عربي دولي

حرب شوارع في السويداء: «تغريبة» لليـوم الرابع

حرب شوارع في السويداء: «تغريبة» لليـوم الرابع

السويداء تواجه كارثة إنسانية وسط حصار ومعارك عنيفة، فيما يرفض النظام فتح ممرات آمنة تُتيح للمدنيين النجاة من القنص والانتهاكات والاقتلاع القسري.

تفاقمت معاناة المدنيين في مدينة السويداء وأريافها في جنوب سوريا، مع دخول الاشتباكات بين مجموعات محلّية من المحافظة من جهة، وعناصر وزارتي الداخلية والدفاع وأخرى عشائرية، من جهة ثانية، يومها الرابع. إذ تحوّل المشهد في وسط المدينة إلى حرب شوارع، ما ضيّق على حركة المدنيّين الراغبين في النزوح إلى أماكن آمنة، لا سيّما مع وقوع حالات قنص، وتسجيل عمليات تصفية وإعدام بحق عدد من أبناء المدينة.

ورغم أنّ دخول القوات التابعة لسلطة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى المدينة، وما أعقبه من اشتباكات عنيفة، أدّى إلى نزوح غالبية سكانها، إلا أنّ نحو ربع السكان قرّروا البقاء في المنازل على أمل عودة الحياة سريعاً إليها، فوجدوا أنفسهم محاصرين داخل منازلهم، مع انقطاع معظم الخدمات عنهم، وخروج مناشدات بتأمين ممرّات إنسانية آمنة لهم.

ويؤكّد أحد سكان مدينة السويداء، والذي عرّف عن نفسه باسم «أبو رأفت»، أنّ «الوضع كارثي داخل المدينة في ظل وجود القنّاصين وعصابات منفلتة تقوم بعمليات نهب وسرقة لممتلكات المدنيين»، مشيراً إلى أنّ «مَن تبقّى في المدينة غير قادر على الحركة فيها بسبب شدّة القنص والمعارك». ويدعو في تصريح إلى «الأخبار»، إلى «فتح ممرّات آمنة للمدنيين لتمكينهم من الخروج من منازلهم، والوصول إلى أماكن أكثر أماناً»، معرباً عن دهشته ممّا يحصل في مدينته، مؤكّداً أنه «رغم مرور 14 عاماً من الحرب في البلاد، لم نكن نتوقّع أن يحصل في السويداء ما يحصل هذه الأيام».

وبدورها، قالت مواطنة من المدينة عرّفت عن نفسها باسم «أم رامي»، لـ«الأخبار»، إنّ «الوضع مأساوي بعد انقطاع الكهرباء والمياه والخبز، وعدم وجود أي شيء من مقوّمات الحياة»، لافتة إلى أنّ «المواد الغذائية والخضار والطعام باتت حسرة على من تبقّى داخل المدينة». وطالبت بالتصدّي «لمرتكبي الانتهاكات بحق المدنيين العزّل»، معبّرة عن قلقها من أن «تطال هذه الانتهاكات والجرائم عائلتها لأنها اختارت البقاء في السويداء وعدم مغادرتها لها».

ناشطون يطالبون بفتح ممرّات آمنة للمدنيين من السويداء باتّجاه دمشق وريفها

ومع استمرار المعارك الدائرة في أحياء المدينة، تواصلت الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين، ومن بينها قتل طبيبين وثلاثة أخوة. وقال موقع «السويداء 24» المحلّي إنّ «بعض الأحياء في المدينة شهد اقتحامات للمنازل من قبل القوات العسكرية، وصدرت نداءات استغاثة من السكان، قرب الكنيسة على طريق قنوات، وحي مساكن الخضر، وأحياء أخرى»، مضيفاً أنّ «عمليات النهب والتعفيش لبيوت المدنيين في قرى ريف السويداء الغربي مستمرّة مع مغادرة سيارات بعد نهب ممتلكات المواطنين باتجاه اللجاة وريف درعا».

ولفت إلى «تفاقم الأزمة الإنسانية لمئات الآلاف من المدنيين، مع استمرار إغلاق كافة الطرق من دمشق إلى السويداء، وتعطّل العمل في مستشفى المدينة الذي بات شبه خارج عن الخدمة، فيما تناثرت الجثث في الشوارع، مع غياب التيار الكهربائي وانقطاع المياه وتوقّف شبكات الاتصالات عن مناطق واسعة نتيجة ذلك».

ومع اقتراب المعارك من ريف السويداء الجنوبي الذي فرّ في اتجاهه غالبية أهالي المدينة، بدأت موجات نزوح جديدة من هذه المناطق نحو أماكن أخرى حدودية مع الأردن والجولان المحتل، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية، في ظلّ استمرار انقطاع طريق دمشق – السويداء، والذي يعني انقطاع المحافظة عن كامل المحافظات السورية الأخرى. وافترش بعض المدنيين الفارّين والمقدّر عددهم بالآلاف، الأحراش الزراعية، إذ يفتقرون إلى كل سبل الإغاثة، ويعتمدون على ما يتمّ تقديمه من المجتمع المحلّي، ويتهدّدهم احتمال انقطاع كل سبل الحياة عنهم من كهرباء ومياه واتصالات، ونفاد الطحين والوقود المخزّن، ما يعني كارثة إنسانية محقّقة.

وعليه، طالب العديد من الناشطين بفتح ممرّات آمنة في اتجاه دمشق وريفها لتمكين العوائل من الفرار في اتّجاه أقاربها، أو فتح ممرّ إنساني مؤقّت نحو الأردن لإيواء الفارّين من المعارك، إلى حين تثبيت وقف إطلاق النار، وعودة الهدوء إلى المدينة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب