طرد مئات بدو “المعرجات” قرب أريحا.. والجنود لـ “قادة المستوطنين”: متى حفل الشواء؟

طرد مئات بدو “المعرجات” قرب أريحا.. والجنود لـ “قادة المستوطنين”: متى حفل الشواء؟
هاجر شيزاف
مئات سكان القرية البدوية “المعرجات” في منطقة أريحا تم طردهم، الجمعة الماضي، من بيوتهم في إحدى عمليات الطرد الكبرى في الضفة الغربية منذ بداية الحرب. هذا عقب إقامة بؤرة استيطانية داخل القرية الأربعاء الماضي. سكان القرية الذين يعانون من المضايقات والعنف والسرقة من قبل المستوطنين منذ بضع سنوات، قرروا أمس المغادرة، بعد أن أقام المستوطنون البؤرة الاستيطانية، ودمروا بيت إحدى العائلات، وسرقوا حوالي 60 رأساً من الأغنام.
حسب أقوال السكان، كان يعيش في القرية خمسون عائلة، لكن في السنتين الأخيرتين، كلما ازدادت مضايقة وعنف المستوطنين، بدأت العائلات في المغادرة. وادعى الجيش الإسرائيلي أنه طرد المستوطنين الذين أقاموا البؤرة هذا الأسبوع، من المكان. مع ذلك، نقل المستوطنون مركز البؤرة، الذي يشمل مكاناً للجلوس وأغناماً، ليكون قريباً جداً من مدرسة القرية، هذا بعد أن طرد المستوطنون العائلة التي كانت في البيت القريب من مكان البؤرة الاستيطانية.
حسب أقوال السكان الفلسطينيين، وصل عدد من المستوطنين أمس، أبلغوهم بأن عليهم إخلاء المكان خلال 48 ساعة. صباحاً، في الوقت الذي أخلى فيه السكان أغراضهم، وصل جنود في سيارة عسكرية إلى المكان وتحدثوا مع المستوطنين، ولم يفعلوا شيئاً، في الوقت الذي كان فيه المستوطنون يزعجون الفلسطينيين أثناء إخلاء ممتلكاتهم.
“حياتنا انتهت هنا. فالمستوطنون وصلوا إلى بيتنا وهددونا”، قال يوسف مليحات (35 سنة)، وهو أب لولدين. “يؤلمنا الخروج من هذه المنطقة، حيث ولدنا. اليوم، لا قانون في إسرائيل، لذا يرسلون هؤلاء الأشخاص المجرمين. وهذا يحدث بشكل متعمد. لم أشاهد مثل هذا الشيء خلال حياتي”. وحسب أقواله، قبل بضعة أشهر باع قطيع أغنامه خشية أن يسرقه المستوطنون. “من الخطير إبقاء أولادي هنا. لقد أضروا بمصدر رزقنا. وعندما استدعينا الشرطة، لم تفعل شيئاً”، قال. “ليس لي أي حقوق. من لديه بطاقة هوية زرقاء له حق. أما أنا الذي يحمل بطاقة هوية خضراء [السلطة الفلسطينية] لا لي حق”.
سليمان وأوطان مليحات، والدان لثمانية أولاد، هربا من بيتهما أول أمس ليلاً. يعيشان في البيت الأكثر قرباً من مكان إقامة البؤرة الاستيطانية في البداية. “لقد وصل 20 مستوطناً، وبدأوا بتخويف أولادنا. كانوا في حالة ثمل. لم يكونوا قاصرين، بل بالغون”، قالت أوطان. وهي تتذكر كيف أخذت أولادها وهربت إلى بيت الجيران، وقضت الليل هناك دون أن تتمكن من العودة إلى بيتها. نشطاء من “ننظر للاحتلال في عينيه”، التي كانت في تلك الليلة في القرية لمساعدة السكان، قالوا إنهم عندما حاولوا الاقتراب من البيت، بدأ المستوطنون يرشقونهم بالحجارة.
في الصباح، عادت العائلة إلى بيتها واكتشفت أن أغراضها قد سرقت. كان البيت مقلوباً. فقد نثروا الأغراض وأخذوا الفرشات والمخدات و200 دينار ومحفظة فيها 4 آلاف شيكل، وبطاقات الهوية ووثائق مهمة للأولاد، قالت أوطان. جزء من الأموال التي سرقت، حسب قولها، حصلت عليها في الفترة الأخيرة بعد بيع مجوهراتها مدفوعة بشعور أنهم سيضطرون لمغادرة القرية، هذا بعد ازدادت هجمات المستوطنين التي شملت رشق الحجارة على نوافذ البيت. “لي صديق أعطاني غرفة نعيش فيها مؤقتاً”، قال سليمان الذي فقد قدمه قبل خمس سنوات بسبب إطلاق المستوطنين النار عليه، في الوقت الذي كان يرعى فيه أغنامه. “الأولاد وأنا خائبو الأمل، هم متعبون”، قالت أوطان.
هذا التجمع، مثل تجمعات أخرى تم طردها، تفكك، وانتشر سكانه في مناطق مختلفة يمكنهم السكن فيها. عائلة فرحات مليحات (30 سنة) انتقلت مؤقتاً إلى قرية العوجا هي وعائلات أشقاء سليمان علي وإبراهيم. “المستوطنون سرقوا من شقيقي مليحات 60 رأساً من الغنم، عندما أقيمت البؤرة في القرية. انتقل الإخوة وعائلاتهم إلى أرض خاصة لأحد سكان العوجا، الذي وافق على تأجيرهم إياها لمدة سنة.
في زيارة إلى المكان الذي انتقلوا إليه، تمت مشاهدة نساء وأولاد يجلسون تحت أشعة الشمس الحارة. حسب أقوالهم، الخيمة التي أقاموها للنوم طارت بفعل الرياح. لا مياه أو كهرباء في المكان. “لا شيء، وتكلفة المكان مرتفعة جداً”، قال فرحات. “الأخ الآخر، محمد، أقام خيمة في مكان آخر في القرية من قطع القماش وهو يجلس تحتها مع أولاده الصغار. “طرق المستوطنون أبواب البيوت كي لا ننام، والأولاد لم يناموا منذ أيام. تركنا خلافاً لإرادتنا”، قال محمد. وحسب قوله، ينام في الخيمة 13 شخصاً. “هذا ليس مكاننا، نحن هنا بشكل مؤقت. لا نعرف إلى أين سنذهب”، قال.
في السنة الأخيرة، حدثت عدة أعمال عنف في المعرجات تحديداً. في أحدها، هاجم المستوطنون الفلسطينيين في المدرسة، واختطفوا المدير. جاء المستوطنون من مزرعة “زهر الصباح”، وهي بؤرة عنيفة أقيمت قرب القرية في السنوات الأخيرة. صباح أمس، زار صباح البؤرة التي أقيمت في داخل القرية. تهامس معه الجنود، وسألوه عن حفلة الشواء التي أقامها مؤخراً. حصل صباح مؤخراً على سيارة من نوع “رينجر” من ميزانية وزارة الاستيطان.
في حادثة أخرى، في شباط، أحرق المستوطنون المسجد في المعرجات. خلال هذه الفترة، عانى السكان من مضايقة متكررة، شملت تقييد على مناطق الرعي، إلى درجة أنهم لم يتمكنوا من رعي أغنامهم، وكذلك إغلاق المداخل إلى بيوتهم والمناطق الزراعية لأبناء القرية. أمس، زار البؤرة غبرئيل كليش، مسؤول الأمن في مستوطنة “مفئوت يريحو”، الذي يعرف السكان الفلسطينيون عنفه جيداً.
هآرتس 6/7/2025