لا يمكن تبرير تجريد الغرب للعرب من إنسانيتهم.. “حضارة مريضة وانحطاط أخلاقي”

لا يمكن تبرير تجريد الغرب للعرب من إنسانيتهم.. “حضارة مريضة وانحطاط أخلاقي”
رائد صالحة
واشنطن- في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، كتبت الكاتبة اللبنانية لينا منذر قائلة: “اسأل أي عربي عن أكثر ما كان مؤلمًا خلال العام الماضي، وسيقول لك: اكتشفنا مدى تجريدنا من إنسانيتنا إلى حدٍّ يجعل الاستمرار في الحياة كما كنا من قبل أمرًا مستحيلًا”. هذه الكلمات أثرت بعمق على المتابعين للقضية الفلسطينية والعربية، إذ عكست شعورًا متزايدًا بالإقصاء والتهميش على المستوى الإعلامي والسياسي الغربي.
وقالت الكاتبة الأمريكية كاتلين جونسون في مقال نشرته على منصتها الخاصة إن هذا الشعور بالعزلة والإقصاء لم يكن مجرد إحساس شخصي، بل انعكس على الأرض من خلال ممارسات يومية تكشف ازدواجية المعايير الغربية. فهي تشير إلى الغارات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، التي نُفذت حتى أثناء ما يُفترض أنه “وقف إطلاق نار”، كمثال على تجاهل حياة العرب المدنيين، مقابل تركيز الإعلام الغربي على حياة الإسرائيليين أو الغربيين إذا تعرّضوا لأي تهديد.
كما لاحظت جونسون أن المصطلحات الإعلامية نفسها تكشف هذا الانحياز: فالإسرائيليون المحتجزون لدى حركة حماس يوصفون بـ”الرهائن”، بينما يوصف الفلسطينيون الأبرياء المحتجزون لدى إسرائيل بـ”السجناء”، وكأن حياة العربي أقلّ قيمة.
وأضافت جونسون أن هذه الانتهاكات اليومية في فلسطين ولبنان، من القتل الجماعي إلى تقييد الحركة، تجري دون أثر يُذكر في الإعلام الغربي، فيما تتصدر الأخبار أحداث أقلّ أهمية إذا كان ضحاياها غربيين. وهذا الانفصال عن الواقع الإنساني العربي، بحسب جونسون، يعكس مرضًا عميقًا في المجتمعات الغربية، حيث يبدو أن قيمة الحياة مرتبطة بالانتماء الديني أو الوطني أكثر من كونها بشرية بحتة.
وتابعت جونسون في مقالها أن الإعلام الغربي والسياسيين يحيون بوقار ذكرى الهجمات التي طالت الغرب، بينما يتجاهلون الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الفلسطينيون، مؤكدين أن هذا الانفصال عن الواقع الإنساني العربي يعكس مرضًا عميقًا في المجتمعات الغربية. وأشارت إلى أن الخطاب السياسي اليميني الغربي يبرّر قتل المسلمين كفضيلة، ما يجعل الدفاع عن الغرب غير منطقي إذا كان هذا هو الوضع الأخلاقي للحضارة الغربية نفسها.
واختتمت جونسون المقال بالقول إن السنوات الماضية كشفت أن الغرب لا يحتاج إلى حماية فحسب، بل إلى إعادة تقييم جوهره وإنقاذ روحه، مشددة على أن الفارق بين الاهتمام بحياة الغربيين والعرب يبرهن على أزمة أخلاقية عميقة في الحضارة الغربية.
“القدس العربي”: