تحقيقات وتقارير

“الإبادة الإنجابية” تستهدف القضاء على الفلسطينيين حاضرا ومستقبلا

“الإبادة الإنجابية” تستهدف القضاء على الفلسطينيين حاضرا ومستقبلا

وتشير الباحثة الغزية إلى أنه، إلى جانب عدد القتلى المرعب الذي سقط في الحرب، فقد استهدفت الإبادة الجماعية بشكلٍ مُعلَن قدرة غزة على الإنجاب.

في مقالٍ بعنوان “حرب إسرائيل على الإنجاب في غزة”، نُشر مؤخرًا باللغة الإنجليزية، تروي الناشطة والباحثة الغزية حلا شومان كيف دمّر صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية في كانون الأول/ ديسمبر 2023 مركز البسمة لأطفال الأنابيب، أكبر عيادة للخصوبة في غزة، وأباد 4000 جنينٍ وأكثر من 1000 قارورةٍ من الحيوانات المنوية والبويضات غير المخصبة، مشيرةً إلى ما قاله الدكتور بهاء الدين غلاييني، طبيب التوليد الذي أنشأ العيادة، في مقابلةٍ مع “رويترز” عن قتل “5000 روحٍ في ضربة واحدة”.

تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”

الضربة كانت عملًا انتقاميًا واستهدافًا ممنهجًا للصحة الإنجابية للمجتمع الفلسطيني، كما تقول الباحثة، وذلك بهدف القضاء على مستقبله، في سياق حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على غزة، التي تشمل – وفق التعريف العام للإبادة الجماعية – “فرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب” ضمن جماعة وطنية أو عرقية أو دينية معينة، وفي هذه الحالة الشعب الفلسطيني.

وتقول شومان إن قصف عيادة التلقيح الاصطناعي كان مثالًا مذهلًا، وإنها بصفتها ناشطة في مجال حقوق المرأة الفلسطينية من غزة، قد عاشت وشهدت كيف تستخدم إسرائيل الإبادة الجماعية في إطار استعماري استيطاني لا يسعى فقط إلى الهيمنة الإقليمية، ولكن إلى عملية المحو الديموغرافي التي بدأت قبل وقتٍ طويلٍ من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتروي الباحثة أنها، عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، وعقب الهجوم الإسرائيلي على غزة عامي 2008 و2009، بدأ الجنود الإسرائيليون بارتداء وتوزيع قمصانٍ تحمل صورة امرأة حامل في مرمى النيران، فوق شعار “طلقة واحدة تقتل اثنين”، مذكّرةً بالخوف الذي شعرت به النساء الحوامل اللواتي كانت تعرفهن، وما أثاره ذلك من تداعياتٍ لقصصٍ عن نساءٍ حوامل قُتلن أو أُصبن خلال لحظاتٍ أخرى من العنف الشديد في التاريخ الفلسطيني، من بداية النكبة عام 1948 إلى مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982، وهو ما يؤكّد، كما تقول، الطبيعة الإقصائية لهذا العنف، خاصةً أن إسرائيل لا تزال من بين الدول الرائدة في العالم في تقنيات الإنجاب المساعد، حيث تشجّع بنشاط معدلات المواليد بين المواطنين اليهود.

وتشير الباحثة الغزية إلى أنه، إلى جانب عدد القتلى المرعب الذي سقط في الحرب، فقد استهدفت الإبادة الجماعية بشكلٍ مُعلَن قدرة غزة على الإنجاب. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصبح الوضع كارثيًا، فبين تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر من ذلك العام، أنجبت حوالي 180 امرأة في غزة يوميًا، وواجهت 15% منهن على الأقل مضاعفات، وبحلول عام 2024، عانت أكثر من 177,000 امرأة من مخاطر صحية تهدد حياتهن، مثل الأمراض غير المعدية، والجوع، وسوء التغذية أثناء الحمل، وارتفع معدل الإجهاض بنسبة تصل إلى 300%.

كما تعرّضت وحدات العناية المركزة، كما تقول، للقصف المتكرر، وصارت تفتقر إلى الكهرباء اللازمة لتوفير حاضناتٍ للأطفال الخُدّج، وبالإضافة إلى التدمير الممنهج للمستشفيات وعيادات الخصوبة وأقسام الولادة، واصلت إسرائيل حصارها لغزة، بما في ذلك عرقلة وصول المساعدات والإمدادات الطبية اللازمة للصحة الإنجابية، حيث خضعت، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مئات النساء الفلسطينيات لعمليات ولادة قيصرية دون تخدير، بينما اضطر الأطباء إلى استئصال أرحامٍ سليمة تمامًا لحماية أرواحهن في ظل نقص المواد اللازمة للسيطرة على النزيف بعد الولادة، كما يشمل الحصار الإسرائيلي عرقلة المساعدات والإمدادات الطبية اللازمة للصحة الإنجابية.

وبهذا الصدد، حاور “عرب 48” الناشطة والباحثة حلا شومان، لإلقاء المزيد من الضوء حول الموضوع.

حلا شومان

“عرب 48”: استعملتِ مصطلح “الإبادة الإنجابية” بالتوازي مع الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في حربها على غزة، ما هو المقصود بذلك؟ وهل هناك استهداف إسرائيلي مباشر ومتعمد لهذا المجال أم أنه أحد نتائج حرب الإبادة؟

شومان: “الإبادة الإنجابية” هو مصطلح يُعبّر عن استخدام إسرائيل للصحة الإنجابية كسلاح، وهو أحد أشكال الإبادة في غزة، وقد عرّفته منظمات حقوق الإنسان في تقاريرها باستخدام إسرائيل للعنف الإنجابي، والعنف المبني على الجنس، والعنف الجنسي ضد الناس في فلسطين، خصوصًا في قطاع غزة، ويشمل استهداف الصحة الإنجابية وكل المقدّرات الإنجابية، بما فيها الأبنية والمستشفيات وغيرها، وهو يُعتبر أحد أشكال الإبادة في غزة.

ويتعدى هذا العنف كونه شكلًا من أشكال الإبادة فقط، ليتحوّل إلى إستراتيجية ثانية بجانب الإبادة، ونستطيع القول إن هناك “الإبادة العامة”، وهناك “الإبادة الإنجابية”، التي ليست ناتجة عنها فقط، بل هي استراتيجية مستقلة بحد ذاتها، لأن الإبادة تستهدف بالقتل الإنسان الموجود في الحاضر، بينما تستهدف “الإبادة الإنجابية” الإنسان الفلسطيني في الحاضر والمستقبل أيضًا، أي من هو موجود في حاضر اليوم، وما كان سينتج عن العملية الإنجابية لو أن هؤلاء الناس لم يتم قتلهم.

وقد قامت إسرائيل بقتل سبعة آلاف عائلة في قطاع غزة بشكل كامل، منها تسعمئة عائلة ممتدة، وهناك عائلات مُحي اسمها بالمرة من السجل المدني، مثل عائلة خورشيد، التي لم يبقَ منها أي نفر على قيد الحياة، كما أن هناك آلاف “العائلات النووية” قُتل أفرادها بالكامل، وهناك عائلات نجا منها طفل أو طفلان، وهذه العائلات، عدا عن أنها مُحيت من السجل المدني الحالي، فلن يكون لها استمرارية وأجيال قادمة في المستقبل.

المثال الثاني الذي أشرتُ إليه أيضًا، هو موضوع الاستهداف المباشر لمراكز وعيادات الإخصاب في غزة، بينها عيادة “البسمة” التي اشتهرت كثيرًا، وهي من أكبر العيادات للتعامل مع الخصوبة في غزة، والتي جرى قصفها في الأشهر الأولى من بداية الحرب، وكانت تحوي عندها أربعة آلاف بويضة مخصبة جاهزة للإنجاب جرى إبادتها، إضافة إلى ألف بويضة غير مخصبة وحيوانات منوية، أي تقريبًا خمسة آلاف عينة كانت ستصبح حيوات تم تدميرها بشكل كامل نتيجة ذاك القصف الإسرائيلي، وكما هو معروف فإن العائلات التي تلجأ إلى هكذا خيار هي العائلات غير القادرة على الإنجاب.

“عرب 48”: هذا يعني حرمان خمسة آلاف عائلة من التناسل واستمرارية الحياة والقضاء على وجودها المستقبلي؟

شومان: نعم، لقد جرى تدمير مستقبل آلاف العائلات التي كانت تلك وسيلتها الوحيدة للإنجاب، إضافة إلى تدمير المستشفى نفسه، وبالتالي القضاء على بنية وأجهزة ومقدّرات الإخصاب غير الطبيعي، وبالتالي فإن تلك العائلات ذاتها، إضافة إلى الآلاف غيرها، لن تستطيع الاستفادة من العيادة للقيام بعملية إخصاب جديدة.

أنا أتحدث عن ثلاثة أدوات تستخدمها إسرائيل في “الإبادة الإنجابية”، منها قتل الناس، الرجال والنساء والأطفال، أو قتل طرفي عملية الإنجاب، الأب والأم، أو قتل أحد طرفيها، الأب مثلًا، فتصبح الأم غير قادرة على الإنجاب. وأتحدث كذلك عن تأثير استهداف الصحة الإنجابية على عدّة أمور، فمثلًا تمنع إسرائيل دخول غالبية الأدوية والمضادات الحيوية والمواد التي تُستخدم في هذا المجال، وحتى عندما كانوا يسمحون بدخول شحنات مواد طبية، أخرجوا منها المضادات الحيوية، وهذا الأمر موثّق في تقارير دولية.

وبسبب توقّف هذه المواد منذ بداية الحرب، ازدادت المضاعفات التي تمر بها النساء خلال الحمل بشكل كبير، ومن بينها “الأنيميا” والإجهاض، حيث تفيد التقارير بازدياد نسبة الإجهاض منذ الأشهر الأولى للحرب بنسبة 300%، خصوصًا مع سوء التغذية غير الطبيعي، حيث تعاني غزة من أعلى معدلات سوء التغذية وأعلى نسبة جوعى في العالم.

إحدى المضاعفات مرّت بها صديقة لي عانت عشر سنوات من عدم القدرة على الإنجاب، وحملت قبل الحرب مباشرة، وكانت هي وعائلتها موجودين في مدينة غزة، وحاولوا عدم الخروج منها جنوبًا لأن حملها كان خطرًا ويتطلّب عدم الإعياء، وبقوا مكانهم مع تحرّك قليل من مكان لآخر حتى بعد الدخول البري، إلى أن أُخرجوا كل السكان وأُجبروا على التوجّه جنوبًا سيرًا على الأقدام نحو معبر “نيتسريم”، وكانت وقتها في الشهر الأخير من الحمل.

وعند حاجز معبر “نيتسريم”، صار الجنود يأمرون الناس بالوقوف والجلوس كنوع من التعذيب، فأخبرتهم بأنها حامل في الشهر الأخير ولا تستطيع بذل هذا الجهد، وعوضًا عن إعفائها من هذا العذاب، قامت المجندة الإسرائيلية بتوبيخها وأمرتها بمضاعفة عملية القيام والقعود خصيصًا، فكانت النتيجة أنها تعرّضت لنزيف، وعندما وصلت خان يونس كان حملها في وضع خطر، وأُصيبت بنزيف ما بعد الولادة، إضافة إلى أن الجنين وُلد مع مشاكل في الرئتين والقلب بسبب تأخّر الولادة.

وكما هو معروف، فإن نزيف ما بعد الولادة يُعالج باستعمال بعض المواد الخاصة بذلك، إلا أن عدم توفّر هذه المواد بسبب منعها من قبل إسرائيل اضطر الأطباء إلى استئصال رحم الأم المذكورة، كطريقة وحيدة لوقف النزيف، وبذلك تم القضاء على أي إمكانية لتجديد محاولة الإنجاب فيما إذا لم تُكتب الحياة لطفلها المريض.

هذه المشكلة صادفتها العديد من النساء الغزّيات، حيث أدّى عدم توفّر المواد الخاصة بوقف النزيف إلى اضطرار الأطباء لإزالة الرحم، مع كل ما يترتّب على ذلك من فقدان القدرة على الإنجاب مرة أخرى، لأن البديل هو النزف حتى الموت.

“عرب 48”: أنتِ تلمّحين تصريحًا بأن هناك استهدافًا للنساء بشكل خاص؟

شومان: صحيح، وقد أشرتُ إلى صورة المرأة الفلسطينية الحامل التي وُضعت هدفًا للرماية، وكُتب فوقها: “اثنان برصاصة واحدة”، وهي تعكس أيضًا ما يُسمّى بالهاجس الديموغرافي الإسرائيلي، وهو نفس المنطق الذي يوجّه “الإبادة الإنجابية”.

أما الأداة الثانية التي تستعملها إسرائيل في “الإبادة الإنجابية”، فهي اعتماد منطق “نقصفهم الآن ليموتوا بعد ذلك” أو “الموت المستمر”، وكما نعرف، فإن 90% من البيوت في غزة مدمّرة، و70% من البنية التحتية، وهذه بيئة مناسبة للموت وليست للحياة، وبذلك فإنهم يُدركون أن الموت لن يتوقّف حتى بعد وقف القصف ووقف الحرب أيضًا، لأنهم خلقوا بيئة صالحة للأمراض المعدية، فهناك أكثر من 100 ألف إصابة خطيرة لا يتمتّعون بالقدرة على مراجعة طبيب، ويفتقرون للمسكّنات، وهناك ازدحام شديد ورطوبة، وكلّها عوامل مشجّعة للأمراض المعدية، وبالتالي للموت، هذا ناهيك عن أصحاب الأمراض المزمنة مثل القلب والكلى والسرطانات، الذين قد يتعرّضون للموت بسبب انعدام الرعاية الطبية.

كذلك، فإن قطاع غزة أصبح يزدحم بكمّ كبير من الركام بسبب تدمير البيوت والبُنى التحتية، وهو ما يخلق مسبّبات لأمراض السرطان بفعل المواد السامة والمواد المتفجّرة التي يحتويها هذا الركام، إضافة إلى بقايا البشر الذين لم يتم إخراجهم بسبب عدم توفّر الآليات الضرورية لذلك، ولا شك أن استنشاق هذه الملوّثات يُشكّل خطرًا على صحة الجنين وصحة المرأة أكثر من غيرهما، وكان مدير الإغاثة الطبية قد أعلن منذ شهرين عن ارتفاع في التشوّهات الجنينية بنسبة 25% بسبب هذه البيئة الضارة.

“عرب 48”: هذا ناهيك عن المجاعة التي أوّل ما يكون ضحاياها الأطفال والنساء الحوامل، طبعًا؟

شومان: صحيح، الأطفال الرضّع بحاجة إلى حليب، والأمهات غير قادرات على الإرضاع لأنهن جائعات، وليس لديهن القدرة على إدرار الحليب، ذلك عدا عوامل الخوف والوضع النفسي التي تحول دون ذلك، ومن ناحية أخرى لا توجد مكملات غذائية للأطفال، وفي هذا السياق أعلنت “الأونروا” قبل شهر أن 40 ألف طفل معرّضون للموت بسبب رفض إسرائيل إدخال مغذّيات الأطفال.

كما أن المستشفيات تفتقر إلى الحليب العلاجي، وإلى مكملات التعامل مع سوء التغذية لدى الرضّع، ووسائل التعامل مع الأطفال الخدّج المولودين قبل أوانهم، وهناك نسبة عالية جدًا من الأطفال الخدّج أو الذين يُولدون بأوزان وأحجام غير مسبوقة تشهدها غزة بسبب سوء التغذية والأشياء الأخرى التي خلّفتها إسرائيل خلال الحرب.

هذا الوضع يؤدّي إلى أن يُولد الأطفال بشكل سيّئ إذا ما وُلدوا أصلًا، فمن الصعب أن يتمكّنوا من الحياة، لأن الظروف كلّها غير مناسبة، سواء المتعلّقة بالأمراض أو الموت جوعًا، وفي ظلّ هكذا ظروف، من يريد أن يُنجب طفلًا؟ علمًا أنه لا إرادة تحت الإبادة، سواء الإبادة العادية أو “الإبادة الإنجابية”، لأن من يريد الإنجاب لا تتوفّر له الظروف التي تُيسّر هذه العملية، ومن لا يريد لا تتوفّر له وسائل منعها.

“عرب 48”: هناك معطيات عن انخفاض حاد في نسبة الخصوبة في قطاع غزة؟

شومان: لا أعرف إذا كانت هناك تقارير تشير إلى نسبة الخصوبة، ولكن نسبة المواليد انخفضت بنسبة 30% مقارنة مع فترة سابقة، إضافة إلى زيادة في أعداد الأطفال الذين يُولدون ميتين أو مع تشوّهات وأمراض.

أما النوع الثالث أو الأداة الثالثة التي تستعملها إسرائيل في “الإبادة الإنجابية”، فهي “العنف الجنسي”، ومعروف أن العنف الجنسي في فلسطين ليس جديدًا، كما أن قتل النساء الحوامل وبقر بطونهن يمتد إلى دير ياسين، لكن المميّز في حرب الإبادة تلك أن العنف الجنسي يُرتكب ضد الرجال أكثر من النساء.

“عرب 48”: تقصدين معتقل “سديه تيمان” أم أن الأمر أكثر شيوعًا؟

شومان: الأمر أكثر شيوعًا، وهو يحدث عند الحواجز وفي المدارس والمستشفيات. هناك العديد من التقارير، أحدها يتحدث عن طفلات جرى الاعتداء عليهن عند الحواجز؛ واحدة أُمرت بأن تُعرّي رجلًا بشكل كامل أمام الجميع كنوع من الإهانة له ولها، وهناك طفلات تعرّضن للتحرّش أمام أهاليهن، وهناك شهادات عن تصوير والدة بعملية قيصرية من قبل الجنود وهي عارية تمامًا، هذا ناهيك عن الرجل الذي جرى اغتصابه من قبل عشرة جنود في “سديه تيمان”.

آثار هذا العنف جسدية ونفسية على الجنسين، وخاصة الرجال الذين يُمارَس العنف الجنسي ضدهم من قبل مجنّدات إسرائيليات بشكل خاص، ويُراد من وراء ذلك المسّ بكرامتهم ورجولتهم، والتسبّب لهم بـ”تراوما” تحول دون عودتهم إلى ممارسة علاقاتهم العاطفية الإنسانية بشكل طبيعي، تحقيقًا لغايات “الإبادة الإنجابية”.


حلا شومان: ناشطة سياسية واجتماعية، وباحثة دكتوراه في السياسة وعلم الاجتماع في جامعة نيوكاسل في بريطانيا. درست وعملت في الأصل كطبيبة أسنان في غزة، لكنها غيّرت مسارها المهني استجابةً للواقع السياسي المتصاعد في فلسطين، وكرّست عملها لتوثيق وتحليل العنف المنهجي وتأثيره على المجتمعات الفلسطينية. غادرت غزة قبل أيام فقط من بدء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في عام 2023.

يحمل بحثها في الدكتوراه عنوان: “النساء الفلسطينيات عند تقاطع العنف الاستعماري والأبوي: تدخل تعاوني وتحرّري من الاستعمار (2022/2023)”، ويتناول كيفية تعامل النساء الفلسطينيات مع بُنى القهر المتداخلة ويقمن ضد العنف الأسري من خلال بناء مجتمعات محلية تشاركية لمواجهته.

تُعرّف حلا في أعمالها الأخيرة بمفهوم “الإبادة الإنجابية” (reprocide)، أي استهداف الصحة الإنجابية كسلاح للإبادة الجماعية، وقد طوّرته من خلال تحليل شهادات حيّة من غزة. من خلال كتاباتها ونشاطها، تُسهم حلا في تعميق الفهم النقدي للاستعمار الاستيطاني، والعنف البنيوي، ومحو حاضر ومستقبل الفلسطينيين.

عرب 48

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب