تحقيقات وتقارير

بضغط من روبيو ومشاورات سورية-سورية برّاك يكشف عن اتفاق مبدئي لإلقاء السلاح يشمل العشائر

بضغط من روبيو ومشاورات سورية-سورية برّاك يكشف عن اتفاق مبدئي لإلقاء السلاح يشمل العشائر

منهل باريش

أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار  بين سوريا وإسرائيل وأن تركيا والأردن وبعض الجيران تبنوا الاتفاق، داعياً الدروز والبدو والسنة إلى إلقاء أسلحتهم والعمل مع الأقليات الأخرى على بناء هوية سورية جديدة وموحدة في سلام وازدهار مع جيرانها.
وجاءت المفاوضات بعد اتصالات إقليمية ودولية قادها المبعوث الأمريكي الخاص عقب الأربعاء الدامي في سوريا وتصاعد الأزمة بين دمشق وتل أبيب وقصف الطيران الحربي الإسرائيلي مقر وزارة الدفاع السورية في ساحة الأمويين إضافة إلى قصف الساحة الخلفية في قصر الشعب حيث يقيم الرئيس الشرع.
وأفاد مصدران دبلوماسيان سوريان مطلعان على تفاصيل المفاوضات لـ «القدس العربي» أن وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو أجرى اتصالا بالقيادة السورية ليل الجمعة، بهدف «حثها على احتواء التوتر مع إسرائيل وخفض التصعيد «.
وفي تفاصيل عملية التفاوض، قال أحد المصادر إن «الجانب السوري لم يتواصل مع إسرائيل مباشرة، وكانت المفاوضات سورية ـ سورية، رغم الاتصالات الدولية والإقليمية، ولم يتدخل أي من الدول في نص الاتفاق»، وزاد أن العميد أحمد الدالاتي رئيس فرع الأمن الداخلي في محافظة السويداء هو من قاد الاتصالات المكثفة عبر الخط الساخن مع قائد حركة رجال الكرامة يحيى الحجار (ابو حسن) بمباركة شيوخ العقل الثلاثة.

نشر 2500 عنصر أمن

حسب معلومات حصلت عليها «القدس العربي» من قيادي في «رجال الكرامة»، فإنه يجري البحث من أجل «نشر 2500 عنصر من الأمن العام على الطرق الحيوية في المحافظة ومداخل المدن والبلدات، وعدم الانتشار داخل المدينة». وأضاف المصدر أن الأولوية الآن هي لدخول الأمن العام إلى الأطراف الغربية لمحافظة السويداء وتشكيل قوات فصل مع البدو بهدف خلق حالة من الهدوء وعودة المهجرين من البدو والدروز إلى قراهم وبلداتهم.
خلف الكواليس، وقبل إعلانه التوصل إلى اتفاق، كان المبعوث الأمريكي قد مهد الأجواء للوصول إلى تفاهمات محلية على ان تحظى بدعم إقليمي ودولي. حيث اشرك رئيس جهاز الاستخبارات التركية ابراهيم كالن، ووزراء خارجية عرب، ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر. كما اتصل بكل من الزعيم اللبناني وليد جنبلاط وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل موفق طريف، وهو الذي قاد حملة الضغط على حكومة نتنياهو من أجل التدخل لحماية الدروز في سوريا والتصعيد ضد الإدارة الانتقالية.
صباح السبت، أعلنت رئاسة الجمهورية السورية وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار وأهابت الجميع لفسح المجال أمام الدولة ومؤسساتها وقواتها لتطبيق هذا الوقف بمسؤولية، وبما يضمن تثبيت الاستقرار ووقف سفك الدماء، ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام الكامل ووقف كافة الأعمال القتالية فورا في جميع المناطق وحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون إي عوائق.
وفي هذا السياق، بدأت قوات الأمن بالانتشار في عدد من المناطق لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار وحذرت الرئاسة من أي خرق لهذا القرار معتبرة أن «أي خرق يعد انتهاكا صريحا للسيادة الوطنية وسيواجه بما يلزم من إجراءات قانونية وفقا للدستور والقوانين النافذة».

رد المرجعية الدرزية

بيان الرئاسة أعلاه، ردت عليه المرجعية الدينية في السويداء من خلال نشر تفاصيل الاتفاق المبدئي، وهو أقرب لخطوات حسن النوايا خلال الـ 48 ساعة.
وينص على نشر حواجز تابعة للأمن الداخلي خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، بهدف ضبط الاشتباك ومنع تسلل أي مجموعات إلى داخل المحافظة، وعدم دخول أي جهة إلى القرى الحدودية (الغربية في محافظة السويداء) لمدة 48 ساعة من وقت الاتفاق، وذلك لإتاحة الفرصة لانتشار القوى الأمنية من الطرف الآخر، تجنبًا لأي هجمات مباغتة، والسماح للراغبين من بدو السويداء بالخروج الآمن والمضمون مع ترفيق مؤمن من الفصائل «الدرزية» دون أي اعتراض أو إساءة من أي طرف، واعتماد معبرين إنسانيين للحالات الطارئة والإنسانية في بصرى الحرير وبصرى الشام.
وفي وقت سابق من صباح السبت، أعلنت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز موافقتها على مد يد العون للتعامل مع «كل إنسان شريف لإنهاء الاشتباكات الحالية ووقف إطلاق النار والاحتكام لصوت العقل والحكمة والإنسانية»، رافضا السلاح والفوضى، وجدد البيان دعوته للاحتكام للإنسانية.
وشدد على ان أبناء الطائفة المعروفية لم يكونوا «دعاة تفرقة أو فتنة، وإنما كانوا وعلى مدار التاريخ نبراساً في الإنسانية والتآخي وطالما كان الجبل ملجأ لكل مظلوم وخائف.»
في إسرائيل، عبر الشيخ موفق طريف عن ارتياحه للتوصل إلى اتفاق وقال في كلمة مصورة أمام حشد من أبناء طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، فجر السبت، أنه لن يسكت حتى «يحل السلام لسكان سوريا».
على الجهة الحكومية، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية في الحكومة السورية، صباح السبت، إن قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية تستعد لإعادة انتشارها في محافظة السويداء بهدف حماية المدنيين ووقف الفوضى، ولم يعط المتحدث تفاصيل إضافية عن خريطة الطريق أو بنود الاتفاق.
وبدأت مجموعات من مقاتلي العشائر السورية بالتوافد إلى محيط محافظة السويداء مساء الخميس، على خلفية ما تناقلته مصادر محلية عن هجوم لمقاتلين دروز على عشائر بدوية بريف السويداء.
وتزامنت الحشود مع إعلان تجمع العشائر السورية، مساء الخميس الماضي، «النفير العام» لدعم قبائل البدو في محافظة السويداء، ردًا على هجمات فصائل محلية من الطائفة الدرزية في المدينة على عشائر البدو.
وجاء في بيان تجمع العشائر الذي يمثل 14 عشيرة من بينها «العكيدات والموالي وشمر والنعيم وعنزة» أن العشائر تتابع بقلق «ما ترتكبه ميليشيا الهجري من جرائم قتل وإبادة بحق عشائر البدو في محافظة السويداء، وما خلفته من تهجير وتشريد للأهالي والأبرياء».
وطالب بيان تجمع العشائر الحكومة السورية المؤقتة بعدم التدخل، أو عرقلة تقدم مقاتلي العشائر «الذين قدموا من خارج المنطقة فزعة ونصرة لإخوتهم من عشائر البدو»، واعتبر تجمع العشائر أن أي إجراء تتخذه الحكومة ضد مقاتلي العشائر هو «انحياز صريح لمرتكبي الجرائم»، محذرة من أن أي مساس بمقاتلي العشائر المتوجهين للســـويداء سيــواجه بما وصفه البيان بـ «موقف قبلي موحد لا هوادة فيه».
وحسب ما تداوله ناشطون من فيديوهات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت حشود عسكرية كبيرة من مقاتلي العشائر على الأطراف الشمالية والغربية لمدينة السويداء، فيما قالت مصادر محلية من داخل المدينة إن مقاتلي العشائر دخلوا للقرى الغربية من المحافظة وهي قرى وبلدات نزح سكانها مع بدء التوترات في المدينة الأحد الفائت.
وتأتي هذه التطورات على خلفية هجوم لمجموعات مسلحة موالية لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، على عشائر من البدو في ريف السويداء، وبعد انسحاب القوات الحكومية من المدينة مساء الخميس.
بموازاة ذلك، شنت مسيرة إسرائيلية غارة على مقاتلي العشائر في محيط قرية ولغا بريف السويداء، في ظل تحليق الطيران المروحي والحربي الإسرائيلي في أجواء محافظتي درعا والسويداء، وكان المرصد قد رصد انتشار مجموعات مسلحة تابعة لعشائر البدو في كل من قرى وبلدات الدور والدويرة والطيرة وتعارة، داعيا كافة الأطراف لنبذ خطاب الكراهية والعنف.
وفي سياقٍ متصل، استهدفت مسيرة إسرائيلية ليل الخميس سيارة عسكرية تابعة للقوات الحكومية السورية على طريق ظهر الجبل في السويداء، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكثف الكيان الإسرائيلي من الهجمات الجوية على الأراضي السورية تزامنا مع الأحداث والتطورات الأخيرة التي تشهدها السويداء، والتي بدأت الأحد الماضي، وبلغت ذروتها الأربعاء مع دخول قوات الجيش التابع للحكومة السورية وقوات الأمن، حيث استهدف الطيران الإسرائيلي بأكثر من غارة قوات للأمن متمركزة في مقر قيادة شرطة السويداء ما تسبب في مقتل عدد من عناصر الأمن، واستهدفت غارة إسرائيلية دبابة لقوات الجيش السوري في محيط السويداء مساء الثلاثاء ما أسفر عن مقتل طاقمها وأكثر من 10 أشخاص في المنطقة بحسب ما تناقلته وسائل إعلام محلية، كما أظهرت مقاطع مصورة بثها الجيش الإسرائيلي غارات جوية استهدفت مقاتلين تابعين للحكومة السورية في محيط مدينة السويداء وريف درعا.
الغارات الإسرائيلية المتزامنة مع تطورات الأحداث في السويداء، لم تقتصر على محافظتي درعا والسويداء، فقد شن الطيران الحربي الإسرائيلي، ظهر الأربعاء، وتزامنًا مع سيطرة قوات الجيش والأمن التابعين للحكومة السورية على مدينة السويداء، عدة غارات على العاصمة دمشق، استهدفت مبنى وزارة الدفاع والأركان العامة، كما استهدفت غارة أخرى محيط القصر الجمهوري على سفح جبل قاسيون.
وبالتوازي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الغارات الجوية بمثابة رسائل تحذيرية لحكومة دمشق، مشيرا إلى أن الرسائل قد انتهت، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل وضرب القوات التي هاجمت الدروز بالسويداء حتى انسحابها، الأمر الذي يبدو انه ساهم في انسحاب القوات الحكومية من المحافظة ليل الخميس، حيث أعلنت الرئاسة السورية عن اتفاق مع الزعامة الدينية والروحية للدروز، يقضي بانسحاب القوات الحكومية من المدينة ك استجابة لوساطة عربية ودولية.
وجاء في بيان الرئاسة، الذي بثته وكالة الأنباء الرسمية سانا «في إطار حرص الدولة السورية على تجنيب البلاد مزيداً من التصعيد، واستجابةً للوساطة الأمريكية العربية، قررت القيادة السورية سحب القوات العسكرية من السويداء إلى مواقعها».
وحسب المصادر الدبلوماسية، فإن واشنطن تستشعر «نوايا إسرائيلية خطرة « تجاه القيادة السورية وأنها بعد القصف العنيف لدمشق والقصر الجمهوري، تدرك ان الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو قد تجر المنطقة إلى تصعيد أكثر خطورة، ومن الواضح ان التدخل الدبلوماسي اليومي وتقديم المشورة هدفه منع الأمور من الانزلاق إلى نقطة لا عودة بعدها.
في المقابل، فإن «الدعم الأمريكي لسوريا مهد بدوره في حال لم تدرك القيادة السورية كيفية إدارة شؤونها» بعد الاخفاقات المتتالية في إدارة الملفات السياسية والتوصل إلى توافقات مع المكونات المتعددة وأهمها الدروز والعلويين والأكراد.
كذلك، يسود تخوّف كبير من استخدام العشائر السورية وتجييشها ضد الدروز من قبل الإدارة الانتقالية وهو ما شكل صدمة في الأروقة وغرف صناعة القرار، لكونه يتجاوز الجغرافية السورية ويحفز القبائل في الدول المجاورة على التمرد والشعور بالقوة ضد الأنظمة السياسية المستقرة. وتفيد المصادر أن «ذلك اعتبر خطأ جسيماً وقعت به الإدارة السورية ربما من دون أن تدرك عواقبه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب