كلفة الحرب الأميركية على إيران تتكشّف: إنفاق يُثقل الخزينة

كلفة الحرب الأميركية على إيران تتكشّف: إنفاق يُثقل الخزينة
تتصاعد وتيرة التهديدات الأميركية – الإسرائيلية، لإيران، بعد مرور ثلاثة أشهر على نهاية حرب الـ12 يوماً في حزيران 2025، فيما يواصل المسؤولون في تل أبيب رفع منسوب التوتر من خلال التوعد بقصف طهران مجدّداً. وعلى ضفة ثالثة، تواصل واشنطن إطلاق إشارات متناقضة: مرة بالتهديد، ومرة من خلال المطالبة بالعودة إلى المفاوضات.
وعلى وقع إعادة تفعيل العقوبات الدولية على إيران، واحتمال عودة المواجهة العسكرية مع إسرائيل، نشر «مشروع تكاليف الحرب» التابع لمدرسة «واتسون» للشؤون الدولية والعامة في جامعة «براون» الأميركية، تقديراته الأولية لتكلفة العملية العسكرية التي نفّذتها الولايات المتحدة ضدّ إيران في حزيران 2025، والتي أُطلق عليها اسم «مطرقة منتصف الليل».
«فاتورة» واشنطن الثقيلة في «مطرقة منتصف الليل»
التقرير، يُظهر أن الحرب المقتضبة كلّفت واشنطن ما بين ملياري دولار و2.25 مليار دولار في السنة المالية 2025، من دون احتساب النفقات غير المباشرة والبعيدة المدى.
وتشير الأرقام إلى أن التحضيرات اللوجستية وحدها استنزفت ما بين 1.25 و1.5 مليون دولار لإجلاء 500 وحدة أميركية من المنطقة، فيما بلغت تكلفة نقل 40 طائرة من قاعدة «العديد» في قطر نحو 3 إلى 3.36 ملايين دولار. أما تشغيل قاذفات «الشبح B2»، فكلّف ما بين 31.7 و37.8 مليون دولار، يُضاف إليها استهلاك تشغيلي قُدّر بما بين 44 و70.5 مليون دولار.
وفي ما يتعلق بالذخائر، بلغ مجموع إنفاق واشنطن على 14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز «MOP» ما بين 49 و70 مليون دولار، إلى جانب قنابل موجّهة تُستخدم في طائرات «F-35» و«F-22» بقيمة إجمالية قاربت 5 ملايين دولار.
كما استخدمت القوات الأميركية 24 صاروخ «توماهوك» بلغت تكلفتها الإجمالية ما بين 36 و45.6 مليون دولار. ووفق التقرير، شكّلت 125 طلعة جوية إضافية (بين مقاتلات وناقلات وقود وطائرات استطلاع) عبئاً مالياً رَاوح بين 12 و14 مليون دولار للطلعة الواحدة.
الإنفاق الدفاعي لم يقتصر على العمليات الهجومية، إذ خصّصت الولايات المتحدة ما بين 1.8 و1.95 مليار دولار لتأمين الحماية الجوية لإسرائيل من الردّ الإيراني، من خلال نشر 150 صاروخ «ثاد» بتكلفة تراوِح بين 12 و13 مليون دولار للصاروخ الواحد. كما تم تعزيز الدفاعات في قاعدة العديد باستخدام 14 صاروخ «باتريوت PAC-3 MSE» بقيمة إجمالية بلغت نحو 57.4 مليون دولار.
ويشير التقرير إلى أن هذه الأرقام تمثّل التكاليف المباشرة المسجّلة في الميزانية، ولا تشمل المصاريف المرتبطة بالبحث والتطوير، أو المساعدات اللاحقة للحلفاء في المنطقة، أو التعويضات الدبلوماسية والسياسية.
التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، في الفترة الأخيرة، لم تكن ممكنة، من دون ضوء أخضر أميركي. ولكنّ اللافت، لا يمكن القول الآن إن إدارة ترامب تريد تجنّب الانجرار إلى حرب إقليمية واسعة. فالرئيس الأميركي منذ تولّيه الرئاسة، يسعى إلى إشعال المنطقة ورفع منسوب التوترات فيها، وهذا يبدأ من قطاع غزة ولا ينتهي في لبنان وسوريا وإيران.
توسعة لافتة في قاعدة «ثاد» داخل الأراضي المحتلة
تشهد المنطقة تحركات عسكرية أميركية متسارعة توحي باستعدادات محتملة لعمل عسكري كبير، في ظل تكثيف النشاط الجوي والاستخباراتي.

ويعمل الجيش الأميركي على توسيع قاعدة «ثاد» الدفاعية الصاروخية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بإضافة خمس منصات إطلاق جديدة إلى ست منصات قائمة حالياً. وبحسب مصادر أميركية، فإن القاعدة باتت قادرة على استيعاب ثلاث بطاريات «ثاد» دفعة واحدة، أي ما يعادل نحو 38% من إجمالي منظومة «ثاد» التي تمتلكها واشنطن.
وتمتلك الولايات المتحدة 8 بطاريات تشغيلية من هذه المنظومة، وقد أشارت تقارير إعلامية أميركية إلى أن نحو 25% من صواريخ «ثاد» المعترضة قد استُخدمت للدفاع عن إسرائيل في مواجهة موجات الصواريخ الإيرانية خلال الحرب التي دامت 12 يوماً.
وأظهرت هذه الأرقام أن منظومة «ثاد» وحدها نفّذت قرابة 50% من عمليات الاعتراض الأميركية – الإسرائيلية لصواريخ «MRBM» الإيرانية.
انسحابات جزئية وتحريك ناقلات ومقاتلات
في موازاة ذلك، غادرت أربع ناقلات تابعة لسلاح الجو الأميركي قاعدة «العديد» الجوية في قطر، بالتزامن مع مغادرة ناقلتين من قاعدة «خليج سودا»، ما يرجّح حدوث إعادة تموضع لبعض الطائرات المقاتلة نحو الداخل الأميركي.
وفي السياق نفسه، جرى نقل نحو 12 طائرة للتزوّد بالوقود من طراز «KC-135R/T» و«KC-46A» من قواعد أميركية إلى بريطانيا، قبل أن تصل إلى «العديد»، تمهيداً لنقل مقاتلات إضافية إلى المنطقة.

بالتوازي مع ذلك، دخلت حاملة الطائرات الأميركية «USS Gerald R. Ford» ومجموعتها الضاربة إلى البحر الأبيض المتوسط.
طائرات استطلاع أميركية تكثّف تحليقها
في مؤشر آخر إلى التصعيد، رُصدت طائرة استطلاع أميركية من طراز «MQ-4C»- «ترايتون» تابعة للبحرية الأميركية، وهي تحلّق فوق الخليج بالقرب من مضيق هرمز، انطلاقاً من قاعدة «الظفرة» الجوية في الإمارات.
وتُعد هذه الطائرة واحدة من أبرز الطائرات المخصّصة لجمع المعلومات الاستخباراتية، كونها قادرة على التحليق لساعات طويلة، والتقاط صور دقيقة دون الحاجة إلى طيارين على متنها. ورغم أن هذه المهمات تدخل ضمن النمط الاعتيادي للمراقبة الأميركية للتحركات الإيرانية، إلا أن اقتراب الطائرات من الأجواء الإيرانية ينطوي على مخاطر تصعيد.
وحذّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أن بلاده ستقصف إيران ثانية إذا أعادت تشغيل برنامجها النووي. وقال أمام حشد من قوات البحرية، مساء الأحد، «لن ننتظر طويلاً هذه المرة»، مذكّراً بالهجمات التي طاولت منشآت نووية إيرانية في 22 حزيران الماضي.
الاخبار اللبنانية





