية أميركية تقول إنّ واشنطن ملتزمة حماية الملاحة في البحر الأحمر، وتشدّد على الحفاظ على اتفاق وقف النار مع اليمن.

وبعد عدوانها على إيران، سعت إسرائيل إلى إظهار نفسها في موقع المنتصر، وأنّ يدها ما تزال الطولى في الإقليم. ولم تمضِ سوى ساعات على وقف الحرب، حتى بعثت تل أبيب برسائل نارية إلى صنعاء عبر وزير حربها، يسرائيل كاتس، متوعّدة «بأننا سنفعل مع الحوثيين كما فعلنا مع إيران، ومَن يقترب من خطوطنا الحمر سيتلقّى ضربة لا ينسى آثارها، ولن نتسامح مع أي تهديد لأمن إسرائيل في أي مكان».

وفيما لم يُغلَق الحساب بين طهران وتل أبيب، إذ يعمل كل طرف على تحسين قدراته في انتظار لحظة مؤاتية، لا تبدو إسرائيل قادرة على الذهاب إلى جولة ثانية من الصراع مع إيران في الوقت الراهن. إلا أنّ الكيان ينظر إلى اليمن باعتباره تهديداً إستراتيجياً على بوابته الشرقية، ويمكنه معالجة تهديده بالقوة العسكرية أو التلويح بها، وذلك لتعويض الخسائر أو الحدّ منها، خصوصاً في ظل تقدير إسرائيل أنّ إيران بدعمها لليمن تخوض حرباً بالوكالة ضدها.

وفي هذا الإطار، توقّف المعلّقون والمحلّلون الإسرائيليون عند تهديدات كاتس، مشيرين إلى أنّ «الحوثيين هم القوة الوحيدة القادرة على الصمود ومواصلة الحرب»، وإنّ قوة الضربات الإسرائيلية على إيران «اعتمدت على الخرق الأمني والتجسّسي». لكنّ الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية لا تملك سوى معلومات محدودة للغاية حول القدرات التسليحيّة اليمنية، فيما لا توجد تموضعات ومعسكرات يمنية ظاهرة؛ كما أنّ كل الترسانة اليمنية أو معظمها تمّت تخبئتها في أمكنة محصّنة تحت الأرض، وعجزت الطائرات الأميركية بما فيها الطائرات الشبحية «بي 2» عن اختراقها. لذا، فإنّ أي عملية عسكرية إسرائيلية لاستهداف اليمن، لن يكون لها هدف سوى إشعار اليمنيين بأنّ عليهم دفع الأثمان الغالية جرّاء نصرتهم لقطاع عزة.

رسائل تل أبيب النارية بعد الحرب على إيران لا يبدو أنها تخيف صنعاء

ومع ذلك، إنّ اليمن يشكّل مصدر قلَق متزايد لكل من واشنطن وتل أبيب، اللتين تخطّطان بشكل دائم لتحييده بالطّرق كافة. ولعلّ الخشية الأميركية والإسرائيلية الأبرز بعد الحرب على إيران، هي من قيام الأخيرة بتصدير تكنولوجيا الصواريخ الجديدة التي أُطلقت على إسرائيل إلى اليمن. ومن هنا، يبدو أنّ توجيهات صدرت لمنع «الحوثيين» من امتلاك أو تطوير تقنيات صاروخية مماثلة؛ إذ إنهم إن امتلكوها، سيستخدمونها بطريقة «غير محسوبة»، وفق المنطق الأميركي.

ومثّلت جزئية منع حركة «أنصار الله» من امتلاك تقنيات إضافية من الصواريخ والمسيّرات، مادّة استغلال من جانب القوى اليمنية التابعة للتحالف السعودي – الإماراتي. وفي تحريض مباشر على صنعاء وطهران، اتّهم وزير الإعلام في الحكومة الموالية للتحالف، معمر الإرياني، إيران بمحاولة نقل أجزاء من صناعتها العسكرية إلى الأراضي التي تسيطر عليها «أنصار الله» وهو ما قال إنه سيعرّض طُرقات الشحن العالمية في خليج عدن للخطر، مضيفاً، في تصريح، إنّ خطة طهران تشمل إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في محافظتَي صعدة وحجة شمال البلاد، بالإضافة إلى المناطق المحيطة بصنعاء.

وطوال فترة الحرب على إيران وبعدها، بدا حرص الولايات المتحدة واضحاً على ألّا ينسحب التزام «أنصار الله» بوحدة الساحات، وخصوصاً حرب إسناد غزة، دخولاً في المواجهة إلى جانب إيران. غير أنّ قائد الحركة، عبد الملك الحوثي، دحض تلك المزاعم بالقول إنّ «اليمنيين لا يدينون العدوان الإسرائيلي على إيران فحسب، إنما هم شركاء في الموقف».

وإذ حافظ التصعيد بين إيران وإسرائيل على ما سمّي «أياماً قتالية» ولم تكن ثمة ضرورة لأن تشارك «أنصار الله» في المعركة مباشرة، فإنّ توسيع المواجهة إلى حرب مفتوحة كان سيعني انخراط اليمن الذي أعلن أكثر من مرة أنه على أتمّ الجاهزية لتوظيف موقعه الجغرافي بطُرق من قبيل إغلاق باب المندب واعتبار البحر الأحمر منطقة عسكرية، أو فتح جبهات داخلية لها أبعاد إقليمية وتعتبرها الولايات المتحدة خطوطاً حمراً مثل السيطرة على مناطق إستراتيجية تتصدرها حقول النفط والغاز.

الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب