«قسد» تتمترس خلف حدودها: لا تنازل عن المكتسبات

«قسد» تتمترس خلف حدودها: لا تنازل عن المكتسبات
بعد ما تسرّب عن لقاء مرتقب بين المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، في الأردن، عُقد هذا اللقاء بالفعل مساء أمس، في ظلّ ما يُحكى عن بعض التحوّلات في الموقف الأميركي من الشأن السوري، بعد أحداث السويداء الدامية، والتي يُخشى أميركياً من تكرارها في شمال شرق سوريا.
كذلك، فإنّ وجود وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في عمان، وإجرائه لقاء ضمّه إلى نظيره الأردني أيمن الصفدي، وبرّاك، يرجّح احتمال عقده لاجتماع ثلاثي بين الشيباني وبرّاك وعبدي، لتجنّب انتقال العنف إلى مناطق سيطرة «قسد».
وفي أعقاب لقاء عبدي – برّاك، أشار الأخير، عبر حسابه في موقع «إكس»، إلى أنه تمّت «مناقشة الوضع الراهن في سوريا، وضرورة اتّخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء والاستقرار»، مضيفاً أنهما بحثا «خطوات عملية نحو الاندماج في سوريا موحّدة، من أجل مستقبل سِلمي ومزدهر وشامل ومستقرّ لجميع السوريين». وأكّد أنّ «وقت الوحدة هو الآن»، لافتاً إلى «استمرار الشراكة مع قوات سوريا الديموقراطية في محاربة تنظيم داعش في سوريا».
وتعليقاً على تلك التطورات وما سبقها، يشير مصدر كردي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنه «ثبت، عبر تطوّرات الأحداث في السويداء، وحجم العنف الطائفي، أنّ الحلول العسكرية تؤدّي إلى شرخ اجتماعي، وتخلق بيئة للتقسيم»، داعياً «الحكومة السورية إلى التخلّي عن سياسة فرْض نفسها بالقوّة على المجتمعات السورية، لأنها لن تخلق سوريا مستقرّة على المدى القصير».
ويضيف إنّ «الإدارة الذاتية تؤمن بأنّ الحوار هو السبيل الوحيد لتفاهمات وطنية، تعزّز من فكرة بناء سوريا حرّة وديموقراطية لكلّ أبنائها»، لافتاً إلى أنّ «هذا يمكن أن يتحقّق عبر وضع خارطة طريق وإطلاق حوار وطني حقيقي من دون أيّ إقصاء، وتشكيل حكومة وطنية بتمثيل حقيقي وفعليّ لكلّ الأطراف الفاعلة».
ويرى المصدر أنه «يمكن للولايات المتحدة أن تكون راعية لهذه الخطوات، بما يضمن عدم انزلاق سوريا في صراعات مذهبية وطائفية»، مطالباً بـ«حظر خطاب الكراهية الذي بات شائعاً بطريقة غير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تحريض غير مسبوق على الاقتتال العرقي والطائفي والديني في المجتمع السوري».
«الذاتية»: «لن نسمح بفرض لغة واحدة، أو علم واحد، أو ثقافة واحدة على مكونات مناطقنا»
وكانت «الإدارة الذاتية» الكردية نظّمت فعاليات جماهيرية في مختلف مناطق سيطرتها، لمناسبة الذكرى الـ13 لتأسيسها، مع رفع شعارات تدعم «قسد»، وتدعو إلى الحفاظ على سلاحها في ظلّ التصعيد العسكري الذي تشهده البلاد، بعد أكثر من سبعة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد. وقالت عضو هيئة «الرئاسة المشتركة» لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي»، ورئيس لجنة «الإدارة الذاتية» للمفاوضات مع دمشق، فوزة يوسف، إنّ «تجربة الإدارة الذاتية أعادت إلى مكوّنات المنطقة ما سُلب منها من لغة وثقافة وحقّ في العيش بحرّية وسلام»، معتبرة أنّ «هذه الثورة هي ثورة أخوّة الشعوب والمرأة الحرّة».
وأضافت، في كلمة ألقتها في حفل جماهيري في مدينة الحسكة: «يريدون منّا التنازل عن جميع مكتسبات ثورة شمال وشرق سوريا، لكنّنا ضحّينا بآلاف الشهداء من أجل انتصارها»، لافتة إلى «محاربة «قسد» لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرّفة التي أرادت استسلامنا، ولكنّنا لن نستسلم، وسنواصل المقاومة حتى النهاية لنعيش بحرّية وننال كامل حقوقنا». وأردفت: «لن نسمح بفرض لغة واحدة، أو علم واحد، أو ثقافة واحدة على مكونات مناطقنا»، و«(إنّنا) كمكوّنات شمال وشرق سوريا مستعدّون لبناء سوريا تعدّدية تضمن الحقوق لجميع المكونات والطوائف»، وإنّ هذه المكونات «ستنضمّ إلى سوريا المستقبل بلغتها، وثقافتها، وهويّتها»، معتبرةً أنّ «سوريا لا تزال غير مستقرّة، والسبب يعود إلى الذهنية المركزية». كذلك، اعتبرت أنّ «ما يجري في السويداء حالياً، هو نتيجة لهذه الذهنية».
ولإنهاء حالة عدم الاستقرار، اقترحت «تطبيق مشروع الأمّة الديموقراطية. و»قسد» هي الضمان الحقيقي لسوريا ديموقراطية، وضمان لحماية كافة مكوّنات الشعب السوري»، مؤكّدةً أنه «إذا لم نحصل على حقوقنا الدستورية، فلن نقبل بأيّ شروط تُفرض علينا».
وفي خضمّ ذلك، تحدّث مصدر مطّلع إلى «الأخبار» عن «زيارة متوقّعة جديدة لوفد من الإدارة الذاتية و»قسد» إلى دمشق، نهاية هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل، لاستئناف مسار مفاوضات اتفاق العاشر من آذار الموقّع بين الشرع وعبدي، بضغط أميركي»، متوقّعاً أن «تكون هناك تفاهمات حول العديد من النقاط الخلافية بما يمنع الانزلاق نحو إجراءات عسكرية».
ورجّح المصدر أن «تكون هناك خطوات سياسية لاحتواء كافة المكونات الاجتماعية في البلاد، وإطلاق حوار وطني شامل، تنبثق منه قرارات وطنية، بضمانات دولية»، معتبراً أنّ «هذه هي الخريطة الوطنية الأسلم للقضاء على أيّ سيناريوات تصعيد، والتأسيس لمرحلة جديدة من الاستقرار وإعادة الإعمار».