ناشطة أمريكية تروي تفاصيل إجراءات الحكومة المصرية لمنع مسيرة تضامنية مع غزة

ناشطة أمريكية تروي تفاصيل إجراءات الحكومة المصرية لمنع مسيرة تضامنية مع غزة
رائد صالحة
واشنطن- : روت الكاتبة والمترجمة الأمريكية نانسي روبرتس تفاصيل مشاركتها في وفد تضامني توجّه من الولايات المتحدة إلى مصر ضمن “المسيرة العالمية من أجل غزة”، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية أحبطت التحرك بالكامل، ومنعت وصول المشاركين إلى معبر رفح رغم طابعه السلمي والرمزي.
ووصفت روبرتس الحكومة المصرية بأنها “تنفذ بالكامل التوجيهات الإسرائيلية، ومتواطئة تمامًا في الجرائم المرتكبة ضد شعب غزة”، مضيفة أن السلطات “لم تكن لديها أدنى نية للسماح بأي شكل من أشكال التعبير التضامني”.
وقالت روبرتس إنها قررت الانضمام إلى المسيرة بعد أن شعرت بعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ أي خطوات حقيقية لوقف “الفظائع” التي ترتكبها إسرائيل بحق سكان القطاع. وأكدت أن مشاركتها جاءت لتبعث رسالة مفادها أن هناك من يقف إلى جانب الفلسطينيين حتى وإن خذلتهم حكومات العالم.
ورغم إدراكها المسبق لاحتمال أن تعرقل السلطات المصرية المسيرة، إلا أنها سافرت من شيكاغو إلى القاهرة، آملة بأن تسهم مشاركتها في رفع الوعي الدولي بالوضع الإنساني الكارثي في غزة.
عراقيل منذ البداية
في اليوم الأول من تواجدها في القاهرة (13 يونيو/ حزيران 2025)، تغيّرت خطة التنقل من العاصمة إلى مدينة العريش، ثم إلى معبر رفح، لأسباب لم تكن واضحة للمشاركين. وبدلًا من ذلك، طُلب من النشطاء التوجه على شكل مجموعات صغيرة إلى مدينة الإسماعيلية، حيث كانوا يأملون في إعادة تنظيم صفوفهم.
لكن الرحلة لم تكتمل. فقد تم توقيف المجموعة التي كانت تضمّ روبرتس عند أول نقطة تفتيش على الطريق، حيث مُنعوا من المرور وطُلب منهم تسليم جوازات سفرهم. وذكرت أن العشرات من النشطاء الأجانب كانوا محتجزين في نفس الموقع بانتظار استعادة جوازاتهم دون جدوى، وهو ما دفع البعض للتحذير من تسليم الوثائق خشية عدم استردادها.
ورغم محاولات العودة إلى القاهرة، قررت روبرتس البقاء تضامنًا مع العالقين. وخلال ساعات الانتظار، بدأ المشاركون بتنظيم وقفة رمزية رفعوا خلالها شعارات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي، وهتفوا من أجل “فلسطين الحرة”.
القمع والتنكيل
في مساء اليوم نفسه، بدأت قوات الأمن المصرية، بينها عناصر بملابس مدنية، بمهاجمة بعض المشاركين، واعتدت بالضرب على من بدوا كقياديين بينهم، وسحلت عددًا منهم، كما طرحت إحدى النساء أرضًا بعنف وسرقت هاتفها. ثم أُجبر المشاركون على الصعود إلى حافلات عسكرية مغلقة أشبه بحافلات نقل السجناء.
وروت روبرتس أن مجموعة من النساء الأمريكيات، وبينهن هي، تمكنّ من البقاء معًا داخل الحافلة، وانتظرن لساعات تحت حرارة خانقة، إلى أن أُعيدت جوازات السفر للبعض. وفي خطوة مفاجئة، لم يتم ترحيلهم مباشرة، بل تم إنزالهم من الحافلات على شكل مجموعات صغيرة في أنحاء متفرقة من القاهرة.
وأشارت روبرتس إلى أن التجربة كشفت لها طبيعة النظام المصري، ووصفت مصر بأنها “دولة بوليسية” تُجرّم حتى التجمعات الصغيرة لأغراض الاحتجاج، مشيرة إلى أن العديد من النشطاء تم ترحيلهم لاحقًا، وأن منسق المسيرة العالمي تعرّض للاعتقال والاختفاء المؤقت وسوء المعاملة.
نهاية مبكرة.. وبداية جديدة
مع تصاعد القمع، قرر كثير من المشاركين مغادرة مصر مبكرًا، بمن فيهم روبرتس، التي رفضت لاحقًا الانضمام إلى مبادرة بديلة توجهت إلى تونس للقاء قافلة “صمود” البرية القادمة من الحدود الغربية.
وفي ختام تقريرها، أكدت روبرتس أنها عادت إلى وطنها بعزيمة أكبر على مواصلة النضال بوسائل جديدة، مشيرة إلى دعمها لمبادرة تهدف إلى تجاوز شلل مجلس الأمن عبر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى إرسال قوات حفظ سلام إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وفرض مقاطعة شاملة لإسرائيل، وإعادة تفعيل لجنة مناهضة الفصل العنصري، وسحب عضوية إسرائيل من الأمم المتحدة، وفرض حظر دولي كامل عليها، مضيفة: “هذا أقل ما يمكننا فعله”.
نانسي روبرتس
ونانسي روبرتس مترجمة مستقلة من العربية إلى الإنكليزية ومحررة أدبية، أمضت أكثر من 25 عامًا في الشرق الأوسط، حيث عاشت في لبنان والكويت والأردن. حازت على جائزة أركنساس لترجمة الأدب العربي عام 1994 عن ترجمتها لرواية “بيروت 75” لغادة السمان، كما نالت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عام 2018 عن ترجمتها لعدد من أعمال الكاتب إبراهيم نصر الله، منها “أعراس غزة”.
وتشمل أعمالها الترجمية موضوعات متعددة كالسياسة، والاقتصاد، وقضايا البيئة، وحقوق الإنسان، والفكر الإسلامي، والتنمية الدولية. ومن أحدث ترجماتها الأدبية: أفنية العبيد (2022) لنجوى بن شتوان، وأشياء تركتها خلفي (2022) لشذى مصطفى، والليل يقول لإبراهيم الكوني (2022)، وتساقطن كالنجوم من السماء للشيخة حلاوة (2023)، والملهاة الفلسطينية لوليد سيف (قيد النشر). وتقيم روبرتس في ضواحي شيكاغو.
“القدس العربي”