
النقد الفني الصيرفي

هايل علي المذابي
قرأت في كتب النقد قرابة عشرين عاما، لكن خلاصة تجربتي في النقد لم تكن مما قرأته في تلك الكتب، بل من مكاتب شركات الصرافة، فحين يريد الناقد الصيرفي أن يختبر ورقة المائة دولار أو ما دونها قبل طبعة 2009، إن كانت حقيقية أم مزيفة، على اعتبار أن أحد تعريفات النقد في اللغة يعني تمييز الناقد الصيرفي للعملة، وليس هذا هو ما نريده الآن، بل الأهم من ذلك هو طريقة فحص الناقد للعملات النقدية.
ولنتحدث عن ورقة الدولار من أي فئة، فالصيرفي ببساطة يثنيها إلى نصفين، فإذا تطابق نصفها مع منتصف أرنبة أنف صورة الرئيس الأمريكي التي تحملها العملة، فهذا التطابق يعني جودتها وحقيقتها وعدم زيفها.
حديثا جدا وجدت مقولة تعريفية لمعنى النقد تذهب إلى ما ذهبت إليه، يقول الطيب بو عزة: «النقد هو بيان القيمة، سواء كانت قيمة خافضة أو قيمة سامقة، لذلك سميت أوراق البنكنوت نقدا، لأنها أدوات لتحديد قيم الأشياء».
الآن اذهب أيها القارئ وخذ إحدى الروايات أو المسرحيات أو الأفلام السينمائية أو المسلسلات، وتحديدا تلك المصنفة عالميا، فإذا كان المتن – فرضا – 200 صفحة للرواية أو المسرحية، أو 120 دقيقة إذا كان فيلما، أو 30 حلقة إذا كان مسلسلا، فاذهب إلى نصفها مباشرة: صفحة 100 إذا كانت رواية أو مسرحية، أو الدقيقة 60 من الفيلم، أو الحلقة 15 من المسلسل، وإذا وجدت ذروة القصة حينها في هذه الأعمال متطابقة تماما مع منتصفها، فذلك يعني أنها حقيقية، وبإمكانك أن تصدر حكما غيابيا بجودتها دون أن تقرأها في أسوأ الأحوال، وهذا يفيد كثيرا قبل التورط في شراء رواية أو مسرحية ونحن لم نسمع بكاتبها من قبل.
إشارة إلى هذه الذروة، كانت تتعمد دور العرض السينمائية القديمة قليلا أن توقف الفيلم بعبارة Intermission أي استراحة سينمائية أو مسرحية، وتضاء دور العرض لمدة خمس دقائق، وهذا كان مما يدل على جودتها، لأنها تقف في لحظات الصعود الدرامي إلى ذروته، وهو ما يتطابق مع النصف الزمني للفيلم أو المسرحية.
أما إذا كنت لا تعرف ما تعنيه الذروة، فعليك أن تذهب أولا لفهم البناء الدرامي الكلاسيكي أو الهوليودي الذي تبنى عليه الرواية والمسرحية والقصة والفيلم والمسلسل.
كاتب يمني