من 11 سبتمبر إلى 7 أكتوبر: اليد ذاتها والمخطط مستمر بين الإبادة الجماعية وتمزيق الأوطان بقلم مروان سلطان -فلسطين –
بقلم مروان سلطان -فلسطين -

من 11 سبتمبر إلى 7 أكتوبر: اليد ذاتها والمخطط مستمر بين الإبادة الجماعية وتمزيق الأوطان
بقلم مروان سلطان -فلسطين –
26-07-2025
في كل يوم، وفي كل ساعة، يزداد يقيني بأن الأيدي الخفية التي خططت لهجمات الحادي عشر من سبتمبر– وإن كانت قد نُفذت من قبل حركة طالبان الأفغانية في الولايات المتحدة– هي ذاتها العقلية التي خططت لهجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس.
كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 حدثًا مفصليًا، اختلف حوله النقاد والساسة، وكثرت فيه التأويلات. فقد استهدفت الهجمات برجي التجارة العالمي في قلب نيويورك، وأسفرت عن مقتل الآلاف، ولا تزال ملابساتها غامضة حتى اليوم. وكان هذا الحدث بمثابة الذريعة التي استخدمتها الولايات المتحدة لاحتلال أفغانستان والعراق، وشن ما سُمي بـ”الحرب على الإرهاب” حول العالم، والتي أسفرت عن مقتل الملايين وتدمير دول بأكملها تحت هذه المظلة.
كثير من المحللين والسياسيين أشاروا إلى أن من خطط لهجمات برجي التجارة أطراف لها مصلحة في ضرب العالم الإسلامي، وتصوير الإسلام كعدو للغرب، خصوصًا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وغداة الحادث، الذي وصفه الرئيس الأميركي حينها، جورج دبليو بوش، بـ”الهجمات الإرهابية”، وتوعّد بمعاقبة منفذيها، أشار موقع “إنفورميشن تايمز” الأميركي بأصابع الاتهام إلى اليهود، معلنًا مسؤوليتهم عن الهجوم، وفق ما نقلته صحيفة “الإندبندنت”. كما تحدّث التقرير عن إغفال التحقيقات للأدلة، وغياب حطام الطائرة، وانفجار من الداخل، وحتى نبوءات العرّافين، مما فتح باب التأويل على مصراعيه. (أحمد عبدالكريم، الأحد 10 سبتمبر 2023)
واليوم، أجد نفسي مقتنعًا تمامًا بأن أحداث السابع من أكتوبر، التي نُسبت إلى حركة حماس في غلاف غزة– وإن كانت الحركة قد نفذتها– فإن هناك أيدٍ خفية كانت وراء التخطيط لها.
– لماذا أقول ذلك؟ لأسباب عديدة، أبرزها:
1. لدى إسرائيل مصلحة استراتيجية كبرى في القضاء على الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة، وهو ما يتطلب مبررًا قويًا أمام الرأي العام العالمي، وقد وفره الهجوم الذي نفذته حركة حماس.
2. شاهدت فيديو قديمًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتحدث فيه إلى الجمهور الإسرائيلي قبل سنوات من تنفيذ الهجوم، ويشرح فيه بالتفصيل سيناريو لهجوم مزمع تنفذه حماس على مناطق في غلاف غزة، بهدف خطف رهائن إسرائيليين لاستخدامهم في تبادل الأسرى، مشيرًا تحديدًا إلى استخدام الطائرات الشراعية من قبل قوات النخبة. وهذا السيناريو يُذكّرني بما جرى في 11 سبتمبر، حيث كُتب السيناريو مسبقًا من قبل أحد الكتاب الأميركيين، وربما استلهم المنفذون منه. السيناريو ذاته تكرر في هجوم السابع من أكتوبر، وتحدث عنه نتنياهو بتفاصيله، ثم نُفذ كما هو.
الأهم في هذا المخطط من وجهة النظر الإسرائيلية، هو ما أعقب الهجوم: حرب إبادة على قطاع غزة، خلفت دمارًا واسعًا، ومجاعة كارثية، في سياق حرب طالت المدنيين بشكل مباشر. وقد وفّرت هذه الحرب ذريعة قوية لإسرائيل لإسقاط خيار إقامة دولة فلسطينية، وتكريس رواية أن الفلسطينيين “إرهابيون”، وأن السابع من أكتوبر لا يزال حيًا في الذاكرة الإسرائيلية. ويبدو أن هذا المشروع حظي بدعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وهنا، يدفعني السياق للتساؤل: ماذا عن جريمة الهولوكوست؟ ومن كان يقف خلفها؟ أليست هي الذريعة التي استُخدمت لتهجير اليهود من ألمانيا إلى فلسطين؟ مشاريع بهذا الحجم لا تُنفذ إلا عبر ذرائع قاهرة. واليوم، يُهجَّر الفلسطينيون قسرًا، رغم كل ما يُقال عن “حقهم في العيش بكرامة وحرية”، بينما المقصود فعليًا هو كرامة في المنافي، بعد تهجيرهم إلى دول أخرى. نعم، هناك جريمة، لكن هناك أيضًا من يقف وراءها.
أما المشروع الذي أقدمت عليه حركة حماس، فبرغم أنني أفهم جيدًا النوايا والدوافع خلف الهجوم، إلا أن المؤشرات كلها تدل على أن المخطط كان مُعدًا سلفًا. لم يُطلق إنذار واحد، رغم أن مناطق الغلاف مزودة بأنظمة إنذار وإطلاق نار تلقائي. ويبدو أن هناك من عطّل النظام عمدًا. الأغرب أن فرقة “غزة” تم سحبها من الغلاف إلى الضفة الغربية عشية الهجوم، وأن نتنياهو– الذي تشير المعلومات إلى علمه المسبق بالهجوم– لم يتخذ أي إجراء لمنعه.
بل إن من قُتل من الإسرائيليين في الهجوم، قُتل على يد الطائرات الإسرائيلية التي أطلقت النار عشوائيًا، بحسب تحقيق رسمي من الشرطة الإسرائيلية. بعدها، تفجرت “عبقرية” نتنياهو برد عسكري جسّد حرب إبادة، من القصف إلى التجويع، ولا يزال يرفض حتى اليوم تشكيل لجنة تحقيق رسمية لمساءلته.
نعم، سيناريو 11 سبتمبر كان حاضرًا في هجوم السابع من أكتوبر، كوسيلة لإسقاط مشروع الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، وتنفيذ مشروع التهجير والقتل الجماعي، لتصفية الوجود الديموغرافي الفلسطيني الذي تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا، سواء في غزة، أو الضفة الغربية، أو داخل فلسطين المحتلة.
اليوم، يُعاد إنتاج النكبة، في السابع من أكتوبر، وفي عبقرية الجريمة المنتظرة.