عربي دولي

طهران تلوّح بالتخصيب السرّي: لمفاوضات على أسس جديدة

طهران تلوّح بالتخصيب السرّي: لمفاوضات على أسس جديدة

طهران تجدّد تمسّكها بحقّ تخصيب اليورانيوم على رغم الهجمات الأميركية والإسرائيلية، وترفض أي اتفاق لا يكرّس هذا الحق في وجه الضغوط الغربية.

محمد خواجوئي

طهران | على الرغم من “الأضرار الجادّة” التي ألحقتها الهجمات الإسرائيلية والأميركية بالمنشآت النووية الإيرانية – وفق إقرار سلطات البلد المُستهدَف -، لكن يبدو أن موقف طهران في هذا الخصوص، لم يبرح مكانه، إذ لا يزال المسؤولون الإيرانيون يشدّدون على حقّ بلادهم في تخصيب اليورانيوم، ويرفضون أيّ اتفاق يتجاهل هذا الحقّ.

ودعا وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، السبت، السفراء والدبلوماسيين الأجانب المُعتمدين لدى طهران، إلى الوزارة، ليعلن أمامهم موقف الجمهورية الإسلامية ما بعد حرب الأيام الـ12، ولا سيما من ملفّ المحادثات مع الولايات المتحدة، واصفاً الهجوم على إيران قبل يومين فقط من انطلاق الجولة السادسة من المفاوضات، بأنه “خيانة” للدبلوماسية. وقال: “شرط المفاوضات الجديدة بين طهران وواشنطن يتمثّل في ضمان عدم مهاجمة إيران”. وأضاف عراقجي أن أميركا بعثت برسائل في شأن استئناف المحادثات النووية، بيد أن بلاده “ليست في عجلة من أمرها لخوض مفاوضات غير مدروسة”.

وتابع: “حتى وإنْ جرت مفاوضات، فإن موضوعها سيقتصر على البرنامج النووي الإيراني فقط، والتأكّد من طبيعته السلمية، في مقابل رفع العقوبات. وأيّ موضوع آخر مِن مِثل القدرات العسكرية والدفاعية، لن يكون مُدرجاً في جدول أعمال المحادثات”. ولعلّ الأهم من ذلك تأكيده أنه “لن يكون لدينا أيّ اتفاق لا يتضمّن التخصيب”، على الرغم من مطالبة كل من أميركا وأوروبا وإسرائيل بصوت واحد، بتفكيك برنامج التخصيب في إيران، باعتبار أن استخداماته المزدوجة تشكّل توطئة وفرصة لتحرّك إيران في اتجاه تصنيع سلاح نووي، وهو ما رفضه عراقجي في كلمته.

وكانت إيران نجحت، في اتفاق عام 2015، في دفع مجموعة “5+1” إلى قبول اتفاق يتضّمن حقّها في التخصيب على أراضيها، وإنْ بنسبة محدودة. لكنّ إلحاحها، الآن، على مسألة التخصيب، وتحديداً بعد الحرب الأخيرة، ينطوي على معنًى ومغزًى مختلفَيْن؛ ذلك أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية ألحقت أضراراً بالمنشآت الخاصة بتخصيب اليورانيوم، ولا سيما منشأتَي “فوردو” و “نطنز”.

ويعني موقف إيران، هنا، أنها إمّا أن تريد إحياء المنشآت المستهدفة، أو التخصيب بصورة سرّية، وهو ما يمثّل خطّاً أحمر بالنسبة إلى أميركا وإسرائيل. وممّا قاله عراقجي في هذا الإطار، إن “البرنامج النووي الإيراني لن يُباد عن طريق القصف والهجوم العسكري… لا خيار سوى العودة إلى الدبلوماسية واعتماد مقاربة نابعة من المحادثات والاتفاق”.

يبدو أن الغموض لا يزال يكتنف وضع مخزونات اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%

وفي ضوء كل ما تقدّم، يبدو أن الغموض لا يزال يكتنف وضع مخزونات اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60%، والذي تزيد كميّته على 400 كيلوغرام. ومع أن واشنطن أكّدت أنها دمّرت هذا المخزون أثناء هجماتها التي استهدفت مُنشآت “نطنز” و”أصفهان” و”فوردو”، إلّا أن مسؤولاً إسرائيليّاً كبيراً قال حديثاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن إيران لم تتمكّن من نقل مخزونها من اليورانيوم المخصّب إلى موقع آخر قبل الهجوم الأميركي، لكن قد يكون في مقدورها الوصول إلى بعض منه. وتقول طهران، من جانبها، إنها أخرجت المخزون قبل الهجمات على منشآتها، وأحالت الإعلان عن حجم الخسائر التي لحقت بهذه المنشآت إلى “مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية” التي سترفع تقريرها النهائي إلى الحكومة.

وفي إطار الملف النووي أيضاً، قال موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طلب من إيران القبول باتفاق نووي مع الأميركيين، ينطوي على صفر تخصيب، كما أبلغ الحكومة الإسرائيلية بهذا الموقف الجديد، الذي كرّره أيضاً خلال حديثه، الأسبوع الماضي، إلى الرئيسَين الأميركي دونالد ترامب، والفرنسي إيمانويل ماكرون. لكنّ الخارجية الروسية رفضت مضمون التقرير، واصفةً ما ورد فيه بأنه “عمل قذر”. وقالت، في بيان، إن “الإعلام الغربي يواصل إظهار طبيعته الحقيقية كأداة في أيدي النخب السياسية والاستخبارات، وما يُسمّى بالدولة العميقة”.

ولم يعقّب البيت الأبيض، من جهته، بعد على تلك التقارير بصورة رسمية، فیما لم تبد السلطات الرسمية الإيرانية، إلى الآن، أيّ ردّ فعل تجاهها. لكنّ وكالة “تسنيم” القريبة من “الحرس الثوري”، قالت إن مصدراً مطّلعاً نفى صحّة ما ورد في “أكسيوس”.

وكان الكرملين، وكذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قالا، في اجتماع “بريكس”، الأسبوع الماضي، إن موسكو، وفي حال حصول اتفاق نووي بين طهران وواشنطن، “قادرة على إخراج اليورانيوم العالي التخصيب من إيران، ومن ثم تزويد إيران باليورانيوم المخصّب عند نسبة 3.67% لتوليد الكهرباء النووية، وكميات ضئيلة من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20% اللازمة لمفاعل طهران للبحوث وإنتاج النظائر النووية”، وهو ما يُشبه الدور الذي اضطلعت به روسيا في تنفيذ الاتفاق النووي لعام 2015.

وفي الوقت الذي تتباعد فيه مطالب إيران وأميركا في المفاوضات، يبدو أن موسكو تفكر في زيادة ثقلها السياسي من خلال لعب دور في هذا الملف وإيصال الطرفين إلى مرحلة الاتفاق.


تفاصیل محاولة اغتيال رؤساء السلطات الثلاث

كشفت وكالة “فارس” الإيرانية تفاصيل في شأن محاولة إسرائيل اغتيال عدد من المسؤولين الإيرانيين الكبار، من بينهم رؤساء السلطات الثلاث، بعد أيام على بدء العدوان على البلاد، بنفس سيناريو اغتيال السيد حسن نصرالله.

وفي التفاصيل التي أوردتها الوكالة، أمس، عُقدت جلسة المجلس الأعلى للأمن القومي، قبل ظهر الإثنين في الـ16 من حزيران، أي بعد 3 أيام على بدء العدوان، في الطبقات السفلية لأحد المباني، غرب العاصمة طهران. وتمّ تصميم نموذج الهجوم الإسرائيلي بطريقة مشابهة للهجوم الذي أدّى إلى استشهاد السيد نصرالله في لبنان، بحسب الوكالة.

وفي هذا الإطار، أوضحت “فارس” أن الاحتلال استهدف المداخل والمخارج في المبنى الذي كان الرؤساء والمسؤولون الإيرانيون موجودين فيه، عبر إطلاق 6 صواريخ أو قذائف، بهدف إغلاق طرق الهروب وقطع تدفّق الهواء. وبعد الانفجارات التي سبّبها الهجوم، انقطعت الكهرباء عن الطابق، إلا أنّ المسؤولين تمكّنوا من الخروج من المبنى، عبر منفذ طوارئ، كان أُعِدَّ مسبقاً.

وتعرّض بعض المسؤولين، ومن بينهم الرئيس مسعود بزشكيان، لإصابات طفيفة في القدم أثناء الخروج. ونظراً إلى دقة المعلومات التي امتلكتها إسرائيل في تنفيذ الهجوم، يتم حالياً التحقيق في احتمال وجود عنصر مخترق أو متعاون من الداخل، وفقاً لما ذكرته “فارس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب