مقالات
ثورة شعب لا تموت ومؤامرات الإسلامويين مستمرة:30 يونيو.. من تاريخ الانقلاب إلى ميادين الثورة
الهدف السودانية

ثورة شعب لا تموت ومؤامرات الإسلامويين مستمرة:30 يونيو.. من تاريخ الانقلاب إلى ميادين الثورة
-الهدف السودانية-
في مثل هذا اليوم من عام 1989، سُرقت الديمقراطية الثالثة في السودان تحت جنح الظلام، حين دبّر تنظيم الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي انقلابًا عسكريًا عبر ضباط موالين له داخل الجيش، وعلى رأسهم العميد عمر حسن أحمد البشير. فاستولت الجماعة على السلطة تحت لافتة “الإنقاذ الوطني”، مدّعية أنها تنقذ السودان من التدهور، لكنها سرعان ما قادت البلاد إلى ثلاثين عامًا من القمع، والفساد، والحروب، والتدمير الممنهج لمؤسسات الدولة.
انقلاب المتأسلمين باسم الجيش
لم يكن انقلاب 30 يونيو 1989 حدثًا عسكريًا محضًا، بل هو تتويج لمشروع “التمكين” الذي خطط له الإسلامويون لسنوات، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، وتصفية الخصوم، وبناء دولة عقائدية على أنقاض الوطن. تحت شعارات براقة كـ”هي لله”، جرى الزج بآلاف السودانيين في المعتقلات، وتشريد مئات الآلاف من الوظائف، وشن حروب إبادة في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
من الإنقاذ إلى الثورة
بعد ثلاثين عامًا من القهر والنهب، انتفض الشعب السوداني في ديسمبر 2018، في ثورة مجيدة قادها الشباب والنساء والعمال والمعلمون والمهمشون، ووجدت سندها الأصيل في قوى الثورة الحية، وعلى رأسها تجمع المهنيين السودانيين، وقوى الحرية والتغيير. وبعد اعتصام بطولي أمام القيادة العامة للجيش، أُجبر البشير على التنحي في أبريل 2019.
لكن الجماهير لم تنسَ أن نظام “الإنقاذ” لم يكن شخص البشير وحده، بل كان منظومة كاملة من القتلة والفاسدين، لذلك خرجت في مليونية 30 يونيو 2019 لتقول: لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية للقتلة.
ما بين ثورتين.. يستمر النضال
يأتي 30 يونيو هذا العام في ظل حرب طاحنة تشعلها بقايا النظام البائد عبر وكلائهم في القوات المسلحة وواجهاتهم السياسية، تحت غطاء “استعادة الدولة”، بينما الشعب يدفع الثمن دمًا ونزوحًا وجوعًا. لم يتوقف الإسلامويون منذ سقوطهم عن محاولة الانقضاض مجددًا على السلطة، مستخدمين أدوات الحرب، والفتنة، وخطاب الكراهية.
لكن الوعي الثوري يتجدد كل عام، والذاكرة الجمعية لشعب السودان تحتفظ بصوت الهتاف الذي زلزل الأرض في 2019: “يا عنصري ومغرور.. كل البلد دارفور!”، والهتاف الذي هتف به الثوار في المليونية: “دم الشهيد بكم؟”.
مليونية 30 يونيو 2025: الشعب لا يُخدع
في 30 يونيو 2025، لا تزال مواكب الرفض تخرج من رحم المدن المدمرة، والقرى المحروقة، والمخيمات المكتظة، لتقول:
لن نخون دماء الشهداء، ولن نترك وطننا رهينة بين سكين الإسلامويين وبندقية الجنرالات.
رغم القصف والتجويع والانهيار، تبقى جذوة الثورة مشتعلة في الوجدان الشعبي. فالشعب الذي أسقط أعتى دكتاتوريات أفريقيا، لن يرضخ لمحاولات إعادة تدوير الفساد والدم باسم “السيادة” أو “الشرعية”.
كلمة أخيرة
نُجدد انحيازنا لقضايا الجماهير، ونؤكد أن النضال من أجل سودان ديمقراطي، مدني، موحد، لا يمكن أن يُهزم. وإن 30 يونيو يجب أن يُدوّن في كتاب التاريخ لا كذكرى للانقلاب، بل كأيقونة للثورة التي أطاحت به.. وسيُكتب يومًا أن الإسلامويين الذين اغتصبوا الوطن ذات ليل مشؤوم، قد سحقهم وعي الشعب في فجر الانتفاضة الطويل.
المجد للشهداء النصر للثوار الثورة مستمرة