مقالات

“شرطة المستوطنين” في الضفة: شرعنة الميليشيات وتهديد وجودي للفلسطينيين.بقلم مروان سلطان. فلسطين

بقلم مروان سلطان. فلسطين

“شرطة المستوطنين” في الضفة: شرعنة الميليشيات وتهديد وجودي للفلسطينيين.

 

 

بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

12.7.2025

———————————————

لا تكاد تخلو أي نشرة إخبارية عبر الفضائيات المختلفة، المحلية والدولية، من نقل معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية نتيجة هجمات المستوطنين. بالامس استشهد اثنين من المواطنين واحدهم من حملة الجنسية الامريكية على يد مستوطنين في ضواحي رام الله. وفي حادثة اخرى الليلة الماضية امتطى عددا من المستوطنين بعض الاحصنة وهاجموا بعض القرى في جنوب الخليل واعتدوا على المواطنين وممتلكاتهم.  هؤلاء المستوطنون، الذين يقارب عددهم في مستوطنات الضفة الغربية ثمانمائة ألف مستوطن ينتمون إلى غلاة التطرف، وتنتشر بينهم عصابات المستوطنين التي ترتكب اعتداءات يومية على المواطنين الفلسطينيين في مختلف أرجاء الضفة الغربية، او اينما توجههم الحكومة الإسرائيلية لممارسة العنف والضغط بهدف الاستيلاء على الأرض وتهجير الفلسطينيين نحو التجمعات السكانية الكبرى. 

 اليوم، برز في الأخبار الإعلان عن تأسيس وحدة شرطية جديدة تُدعى “وحدة الاستجابة الأولى”، تابعة لما يسمى شرطة الضفة الغربية، وتتكوّن من عشرات المستوطنين، بهدف تعزيز الحماية لهم، وتطبيق ما تسميه إسرائيل “السيادة” على الضفة الغربية المحتلة.  هنا السؤال هل يعني ان إسرائيل تؤسس لحقبة من العنف الموجه في الضفة؟. هذا ما ستكشف عنه الايام المقبلة ، ولكن هذا الاجراء مفزع وبدون شك انه يؤسس لمرحلة جديدة فيها كثير من المفاجات .

يأتي هذا التطور ضمن سلسلة من الإجراءات لتعزيز قوة المستوطنين، إذ تم توزيع أكثر من مئة ألف قطعة سلاح رشاش M16 على المستوطنين، إلى جانب تزويدهم بسيارات دفع رباعي. وهذا يعني أن عملية تمكين المستوطنين تأتي في إطار خطة مدروسة للضم الزاحف للضفة الغربية، وهي المهمة التي أوكلت إلى هذه الميليشيا التي باتت الذراع الحكومي الإسرائيلي في الميدان. وفي هذا الاطار يتحول المستوطن إلى شرطي حيث ان الاحتلال يصنع ميليشيا رسمية لاقتلاع الفلسطينيين.

يعتبر  هذا الإجراء خطوة إسرائيلية لإضفاء طابع رسمي على الميليشيات الاستيطانية، وجعلها جزءا من المنظومة الأمنية، بدل أن تبقى كيانات عشوائية خارجة عن القانون. بهذا، يتحول المستوطنون من مجرد مجموعات إرهابية فردية إلى أذرع أمنية منظمة، تمارس القمع تحت غطاء القانون الإسرائيلي، في ظل غياب تام لأي رقابة أو مساءلة. إن ما يجري ليس أمنا ذاتيا فحسب، بل هو فرض لسيادة اسرائيلية ميدانية على حساب الشعب الفلسطيني. وفي هذا التحول فان  الضفة الغربية ستصبح تحت رحمة الميليشيا الرسمية عندما شرطة المستوطنين تبدأ مهامها. 

لقد ثبت بالدليل القاطع أن ترك الأمن في يد الاحتلال، وتحت مظلة الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين، بذريعة حماية “أمن الإسرائيليين” في الأراضي الفلسطينية، يفقد الفلسطينيين أمنهم، ويعرضهم لمخاطر جسيمة. فقد تسببت كل الأحداث السابقة في ان الفلسطينيين يفقدون امنهم عندما يتواجد الجيش الاسرائيلي في قتل الفلسطينيين وتدمير وقرصنة اموالهم وممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية ومواشيهم.

ويُعد الإسرائيليون البالغون جميعا جنودا في جيش الاحتلال، والمستوطنون هم جزء من تلك المنظومة. ولذلك، فهم لا يحتاجون إلى تدريب خاص أو تنظيم، بل هم على أتم الجاهزية للالتحاق بثكناتهم أو بأي قوة أمنية تشكل فور استدعائهم. ومن هنا، فإن القوة الشرطية المزعومة ستستخدم لترهيب الفلسطينيين، وإقامة الحواجز، وتنفيذ الهجمات، وفرض الوقائع على الأرض،  وترهيب الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل أو الخضوع، في إطار أداة منظمة للردع والإرهاب الميداني. ترسانة سلاح ضخمة وشرطة للمستوطنين فان هذا يعني بكل ما تعنيه الكلمة ان إسرائيل تعلن الحرب على الوجود الفلسطيني.

يأتي هذا الإجراء في سياق سياسة الاحتلال الإحلالي، حيث الهدف المباشر هو طرد الفلسطينيين وتهجيرهم. وإذا كنا قد أبدينا توجسا من توزيع السلاح على المستوطنين، وتزويدهم لاحقًا بسيارات الدفع الرباعي، ومن ثم تأسيس “قوة شرطية” من المستوطنين تحت اسم الاستجابة السريعة، فان هذا يعني أن هذه القوة من الممكن ان تقوم  بالتصادم المباشر مع الفلسطينيين، وتعزيز سطوة عصابات المستوطنين في المزارع والمراعي والطرق الالتفافية، وحيثما وجدت التجمعات الفلسطينية الصغيرة على امتداد الضفة الغربية، ضمن خطة التهجير الإسرائيلية، والا كيف يمكن لنا ان نفسر عمليات القتل التي حدثت وحرق الممتلكات ، وقرصنة الاموال والمواشي.

نحن، الفلسطينيين، أمام معترك كبير وتحد يتجاوز الجغرافيا والسياسة، إنه صراع على الهوية والوجود. لقد أبدعت حركات المقاومة الشعبية سابقا في التصدي لمحاولات التهجير، وكانت المعارك في الدفاع عن الأرض والحق والكرامة معقّدة وطويلة، وليس من امامها خيار الا الثبات والتصدي لتلك الاستفزازات. أما اليوم، فقد باتت الحاجة ماسة إلى مزيدا من التكاتف، وتعزيز حركات الدعم، والصمود، والتحدي، في وجه هذه الهجمة الشرسة التي تواجه شعبنا الفلسطيني.

تعليقات

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب