تصريحات منصور عباس ضد أيمن عودة تثير ضجة واسعة في أراضي 48

تصريحات منصور عباس ضد أيمن عودة تثير ضجة واسعة في أراضي 48
لناصرة- تواصل تصريحات رئيس “القائمة العربية الموحدة”، النائب في الكنيست منصور عباس، إثارة ردود فعل، كثيرٌ منها ناقد، ويتراوح بين العتب والغضب داخل أراضي 48، بعدما قال في القناة 12 العبرية إن النائب أيمن عودة لا يستحق شرف الإقصاء من الكنيست.
وجاءت ردود الفعل الواسعة والانتقادات على تصريحات عباس، التي أثارت مخاوف من ازدياد توترات حزبية، كونها وردت في وسيلة إعلام عبرية مع صحافي مستوطن يحرّض يومياً على العرب، وتتزامن مع حرب إبادة على غزة، ومع بداية مداولات لتوحيد فلسطينيي الداخل في قائمة مشتركة تساهم في إسقاط حكومة نتنياهو.
عودة: نحن نختلف في الطروحات والنهج، وكلٌّ منا له خاصيّته، وسنبقى كذلك بوجود “مشتركة” أو بدونها
وأصل القضية أن الكنيست بادر لطرد أيمن عودة، عقابًا على تصريح أدلى به قبل ستة شهور، قال فيه على منصة “إكس”: “أنا سعيد من أجل تحرّر المختطفين والأسرى. من هنا يجب تحرير الشعبين من نير الاحتلال. لأننا كلنا ولدنا أحرارًا. غزة ستنتصر”.
وأمام الحملة الواسعة من قبل اليمين واليسار الصهيونيين، أكد عودة من جديد على تمسكه بموقفه، وكتب مجددًا: “لا نملك غير حلّ واحد ووحيد وأوحد، وهو الثبات على مواقفنا. فقط هكذا ندافع عن حقّ اكتسبه شعبنا عبر عشرات السنين من النضال، وهو توسيع مساحة حرية التعبير. مواقفنا وطنية إنسانية. مواقفهم عنصرية وفاشية”.
واستهجن فلسطينيو الداخل هذه الحملة الواسعة والحادة على رئيس تحالف “الجبهة/التغيير”، النائب أيمن عودة، كونه يدعو يوميًا للسلام وللشراكة بين العرب واليهود، وسبق أن استنكر عدة مرات المساس بالمدنيين الإسرائيليين في عملية “طوفان الأقصى”، وقبلها وبعدها، وأحيانًا يتعرّض لانتقادات قاسية من قبل أوساط فلسطينية تعارض موقفه الداعي للتعايش والشراكة العربية اليهودية.
وبعد الضجة الواسعة والانتقادات التي أثارتها تصريحات منصور عباس، قال، في بيان منشور على صفحته: “وصلتني مئات الرسائل بعد مقابلتي والمنشور الذي أصدرته، الكثير منها يؤيد موقفي، وبعض آخر ينتقده بحجة أنه يرفع التوتر بين الأحزاب العربية، والذي قد يؤدي إلى عوائق في تشكيل وحدة أو قائمة مشتركة. وعلى هذا أقول:
أولًا: لا علاقة بين وحدة الأحزاب في الانتخابات وبين الفروقات في المواقف السياسية. إذا كان أحدهم يريد وحدة انصهار تُلغي كل ما في السابق، وتُبطل الفروقات السياسية والاختلافات وهويّة الأحزاب، فهو يطمح لشيء لا يمكن تحقيقه. نحن في “الموحدة” كنّا وما زلنا أكثر من سعى للوحدة، وأكثر من قدّم التنازلات في السابق من أجل تحقيقها، رغم الفرق الشاسع بيننا وبين الآخرين في التوجّهات والمبادئ. لهذا، وباختصار، لا علاقة لهذا بذاك. نحن نختلف في الطروحات والنهج، وكلٌّ منا له خاصيّته، وسنبقى كذلك بوجود مشتركة أو بدونها.
ثانيًا: هناك من يحاول تغيير الحقيقة وبلبلة الناس من خلال مهاجمة منصور عباس، ويبرّر رفض حزبه لتشكيل القائمة المشتركة بأن هذه القائمة، برئاسة منصور عباس بما أنه رئيس الحزب الأكبر في المجتمع العربي، ستكون بمثابة تعبير عن أن مواقفه تمثّل الجميع. وهذا ادعاء غير صحيح.
القائمة المشتركة، التي نطرحها اليوم، ستكون بإذن الله قائمة وحدة انتخابية، وهي صيغة انتخابية تحترم التعددية، بحيث يُحافظ من خلالها كل حزب على خاصيّته وهويّته ونهجه ومبادئه. تهدف هذه القائمة، في حدّها الأدنى، إلى منع حرق الأصوات العربية، الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة مقاعد واستمرار حكومة اليمين.
وقلتُها وسأبقى أقولها: الخيار الآخر هو خيار القائمتين. ورغم أننا لا نفضّله، إلا أنه يبقى خيارًا مطروحًا، وقد يكون جيدًا نوعًا ما إذا تعذّر تشكيل المشتركة.
ثالثًا: الحكومة الكارثية الموجودة اليوم لم تكن مفاجِئة، فقد حذرنا منها طيلة فترة الحكومة السابقة، وقلنا بشكل واضح إن هذا ما سيحدث. وفي زمن السوشيال ميديا، كل شيء موثّق، وكل موقف منشور ومحفوظ.
كل هذا حصل، والشمس لا يمكن تغطيتها بالغربال. من أسقط الحكومة السابقة هو النائب أيمن عودة ونوّاب عرب آخرون، ووجود الحكومة الحالية هو نتيجة مباشرة لذلك، سواء عبر مواقف صريحة أو أفعال غير مباشرة. ومع ذلك، نحن اليوم أمام مرحلة جديدة. وإذا كان هناك من يندم، ويريد تصحيح الخطأ والاعتذار والانضمام إلى مسار وحدوي، فنحن نبارك ذلك. في النهاية، نحن في عالم السياسة، وليس في عالم المشاعر. نبحث عن حلول، لا عن ذكريات، مهما كانت بشعة.
عودة: نحن في مرحلة جديدة، وما زلنا صوتًا عربيًا واقعيًا، محافظًا ومؤثرًا. لأننا نتحرك في ملعب السياسة الإسرائيلية، لا في ميادين التحرير
رابعًا: أنا أتقبل الانتقادات بصدر واسع، لكنني أفرّق جيدًا بين الانتقاد الصادق والنفاق السياسي. من يصوّت اليوم مع إقالة أيمن عودة، وسيُصوّت ضد “التجمّع” في لجنة الإقصاء قريبًا، هو نفسه يائير لبيد وبيني غانتس. وهما نفسهما من أوصت عليهم هذه الأحزاب والنوّاب أكثر من مرّة، في مواقف قبلوها دون أي تحفظ أو حرج سياسي. فمن يزاود اليوم، عليه أولًا أن يُحسن انتقاء مواقفه، كي لا يقع في تناقض صارخ. كنت قد قلت سابقًا إن بعض الأحزاب تحرّم وتُحلّل كما تشاء. ما هو جائز لها، يصبح ممنوعًا على منصور أو “الموحدة”. فعندما التزم منصور بقرارات صعبة ضمن الائتلاف، قيل إنه أخطأ وارتكب “خطيئة”. لكن عندما التزمت “الجبهة” في حيفا بقرارات الائتلاف، وصوّتت بالامتناع على إقالة عضو البلدية العربية سالي عبد، اعتبروا ذلك موقفًا شرعيًا وطبيعيًا. هذا نفاق، لا أكثر ولا أقل. وأخيرًا، وليس آخرًا: كل من يعتقد أن منشوري كان مجرّد توضيح موقف، فهو مخطئ. زمن التوضيح انتهى. نحن في مرحلة جديدة، وما زلنا صوتًا عربيًا واقعيًا، محافظًا ومؤثرًا. لأننا نتحرك في ملعب السياسة الإسرائيلية، لا في ميادين التحرير”.
من جهته، لم يُعقب أيمن عودة مباشرة على تصريحات زميله في السياسة والكنيست منصور عباس، لكن قادة حزبه، “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة”، وجّهوا انتقادات للأخير، منهم سكرتير الحزب أمجد شبيطة.
في منشور له، أثنى شبيطة على موقف رئيس أسبق للحركة الإسلامية ولـ “القائمة العربية الموحدة”، النائب الأسبق إبراهيم عبد الله، فقال: “أضم صوتي إلى صوت الشيخ إبراهيم عبد الله، الرئيس الأسبق للحركة الإسلامية والقائمة الموحدة، وأؤكد أننا في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ورغم ما لحق بنا من تهجّمات غير مسؤولة في الأيام الأخيرة، لم ولن نغلق باب الحوار بهدف تحقيق أوسع شراكة ممكنة على قاعدة متينة من التفاهمات السياسية الكفيلة بجعلنا نسقط حكومة اليمين الفاشي، ونتمكن مع بعض من مواجهة التحديات الراهنة. لا شك لدي أن أصوات العقل غلّابة، ولن تقبل أن نعود ونصطلي بنيران التفرقة والمناكفات”.
وكان إبراهيم عبد الله قد نشر تعقيبًا كتب بلغة دبلوماسية، قال فيه: “أدعو جميع قيادات المجتمع العربي إلى التسامي على كلِّ الجراح، حرصًا على اللحمة الوطنية، استعدادًا لإسقاط حكومة نتنياهو الفاشية”.
وتواصل مجموعات من المثقفين وأساتذة الجامعات في إسرائيل الدعوة لعدم إقصاء النائب أيمن عودة.
“القدس العربي”: