إسرائيل وغزة بعد الحرب: استهداف المدنيين وصمت المجتمع الدولي..

إسرائيل وغزة بعد الحرب: استهداف المدنيين وصمت المجتمع الدولي..
بقلم علي او عمو.
كاتب من المغرب.
بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي ألحقت خسائر جسيمة في الطرفين، سارعت إسرائيل إلى تصعيد عملياتها
العسكرية على قطاع غزة، مستهدفةً بشكل مباشر المدنيّين الأبرياء العزّل. ووفق تقارير ميدانية، فإنّ هذه الهجمات
تُسفر يومياً عن مقتل ما يقارب ثمانين شخصاً، فضلاً عن مئات الجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال. هذا الاستهداف
المتعمد للمدنيين يثير العديد من التساؤلات حول دوافع إسرائيل وسكوت القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة
والأمم المتحدة.
غاية إسرائيل من استمرار المجازر:
إسرائيل تسعى من خلال هذا التصعيد الدموي إلى تحقيق جملة من الأهداف، أبرزها:
1. الضغط على المقاومة الفلسطينية، من خلال استنزاف الحاضنة الشعبية، ظناً منها أن معاناة المدنيين ستؤدي إلى
تفكيك البنية الاجتماعية والسياسية الداعمة للمقاومة.
2. تعزيز الجبهة الداخلية، عبر تحويل الأنظار عن إخفاقاتها في الحرب مع إيران، وتقديم الانتصارات على غزة
كتعويض معنوي للجمهور الإسرائيلي.
3. فرض وقائع جديدة ميدانية قد تمهد لإعادة رسم خريطة السيطرة داخل القطاع، وربما لتصفية القضية الفلسطينية
سياسياً عبر خلق واقع إنساني كارثي لا يمكن الخروج منه إلا بشروط إسرائيلية.
الولايات المتحدة ودورها الغائب:
رغم كونها الحليف الأقوى لإسرائيل، امتنعت الولايات المتحدة عن ممارسة ضغط حقيقي على حكومة الاحتلال لوقف
إطلاق النار، بل اكتفت بتصريحات "قلقة" و"دعوات للتهدئة" لا ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة.
ويُفسَّر هذا الموقف بعدة عوامل:
• اعتبارات انتخابية داخلية في الولايات المتحدة، حيث تُعتبر إسرائيل قضية حساسة في الأوساط السياسية.
• رغبة في استثمار الوضع لصالح التفاوض بشأن المخطوفين الإسرائيليين، دون تقديم أي مقابل للفلسطينيين من
أسرى ومعتقلين.
• ازدواجية المعايير التي لطالما اتسمت بها السياسة الأمريكية في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وخصوصاً القضية
الفلسطينية.
صمت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية:
رغم بشاعة المجازر، بقي صوت الأمم المتحدة خافتاً، واكتفت غالبية المنظمات الحقوقية الدولية بإصدار بيانات إدانة
ضعيفة لم تلقَ أي تجاوب عملي. هذا الصمت يعكس عجز المنظومة الدولية عن فرض احترام القانون الدولي حين
يتعلق الأمر بإسرائيل.
يُعزى هذا العجز إلى:
– هيمنة الدول الكبرى على القرار الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تمنع اتخاذ قرارات جادة ضد إسرائيل.
– فقدان آليات التنفيذ في المؤسسات الدولية، خصوصاً في ظل الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن.
– تطبيع الخطاب السياسي والإعلامي الذي أصبح يُبرّر جرائم الحرب الإسرائيلية بذريعة "الدفاع عن النفس".
هل إسرائيل فوق القانون الدولي؟.
من الناحية القانونية، لا دولة فوق القانون الدولي. لكن في الواقع، تظهر إسرائيل وكأنها محصّنة من المحاسبة، بسبب
الغطاء السياسي والدبلوماسي الغربي الذي تتمتع به..
فهي:
– تنتهك اتفاقيات جنيف وحقوق الإنسان بشكل ممنهج.
– تُمارس العقاب الجماعي ضد المدنيين في غزة، وهو جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
– تستمر في الاستيطان والاحتلال والاعتقال الإداري دون أي تبعات دولية حقيقية.
خاتمة:
ما يحدث في غزة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية هو جريمة مركّبة لا يمكن تبريرها بأي ذريعة. فاستهداف المدنيين،
وصمت العالم، وتواطؤ القوى الكبرى، يُشكّل ثلاثية قاتلة تهدد ليس فقط حياة الفلسطينيين، بل أيضاً مصداقية القانون
الدولي والنظام العالمي بأسره. وإذا لم يتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه المجازر، فإن العالم يقرّ عملياً بأن إسرائيل
دولة فوق القانون، وأن الضحية لا تملك سوى أن تنزف في صمت.