تحقيقات وتقارير

الإصرار الشيعي على تمرير قانون «الحشد» يثير غضب السنّة والأكراد

الإصرار الشيعي على تمرير قانون «الحشد» يثير غضب السنّة والأكراد

بغداد ـ : عبّرت قوى سياسية سنّية وكردية، عن اعتراضها على إصرار النواب الشيعية تمرير قانون «الحشد الشعبي» في مجلس النواب، وفيما حذّروا من محاولة منهجية لمنازعة رئيس مجلس النواب (البرلمان)، محمود المشهداني، في صلاحياته وفرض إرادات سياسية عليه، اتقدوا محاولات مصادرة أصوات الكتل السياسية.

وكان مجلس النواب العراقي، قد أنهى، مساء الأربعاء، القراءة الثانية لمشروع قانون «هيئة الحشد الشعبي»، بعدما قرر إدراجه في جدول أعمال الجلسة، بناءً على طلب نوابٍ شيعة، الأمر الذي دفع النواب السنّة والأكراد إلى الانسحاب من قاعة الجلسة، احتجاجاً على إدراج القانون.
وشهدت الجلسة التي عقدت برئاسة النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، إضافة عدد من الفقرات إلى جدول الأعمال. وكان أبرز الفقرات التي تمت إضافتها، إتمام القراءة الثانية لقانون «هيئة الحشد الشعبي» بكافة مواده، حيث وجه المندلاوي، لجنة الأمن والدفاع بأخذ ملاحظات النواب لغرض استكمال صياغة القانون وتهيئته للتصويت في أقرب جلسة مقبلة.
ووثق نواب حضروا الجلسة، مشاهد مصورة أثناء قراءة القانون، والحديث مع عدد من النواب «الشيعة» وهم يتحدثون عن وجوب إقرار القانون في هذه الدورة النيابية.
ومنحت اسقالة نواب «التيار الصدري» من البرلمان في حزيران/ يونيو 2022، زخماً إضافياً لنواب «الاطار التنسيقي» الشيعي، وقرّبتهم من تحقيق أغلبية نيابية، بالتعاون مع حفائهم، تتيح لهم تمرير القوانين.
على إثر ذلك، أعرب تحالف «سيادة الوطني – تشريع»، بزعامة خميس الخنجر، في بيان صحافي عن «قلقه البالغ من المخالفة القانونية الصريحة التي شهدتها جلسة مجلس النواب، إثر تعديل مفاجئ في جدول أعمال الجلسة دون اتفاق بين رئيس البرلمان ونائبيه، كما نص على ذلك النظام الداخلي لمجلس النواب، الأمر الذي أخل مجدداً بالالتزامات القانونية، ومبادئ الشراكة والتوافق المتعلقة بآلية تنظيم جدول أعمال المجلس».
وأضاف التحالف، أن «المادة 37 من النظام الداخلي لمجلس النواب، نصت على أن يُعد جدول أعمال المجلس من رئيس مجلس النواب مع نائبيه بالتنسيق مع رؤساء اللجان المختصة، ويتم إعلانه مسبقاً وقبل 48 ساعة من موعد الجلسة، ولا يجوز عرض أي موضوع لم يُدرج في جدول الأعمال إلا بعد عرضه على التصويت، ويجب أن يحظى بموافقة غالبية الأعضاء الحاضرين».
وأشار البيان، إلى أن «ثمة محاولة منهجية لمنازعة رئيس مجلس النواب في صلاحياته، والتدخل بشكل سافر فيها، وفرض إرادات قوى سياسية بعينها عليه».
وتابع البيان: «لقد بُني النظام السياسي في العراق على أساس توافقي، ولذلك فإن انسحاب النواب السنة والكرد من (جلسة الأربعاء) رفضاً لمحاولات البعض تمرير قوانين خلافية، يُعد سبباً كافياً لإيقاف أية محاولة لفرض الأمر الواقع في تشريع القوانين».
وختم التحالف بيانه بالقول: «يؤكد تحالفنا مجدداً ووفق القانون والنظام الداخلي النافذ في مجلس النواب، إنه ليس من صلاحية أحد أن يفرض على مجلس النواب إرادة سياسية، وأن يُفرض بشكل مرتجل أي موضوع لم يُدرج في جدول الأعمال، أو أن تُفرض قوانين بإرادة طرف واحد». أما كتلة «حراك الجيل الجديد» الكردية المعارضة، فاعتبرت ما شهدته جلسة البرلمان الأخيرة بأنه «سابقة خطيرة» ومؤشر واضح على تراجع احترام المؤسسة التشريعية ودورها الرقابي والتمثيلي، خصوصاً حينما لن يتحقَّق النصاب بشكل واضح».
وقالت الكتلة النيابية في بيان صحافي: «لقد شهدنا محاولة مصادرة واضحة لأصوات الكتل السياسية، من خلال إدارة الجلسة بطريقة تعسفية تتعمد الإغفال وعدم الاكتراث برأي الشركاء السياسيين»، مبينة إن «أسلوب تسيير الجلسات بهذه الطريقة لا يعبِّر عن روح الديمقراطية التي من المفترض أن تكون أساس عمل البرلمان، بل هو استغفال للرأي العام وللنواب أنفسهم، واستهانة واضحة بالعملية التشريعية برمّتها».
ورأت إن «تكرار مثل هذه التصرفات لا يمكن السكوت عنه، فهو مؤشر خطر على انحراف المسار النيابي نحو التفرد بالقرار وطمس التعددية السياسية»، لافتة إلى إن «احترام الكتل السياسية المختلفة هو احترام لإرادة الناخبين ولجوهر التمثيل النيابي، وأي تجاهل لهذا المبدأ يعدُّ نسفاً لأبسط قواعد العمل البرلماني».
وختمت بيانها بالقول: «نرفض بشكل قاطع هذا النهج، ونؤكد أن استمرار هذا المسار لن يؤدِّي إلا إلى المزيد من فقدان الثقة بالمؤسَّسة التشريعية، ونحمِّل الجهات المسؤولة عن إدارة الجلسات كامل المسؤولية عمّا قد يترتَّب على ذلك من تداعيات سياسية وتعطيل المجلس».
في الأثناء، عدّ النائب عن «الإطار التنسيقي»، معين الكاظمي، انسحاب النواب من المكونين السني والكردي خلال جلسة مجلس النواب الأخيرة، اعتراضًا على إدراج قانون «الحشد الشعبي» على جدول الأعمال، «لم يكن مبررًا بأي شكل».
وقال الكاظمي في تصريح لمواقع إخبارية مقربة من «الاطار»، إن «أعضاء المكون الأكبر في مجلس النواب كانت لهم رغبة واضحة في إدراج قانون الحشد الشعبي على جدول أعمال جلسة الأمس (الأول)، وهو ما تم بالفعل بناءً على طلب رسمي مدعوم بتواقيع نيابية».
وأضاف أن «الانسحاب الذي قام به أعضاء المكونين السني والكردي جاء تعبيرًا عن رفضهم لإدراج القانون، لكنه انسحاب غير مبرر، خصوصًا أن الحشد الشعبي لا يُمثل مكوناً بعينه، بل هو مؤسسة وطنية تابعة للدولة».
وأوضح النائب الكاظمي أن «هيئة الحشد الشعبي تحتاج إلى قانون يُنظّم عملها ويقنّن صلاحياتها، خاصة وأنها تخضع بالكامل لأوامر القائد العام للقوات المسلحة، وتؤدي واجباتها في إطار المنظومة الأمنية العراقية».
وأشار إلى أن «مناقشة هذا القانون أمر طبيعي ومشروع داخل البرلمان، ولا يجب التعامل معه بحساسية طائفية أو سياسية، لأنه يتعلق بمؤسسة ساهمت في حماية الدولة ومؤسساتها».
ولم يتبقى أمام تشريع قانون «الحشد الشعبي» سوى خطوة واحدة، تتمثل بالتصويت، في حال نجح النواب الشيعة في تحقيق النصاب القانوني للجلسة المقبلة.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب